18 ديسمبر، 2024 10:58 م

المستبد المنوَّر!!

المستبد المنوَّر!!

يتحدثون عن المستبد المستنير أو المنوَّر , وكأن الشخص الذي تمكن منه الإستبداد يمتلك عقلا بموجبه يقرر , فالإستبداد حالة إنفعالية عاطفية غابية الطباع معبرة عن طاقات أمارة السوء الفاعلة في الشخص , ومستعبدة للعقل ومسخرته لتحقيق نوازعها ومراميها , فلا يمكن لسدود العواطف والإنفعالات أن تسمح لنفاذ شعاع نور من خلالها , لأنها صلدة صماء.
ولا يختلف مستبد عن آخر إلا بكيفيات التعبير عن نوازعه , وما تأجج فيه من تطلعات محمومة بالسوء والبغضاء والكراهية لكل موجود حتى نفسه هو!!
فالمستبد عدواني على الذات والموضوع , وينتقم من نفسه ومن غيره , ولهذا معظمهم تكون نهاياتهم قاسية ومشينة , لأنهم يبطشون.
وليس من الموضوعية أن نقرن التنوير بالإستبداد , لأن المستبد يسخّر كل شيئ لتحقيق رغباته , ولا يعنيه الآخر أيا كان , ويمكن القول أن الإستبداد يمثل غرائز وإضطرابات الشخصية العدوانية أو السايكوباثية , التي تمتهن الإجرام والآثام وتسوّغه بما تستطيعه وتقدر عليه.
والمستبدون يمتطون الأديان والأقلام , فتجد وراء كل مستبد , جمهرة عمائم وطوابير أقلام , ومواقع إعلام تروّج وتضلل وتتعاطى على أفكها مالا وفيرا.
الإستبداد يدين بوجوب الطاعة والخنوع والخضوع , وأي فرد أو مجموعة لا تحمد ربها على بقائها تستنشق الهواء , توصف بما يبرر محقها الفوري , وما أكثر تخريجات الإجتثاث والأمر بالإعدام.
فهل وجدتم مستبدا لم يسفك دما , ويتباهى بالمظالم والقدرة على سحق الإنسان؟
وهل وجدتم حيوانا مفترسا أو طيرا جارحا , تنوّر بالرأفة والرحمة , وأبى أن يفترس؟!!
علينا أن نتحدث عن القائد الوطني الذي يستوعب هموم المواطنين , ويجاهد لصناعة إرادة فريق العمل الواحد , القادر على النهوض بالبلاد والعباد , وتحريرها من أصفاد النكوص وأنواع الإستعباد , وبواسطته تستيقظ العقول وتتواءم النفوس , وتلد الأوطان إرادتها ويظهر جوهرها المكنون.
فهل لنا أن ننير ونثير ونستنير؟!!