التجربة تؤكد علی الحاجة الضروریة الى تشكيل حكومة تكنوقراط واختيار شخصيات نزيهة وكفوءة، بعيدا عن المحاصصة والفساد، وتلتزم ببرنامج اصلاحي وبسقوف زمنية للتنفيذ ویوضع الشخص المناسب في المكان المناسب، بما يعطي اشارات واضحة وملموسة الى توفر الارادة الصادقة للسير على طريق التغيير والاصلاح الحقيقي و لا تحتمل اجراءات ترقيعية وتسويفية واغداق للوعود المجردة، وانما بالتصدي بحزم للفساد وبسبل وخطط حقیقیة وباستنفار کل قوی الخیر بعد تغییر الوجوه المسبب وابعادها عن طریق التصحیح ، وتلبية حاجات الناس الآنية، من الطبيعي ان يحمل المتظاهرون الشعارات المطلبیة بهذه الحقوق بموجب الأمر المرقم 19 المؤرخ في 10 تموز 2004 الخاص بحرية التجمع انسجاماً مع حق الشعب العراقي في حرية التعبير وحقهم في التظاهر والتجمع السلمي، وعلى اعتبار أن الحظر المفروض على حرية التجمع والتظاهر لا ينسجم مع حقوق الإنسان، ولا ينسجم مع التزامات العراق مع هذه الحقوق، إلا أن هذا الحق يعد من بين الحقوق والحريات الأساسية التي أولاها الدستور التي من واجب الحكومة توفيرها دون تاخیر ومعالجة ما تراكم من مشاكل وما علق من ملفات وفك اسر المشاریع المتوقفة لتأمين الحياة الحرة الكريمة والآمنة للشعب . کما ان حق التظاهر تعبير عن حالة رفض واحتجاج على موقف أو قرار، أو المطالبة بحق يراه المتظاهر إصلاحاً للحال، ومهما كان الغرض من التظاهر سياسياً أو اجتماعياً أو اقتصادياً، فقد عرفها مشروع القانون بأنها تجمّع عدد غير محدود من المواطنين للتعبير عن آرائهم أو المطالبة بحقوقهم التي كفلها القانون والتي تنظم وتسير في الطرقات والساحات العامة لا بعاد المتظاهرین من المس بالحقوق العامة ونحن هنا فی الوقت الذی نرفض وندين استخدام العنف ضد المواطنين المتظاهرين لان الحقيقة من هذه التظاهرات بأنها ولدت من رحم المعاناة التي طالت امدها ،اننا فی نفس الوقت نرفض وبشدة وندين الاعتداء وتجاوز على المؤسسات العامة والخاصة ومقار الاحزاب ودور سكن المسئولین حتی وان کانوا شرکاء فی وصول الامور الی هذا الحد من التدني بل علینا ان نحیلهم الی القضاء العادل ومحاسبتهم بشکل حضاري لان هذا الأفعال تولّد شروخاً كبيرة بين الافراد التظاهرات وبين الشعب، فتخسر مكانتها، لتعيد بناء ما رسخ في أذهان العراقيين من تسخير تلك الأجهزة لخدمة السلطة، وعدم فهمها للحقوق والحريات التي وفرها الدستور، بالنتيجة ستخسر قيمتها واحترامها ومكانتها، و نجد ان هناک من سعی الى التأثير على مسارالتظاهرات بوجهة معينة واتضح لنا بشكل لا یقبل الشك من يوجهها وان هناك عدة جهات ومجموعات حاولت دفعها الى غاياتها و اهدافها الخاصة فكل جهة لها خطة خاصة تريد تحقيقها و حاولوا ان يركبوا موجة المظاهرات ويظهروا بمظهر المؤيد والمساند لها لا حبا بها وانما من أجل السيطرة عليها وحرفها ومن ثم افراغها تماما من جوهرها .ان المطالبة بالقضاء على المسئولين اللصوص والفاسدين رغم ان ذلك لا يؤثر قطعا على طابعها العام، ومطالبها التي تؤيدها اغلبية ساحقة من ابناء شعبنا وخاصة المحرومون والكادحون منهم وفی نفس الوقت علینا التآکید علی ان قوة التظاهرات تكمن في سلميتها وعدالة مطالبها، وملحين على توفير الخدمات ومحاربة آفة الفساد وتوفير فرص العمل. ولجأت الجماهير الى التظاهر والتجمع، والسعي بمختلف الاشكال القانونية والسلمية الى اشهار مطالبها، التي لم تجد اذانا صاغية، وكأن الحکومة تراهن على عامل الزمن لنسيانها، فيما الغضب الشعبي تحول تدريجيا الى بركان من السخط والتذمر وضلت هذه المطالب الآنية منها وذات البعد المستقبلي مهمولة ، والتی لا يمكن حلها وفقا لمنطق فرض الامر الواقع واستخدام الوسائل الامنية والافراط فيها. فنحن على يقين من ان هذه الممارسات تفاقم المشكلة ويزيدها استعصاءاً، وسيفتح المجال لمن يتربص ببلدنا ويسعى لدس انفه في ما يجري، داخليا وخارجيا . ما جرت من تظاهرات واحتجاجات هو تحصيل حاصل لأزمة البلد الشاملة وأسّسها متمثلة في تشکیل الدولة وتقسمها علی اساس المحاصصة الطائفية والاثنية، ولما وصلت اليه امور البلد وحالة الانسداد والاحتقان التي تلف مختلف النواحي. وقد اطلقت موجة التظاهرات المطالبة بالحقوق مجبرة بعد ان اهملت الحکومة تنفیذ المشاریع المهمة التی تخدم المواطن جانبا وما اصابه من خراب وفساد استشری، والتي تميزت بسعة المشاركة فيها وشمولها قطاعات واسعة ومختلفة من طباق الشعب ،وکانت رسالة قوية رافضة لمنهج الفشل، ومحذرة من ان الاصرار عليه لا يعني إلا تكرار الفشل. وأن يقفوا بوجه الفساد ويطالبوا بمحاسبة الفاسدين، وأن يمنعوا تشكيل حكومة تبنى على المحاصصة وتقسيم المغانم وتعيد البلاد الى المربع الأول. إن روح التغییرتكمن في مباشرة العمل الجاد الذي يوحد الصفوف تحت مظلة الإنجاز وليشمل بذلك جميع مناحي الحياة فعندما تكون مهمة الحکومة
مهمة وطنية تكون الامور التنفیذیة يسيرة وغير معقدة ، ولا تأخذ وقتا طويلا، لا في الصياغة، ولا في التنقيح، بعيدا عن التدقيق في نوايا الناس ومقاصدهم و من هنا قد تعددت الرؤى حول قضية الإصلاح ولكن كقضية يجب ان تتناسب مع الزمان والمكان . وتؤكد فكرة المشاركة التخصصیة باعتبارها السبيل الوحيد لمناقشة القضايا العامة بشكل سلمي وديمقراطي وحضاري، كي لا تخرج العملية عن مسارها الصحيح وإطارها القانوني الطبيعي المتعارف عليه.