18 ديسمبر، 2024 5:11 م

المسؤول والسياسي يميل دائماً للهروب من الذنب والمسؤولية ويبحث عن المبررات التي تريح ضميره

المسؤول والسياسي يميل دائماً للهروب من الذنب والمسؤولية ويبحث عن المبررات التي تريح ضميره

المسؤول والسياسي يميل دائماً للهروب من الذنب والمسؤولية ويبحث عن المبررات التي تريح ضميره(الذي ضاع بالزحمة) واتخذ من المرياع قدوة ويروحله فدوه

الصَّنَمُ : تمثالٌ من حَجَرٍ أو خشبٍ أَو معدِنٍ كانوا يزعمون أَنَّ عبادتَه تقربهم إلى الله . والجمع : أَصنام

جمع أصنام : كلّ ما عُبد من دون الله من تمثال أو صورة يُزْعم أن عبادتها تقرِّب إلى الله ” { فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ } – { وَتَاللهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ } “.

التِّمْثَالُ : ما نُحِتَ منْ حجر .

أَوصُنِعَ من نُحاس ونحوِه يحاكى به 1 .

خَلْقٌ من الطبيعة ، أْو يمثِّل به معنَّى يكون رمزًّا له .

و التِّمْثَالُ الصُّورةُ في الثَّوب ونحوه ؛ يقال : في ثوبه تماثيلُ : صُوَرُ حيوانات . والجمع : تماثيلُ .

فليس كل صنم تمثال وليس كل تمثال صنم

ارتبطت الأصنام عبر التاريخ بمصالح ثلاث فئات من المجتمع وهي :

1- الحكام والملوك

2- الكهنة

3- أرباب المال

وكل من هذه الفئات تبحث في الأصنام كآلهة أو مساعدي آلهة أو تجسيد لإرادة آلهة عن مصالحها الخاصة , فالملوك يريدون السلطة الروحية التي تخضع الشعوب باطنياً لحكمها أي تبرر حكمها وجودياً وتربطه بالآلهة وليست هناك قوة على الأرض أقوى من هذه السلطة , ومن خلال السيطرة الروحية والمترافقة دائمة بسيطرة مادية تضمنها السيوف يمكن للملوك والسلاطين تحقيق كل مايريدونه , ولذلك لن تجد عبر التاريخ حاكماً لم يضع في أولوياته إخضاع المعابد لسيطرته والاهتمام بشؤون الأصنام ورعايتها , وبالطبع تطور الأمر لاحقاً لاستبدال هذه الأصنام الحجرية بأشكال أكثر تطوراً وذكاء كالأصنام البشرية والفكرية والأيقونات المغيبة ووو الخ .

والكهنة كانوا يربطون وجودهم بوجود هذه الأصنام من خلال حيل وأفكار يتم غرسها في نفوس الناس ويدمجون فيها بين الإله الغائب والصنم كممثل له على الأرض والكاهن كراع أو وكيل حصري لربط الإله عبر صنمه بالعالم الأرضي بكل مكوناته وخاصة البشرية , وبذلك يحصل الكهنة على شيء من الألوهية يحقق لهم كل مايحلمون به , ودائماً بالتنسيق مع الملوك وأرباب المال الذين بدورهم يستفيدون من وجود المركب السابق لحماية ثرواتهم وتبرير آليات جمعها وحفظها وفق أوامر إلهية صارمة .

صناعة الأصنام السياسية:” لقد دأبت الأمم الوثنية قبل بزوغ فجر الإسلام على صناعة الأصنام والأوثان بأشكال وأحجام مختلفة ومهام متعددة، وكان من جهلهم وحمقهم أن ألبسوا تلك الأصنام لبوس القداسة فجعلوها آلهة تُعبد من دون الله، تأمرهم فيطيعون وتنهاهم فينتهون!

ومن المفارقات المضحكة المبكية أن تلك الأصنام كانت صناعةً بشرية صرفة، ولم يكن الصنم شيئاً مذكوراً وإلهاً متبعاً معبودا لولا أن من صنعوه بأيديهم ونحتوه وزخرفوه وزينوه، ثم انتقلوا من مرحلة صناعته إلى مرحلة تقديسه وتعظيمه وإضفاء الهالة عليه، ثم بعد ذلك أخرجوه إلى الأمة البائسة كي تقدسه وتسبح بحمده وله تصلي وتسجد!

ولقد استخدم الأنبياء (عليهم السلام) لغة العقل والمنطق والحجة لتبيان مدى الضلال والتيه الذي عاش به الوثنيون فقد قال إبراهيم (عليه السلام) منبهاً تلك العقول الغافلة وزاجراً لها عن الجرم الذي اقترفته بحق نفسها (قال أتعبدون ما تنحتون والله خلقكم وما تعملون)، فهل هناك شخص عاقل يقدس ويعبد شيئاً من صنع يديه؟ وما الدافع لسجود الإنسان لشيء صنعه بنفسه؟ وأي عقل ومنطق يسمح بفعل هذا الأمر؟

ومع أن صناعة الأصنام قد تلاشت بعد ظهور رسالة الإسلام التي حطمت أغلال العقول وهدمت الأصنام بمعاول الإيمان والحقل والمنطق، حتى أصبحت هذه الأصنام ومن يعبدها صفحة من صفحات الجاهلية الأولى، إلا أن المشهد السياسي في الكويت، وأسلوب التعاطي الذي نراه بين بعض الناخبين ونواب البرلمان وبين الشعوب في منطقتنا العربية وكثير من حكامها، جعل المتابع الحصيف لذلك المشهد يجزم بأن مهنة صناعة الأصنام قد عادت لتزدهر من جديد لا من ناحية الشكل التي كانت عليه، ولكن من ناحية المضمون! فعوضاً عن تقديس أوثان وأصنام الصالحين من الأموات المصنوعة بأيدي الذين عبدوها في الجاهلية الأولى، صار التقديس والتبجيل لبعض الساسة والنواب ممن وصلوا إلى سدة البرلمان، فهؤلاء قدستهم فئات من الناخبين ومن كان لهم الفضل بوصولهم، كما قدس الأصنام من كان له الفضل بصناعتها ووجودها!

لقد اختفت مظاهر العبادة الدينية لتلك الأنصاب والأزلام والتماثيل في الجاهلية الأولى، وحل محلها ما نستطيع أن نسميه الوثنية السياسية التي تقوم على أساس صناعة الأصنام السياسية وتعظيمها وتقديسها، حتى أنه صار يطلق على الأصنام الأحياء صفات خرافية خارقة من قبيل «القائد الملهم»، و«العبقري الفذ»، و«الزعيم الأوحد»، حتى أن بعضهم وضع لنفسه أو وضع له مناصروه ألقاباً ما أنزل الله بها من سلطان.

ولعل المصيبة تكبر حينما يمارس بعض كتّابنا ومثقفينا هذا الدور الممجوج تغييب الوعي وإلباس بعض الساسة والنواب والوزراء لبوس القداسة والفخامة والعظمة… كبرت كلمة تخرج من أفواههم.

إن الواجب على المثقفين والقوى السياسية ووسائل الإعلام أن يدركوا أن دورهم الأهم هو العمل على انتشال الشعوب من براثن الوثنية السياسية الجديدة وتقديس الأشخاص، وأن الواجب عليهم الإسهام بنشر الوعي من خلال نشر قيم العدل والمساواة والحرية وأن الناس أكفاء، ومن خلال تقديم المصلحة العامة على المصالح الفئوية الضيقة، ومن خلال المساهمة بشكل مباشر وفعال بتنشئة جيل يعي خيوط اللعبة، ويبتعد عن عبارات التقديس والتمجيد والتفخيم، ويبتعد عن صناعة الأصنام السياسية! فالجماهير حينما يغيب عنها التوجيه فإنها غالباً ما تصنع قائداً «مقدساً»، وهذا القائد يصنع عبيداً بلا رأي أو خيار

وكذلك حينما يتغنى المواطن ببسالة جيش بلده، وعظيم مجده، وتليد نضاله، ويدفع له من حر ماله، ويُضحي له بفلذات أكباده، ثم يُفاجأ أن هذا الجيش تخلى عن واجبه في حماية الوطن

وصل الأمر بكفار قريش أن أحدهم كان يصنع إلهاً من العجوة ثم يقوم بعبادته، فإذا اشتد جوعه أكل صنمه، لقد كذب أولاً ثم صدق نفسه، حتى صار الكذب عقيدة وديانة، وصارت له طقوس ومناسك يلزم نفسه بها تقرباً لصنمه ، ولم يفق من غفلته إلا حينما قرصه الجوع فتذكر أنه الذي صنع الإله ، وأنه صاحب العجوة، وأن حل مشكلته في التخلص من الصنم الذي صنعه، والرجوع عن الكذبة التى اختلقها، والوهم الذي رسمه، فلما تذكر ذلك التهم صنمه، وسد جوعته . العجيب أنه بعد أن استشعر الشبع أخذ يبحث عن عجوة أخرى ليصنع منها إلهاً جديداً !

وهكذا فإن صناعة الأصنام منهج فكري تنتهجه الشعوب حينما تفقد وعيها، وتنتهجها المجموعات والمؤسسات والتيارات حينما تقودها العاطفة في غياب من العقل والوعي والإدراك!

و أظن أن الحالة التي وصلت إليها بلادنا ليست بعيدة عن هذه الحالة، بل أظنها نموذجاً تطبيقيا كاملاً لصناعة تلك الأصنام والالتزام بمناسكها والاستمساك بمبادئها!

فالأوطان والأعلام قيمتها في اكرام أهلها، وطمأنينة نفوسهم، وأمان قلوبهم، وحفظ كرامتهم، وصيانة أعراضهم، وقوة رابطتهم، فإذا لم تحقق الأوطان لشعبها شيئاً من ذلك فما قيمتها؟

إذا لم يجد فيها المواطن أمان نفسه، وصيانه دمه، وإشباع جوعته وستر عورته، وسد خلته، وحفظ كرامته، فما قيمة التمسك بها؟ وما قيمة التغني بأمجادها ورفعة رايتها؟ بل إن الله تعالى لم يقبل عذر من قصر في القيام بواجباته الشرعية معتذراً بظروف وطنه، وقوانين قومه، فقال تعالى : إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ ۖ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ ۚ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ۚ فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا . سورة النساء

وكذلك حينما يتغنى المواطن ببسالة جيش بلده، وعظيم مجده، وتليد نضاله، ويدفع له من حر ماله، ويُضحي له بفلذات أكباده، ثم يُفاجىء أن هذا الجيش تخلى عن واجبه في حماية الوطن، وتفرغ لسفك دم أبنائه، وإهدار كرامتهم، ونهب ثرواتهم، وانتهك حرماتهم ، بل صوب سلاحه لصدورهم ورؤسهم، ووالى أعداءهم، وحارب أوليائهم ، فما قيمته حينئذ ، وما فائدة البقاء عليه، والتغني بعظيم ماضيه، والاستمساك بمناسكه الجائرة، وقيمه الظالمة، أليس الأولى بالشعوب أن تاكل زادها، وأن تسترد عقلها، وأن تتوقف عن الطواف حول صنمها؟

وكذلك المؤسسات الدينية الشريفة، والقضائية الشامخة، وغيرهما، ما قيمتها إذا لم تحمِ القيم، وتحفظ الهوية، وتقيم العدل، وتنصر المظلوم، وتأخذ على يد الظالم؟

وما قداستها إذا هي تلوثت؟ وما طهارتها إذا هي تنجست؟ وما شرفها إذا هي تدنست؟ ولماذا يجب على المواطن أن يستمسك بها وهي تفرط فيه، ويدافع عنها وهي تبيعه بلعاعة من الدنيا لا قيمة لها؟

أليس التوقف عن الوهم أولى، والإقرار بالحق أفضل، والاعتراف بالخطا أكرم؟ أليس التوقف عن الطواف حول تلك الاصنام، والتوقف عن تعظيمها في نفوس الأجيال هو الأوجب شرعاً وعقلاً ، كي لا يطوف أحفادنا حولها خانعين، لا حجة لهم من منطق أو دين، إلا قولهم : هذا ماوجدنا عليه أباءنا؟

فكل بناء يحقق نقيض هدفه وجب هدمه، وكل منظومة تسير عكس ما وُضعت له يجب نقضها، وكل مسجد بُني لغير ذكر الله والصلاة فإنه مسجد ضرار يجب حرقه، وكل قائد يُضلل اتباعه، ويُدلس على جنوده، ويفشل في مهامه يجب التخلص منه، وليس من حق أحد أن يرفع عقيرته بالحديث عن فضل المساجد ومكانتها، وفضل القيادة ووجوب طاعتها، وفضل العجوة وحلاوتها، لأنه ببساطة مُغيب يعيش في الأوهام، أو كاهن يقتات من المعبد، أو تاجر يبيع العجوة في السوق.

مراجعة المفاهيم تشخيص صادق للداء، والتوقف عن الطواف حول الأصنام أول الدواء، والإقرار بالخطأ من شروط التوبة، والمصارحة بالحقائق علاج ناجع مهما كان مراً ، وكي جسد المريض بالنار مفيد مهما كان مؤلماً.

كانت في الماضي عملية صناعة الصنم اكثر صعوبة وكان يصنع من الطين او العجين او الصخور وينحت عند نحات بطلب من الكاهن

وكان يعطى اسم وفق مبدا العلية ان سقط المطر راحوا يبحثون عن علة سقوط المطر مثل الهة المطر او اذا هبت ريحا عاتية صنعوا اله الرياح ويعبد هذا الاله وتنذر له النذور وهو المسكين لا يستفاد منها فهو كما تعرفون لايأكل ولايشرب فيأخذها الكهنه يملئون بها بطونهم

من هذه النذور اما اليوم اختلف الحال واصبحت صناعة الصنم اكثر سهوله وحرفيه فينحتوه بالاوهام والكلام الفارغ الطنان والرنان والاوصاف ,

لكن الغايه التي كان يصنع بها صنم الماضي الحجري او الطيني او حتى التمري بقت على

حالها ,كهنة المعابد كانو يمارسون دور الوسيـط بين العابد والمعـبود اما اليـوم هم نحـاتين ويمـارسون في نفس الوقت دور الوسـيط والمعبرين بين العـابد والمـعـبود

حيث انهم لايكتفون بدور الكاهن بل يختصرون حرفة النحت والكهنوتيه في شخصهم بدور الغايه من الصنم هو تخويف الناس وصناعة هالة حول الصنم وتقديسة ونعته بكافة الاوصاف التي هي في متناول اليد من انه صنم ضرورة ولو كان غير موجود لهلكتم

وقتلوكم وشردوكم من دياركم وهو سبب نعمتكم هذه (علما انها لاتوجد نعمه منه غير سلب اموالنا وياكل اكلنا!)

ان على العُباد ان يعـرفوا ان صنمهم يأكل ويشرب ويلبس ويصعد سيارة مارسيدس بنز

وهذا على خلاف اصنام الماضي التي كانت لا تأكل ولاتشرب بل كانت تقف في الشمس متلفحه بحرارتها المرتفه من اجل اسعاد مريديها . فعلينا ان نقف بوجه هؤلاء الكهنه والاصنام والكفر بهم ومنعهم من سرقتنا كما

ان التوقف عن عبادة الصنم لايكفي بل يجب تكسير الصنم بسجنه ومحاكمته وان يكون عبرة للاصنام التي تاكل اموال الناس

اضافة الى انه لايغني ولايشبع من جوع و يضيفون على صمته القداسه ومنبع الحركه !! وامتنا ابتليت بالصامتين الراكدين الذين هم يشكلون عبئ وثقل على حركة الوعي والسير نحو التقدم حيث ان سرعته صفر !!!،يعُتبر ومع الاسف تربت الامه على هذا الوضع واعتبرت الصمت رسالة الاسلام والتجديد وتركت الاحرار غرباء يذيقون مرارة الوحدة وتهكم المتهكمين يعانون العزلة والوقف وحيدين ضد الجهل .

وليفهم قارئ هذا المقال اننا نقصد اشخاص ومرجعيات في المجتمع العراقي وتركنا تحديد الاسماء لكم كي نحملكم المسؤولية ولتتعلموا ان الصمت وغض الطرف عن السراق وتجار الدين هو مشاركة لهم في السرقة ,ولصناعة الواعين يجب ان يمروا باختبار تحديد من هو الصامت ممن هو المتحرك

ما يميز الجاهلية التي حذر منها الإسلام، هو الآلهة التي اخترعها البشر وصنعوها بأيديهم ثم أضفوا عليها هالة القداسة والتعظيم، ثم ما لبثوا أن جعلوها واسطة بينهم وبين الإله الحقيقي، ولم يستطيعوا الانفصال عنها أو التخلي عنها، رغم اعترافهم بأنها لا تنفع ولا تضر، ولا تملك لنفسها حيلة كما لا تستطيع دفع شر عنها، لكن الحقيقة الصنمية لا تتجسد في الحجر أو حوادث الطبيعة، بقدر تجسدها داخل النفس التي يقبع في أعماقها الأفكار التي تعد اللبنة الأولى لصناعة الأصنام. لذلك، يصح لنا القول بأن تجليلات الحالة الصنمية تختلف في التجسد الخارجي مع ثباتها في المصدر الداخلي، ومعنى هذا أن أشكال الأصنام تختلف من عصر إلى عصر، ومن زمان إلى زمان، ومن مكان إلى مكان. فقد يكون الصنم في عصر ما حجرًا وفي نفس الزمن مع اختلاف المكان قد يكون ظاهرة طبيعية كجبل، أو كوكب، أو… وقد يكون في عصر ما إنسانًا، أو فكرة، أو أداة، أو…

والحالة الصنمية البشرية في الداخل حالة تستند في منشئها إلى حاجة فطرية في الإنسان هي الحاجة إلى الدين، فالدين هو حاجة يخلق لدى إشباعها شعورًا بالأمن والاستقرار، وعند عدم إيجاد الإنسان لطريق إشباع حاجة الدين، فإنه يسارع لخلق دين يوافق في مساراته وفي محدداته صفات البيئة التي نشأ فيها. لذلك ترى في الأديان المحلية القديمة نشاطات وطقوسًا تتوافق مع طبيعة البيئة التي نشأت فيها، ففي المناطق الجبلية الشاهقة تشاهد طقوسًا تعظم آلهة الجبل وتطلب منها الحماية، وفي مناطق الغابات تشاهد طقوس ما قبل اصطياد الحيوانات. وبعد عصر الشرائع السماوية حاول المتضررون من الدين، وخاصة الإسلامي، العودة بالإنسانية إلى الحالة الصنمية عبر اختلاق قداسات يضفونها على بعض المظاهر الحياتية تحت مسميات أو صفات، وبدأت الماكينات الإعلامية العابرة للقارات بإكمال ما بدأته الحالات النفسية المغرضة عبر صياغة الحالة الصنمية الهلامية في شكل قوالب تصب فيها الوعي الجمعي، وتشكيل سلوكياته المتحورة حول التقديس، ومحاولات المحافظة على الوضع القائم عبر تغذية المجتمع بأدبيات الثقافة الصنمية، ومن طرف آخر محاولة تشويه من يخرج عن هذا الإطار، واستعمال أدوات المجتمع للنيل منه بتهم شتى، ومحاولات إسقاط التاريخ وأحداثه على الفكر الخارج عن هذا القالب. ولا تتأخر أدوات الإعلام في صب الوعي في قوالب التصنيم عبر تلميع صور الصنم، الذي قد يكون فردًا أو فكرة، أو شيئًا، أو منتجًا… لتساهم بقصد أو بغير قصد بسَوق الناس إلى زمن الجاهلية الأولى. ومع غياب الوعي أثناء متابعة ما يبث على شاشات التلفزة، تبقى الفرص كبيرة لنشوء البيئة الحاضنة لنشوء الأصنام التي ستتولى في مرحلة لاحقة برمجة الإعلام حسب ما تريده، وبهذا يبقى الإعلام مع التجليات الصنمية في حالة جدلية، متبادلين الأدوار، تحت ستار من البراءة، ومحاولة الظهور بمظاهر الإنسانية، والانعتاق من الأيديولوجيات العبودية للمخلوق في أي حال كان هذا المخلوق الذي يشوه من صورة المجتمع، ويعرقل من سيره الطبيعي والتطوري، ويضعه رهن الرغبة الصنمية التي لا تفتأ تحاول إخضاع المخلوقات والأشياء لسلطانها عبر ما اخترعته وأنتجته من أدوات تجذب الناس الذين أصبحوا في مقام الفَراش المتهافت على النار الذي سيحرقه في النهاية لا محالة.

 

يتفنن الناس عند كل مرحلة زمنية في صناعة اصنامهم ومن ثم تقديسها.. يغوث ويعوق ونسرا، اللات، العزى، وهبل، لم تصنع هذه الأصنام نفسها ناهيك أن تطلب من احد عبادتها، ولكن صنعها أناس ثم تقربوا إليها بالطاعات، وهكذا تصنع الأصنام البشرية .

اتخذ اليهود والنصارى أصنامًا عبدوها من دون الله، تمثلت بالأحبار والرهبان “اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله”، أحلوا للناس الحرام وحرموا الحلال بهواهم فاتبعهم القوم، واعتقدوا بقدسيتهم وبذلك تعطلت قوى الإدراك لديهم، فنسوا بأن هؤلاء الأحبار والرهبان بشر مثلهم، وليسوا أربابًا، وكذلك فعلت طوائف من الشيعة والسنة في بلاد المسلمين حيث قدّسوا مرجعياتهم ومشائخهم، واعتبروا أقوالهم وآراءهم نصوصًا معصومة لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها .

برز فرعون زعيما ملهمًا لعب بعقول الكثيرين من الناس حتى انحنوا له بجباههم، وأناخوا له فصعد على ظهورهم ،ثم استخف بعقولهم قائلاً “انا ربكم الأعلى” فصدقوه واتبعوه، فكان أن وصفهم القرآن بالفسق “فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين”.

وهكذا عبر التاريخ البشري يصنع الناس أصنامهم، ثم يعبدونها .

الخطورة ليست في الأصنام المصنوعة من الحجر، أو العقيق أو التمر أو الفخار، إنما الخطورة في الأصنام والآلهة البشرية الذين يتحكمون بمصائر الناس، ويستخفون بعقولهم ، ويعطلون قوى الإدراك لديهم حتى يتجرأ الصنم البشري فيقول :”ما أريكم إلا ما أرى” .

التاريخ يشهد بأن الدمار منشؤه هؤلاء المتألهين من البشر، وما تعانيه العديد من الأقطار العربية اليوم إنما هو نتيجة لصناعة الأمة لتلك الأصنام التي اعتبرت أنفسها آلهة، والناس لهم عبيد، فإذا تجرأ العبد على الإله أو السيد فجزاؤه القتل والتنكيل .

إن جيل اليوم الذي يدفع الغالي والنفيس لتحطيم تلك الأصنام- التي صنعتها أيدي أسلافه يومًا- يجب أن لا يرتكب جريمة جديدة بصُنعه آلهة أخرى يعبدها أحفاده في المستقبل، وعليه أن لا يلتفت إلى الكهنة الذين يسعون إلى تكريس عبودية الناس باسم الدين ويحشدون الأدلة لتخدير المسلمين.

إننا لا نريد أن يعود الناس إلى تقديس أصنام أُخَرْ، بل نريد بناء دولة تعيد الاعتبار للإنسان، وتسهم في بناء الحضارة الإنسانية، وتقديم الأكفأ بعيدًا عن عُقدة النسب أو اللون أو المذهب أو الجنس .

نريد دولة مبنية على العلم بعيدة عن الخرافة، والتعصب، تتفاعل مع العالم وتؤثر فيه وتتأثر ، وتحترم دين وثقافة المجتمع، وتؤسس لقانون يخضع لسلطته الجميع دون استثناء.