19 ديسمبر، 2024 6:00 ص

المسؤولية الاجتماعية ما بعد داعش

المسؤولية الاجتماعية ما بعد داعش

لم تشكل عصابات داعش خطرا أمنيا فقط, فهذه العصابات عبثت بالأمن, وبالاقتصاد, وبالنسيج الاجتماعي, فأفرزت نازحين ومهجرين, وشقاق عشائري, وأعداد مهولة من الأيتام والأرامل.
هذه الأزمة الاجتماعية تحتاج إلى تخطيط ودراسة مستفيضة, فداعش بإذن الله منتهية عما قريب, وسيعود النازحين إلى مناطقهم, وتجلس العشائر فيما بينها, فيكون الحل سهلا, لكن ما سيبقى من معضلة أمام الدولة والمجتمع هي مشكلة الأرامل والأيتام.
بذل شباب العراق أرواحهم, في سبيل الوطن والمقدسات, وضحوا بالغالي والنفيس, وتركوا زوجاتهم وأولادهم بين الترمل واليتم, وعلينا نحن الذين ننعم بالأمن بسبب تضحياتهم, أن نتحمل المسؤولية الشرعية والأخلاقية, لإنصاف عوائل الشهداء.
العراق مر بحروب كثيرة, وعاش حالة اجتماعية مشابهة, لكن كانت الظروف مختلفة, والحكم في فترة البعث يختلف عن الحكم الحالي, وطبيعة المعركة تختلف ايضا, لذا فإن المسؤولية هنا ستكون مختلفة.
الأعراف العشائرية ستكون فاعل قوي, ومشكلة أمام المعالجات الاجتماعية, وكذلك العامل الإقتصادي سيكون عاملا مؤثرا أيضا.
المرأة الأرملة -وإن كانت شابة- فهي لا تجرؤ بسبب الأعراف أن تطالب بالزواج مجددا, عكس الرجل الذي لا يُمْنَع من الزواج إن فقد زوجته, وكذلك فإن من يبحث عن زوجة -وخصوصا إذا كان هذا زواجه الأول- فلن يتقدم لخطبة امرأة أرملة, وتُعد منقصة اجتماعية عليه إن هو فعل, كما إن الأرملة التي ترعى يتيما لن تحظى بفرصة الزواج مرة أخرى, لخشية الزوج الجديد من المسؤولية التي يتحملها لرعاية الطفل الغريب, بسبب الأعراف العشائرية التي ستطالبه بأي أضرار تحدث لليتيم, إن أصابه شيء خلال تواجده عند زوج الأم الجديد.
محرمات عرفية واجتماعية لا تمت للدين بصلة, ستزيد من تفاقم المشكلة, وتكون عائقا أمام أي حل تنهض به مؤسسة أو منظمة معينة.
المؤسسة العاملة على خدمة الأرامل والأيتام هي المؤسسة الدينية, ورعاية المرجعية -وهي النطاق الأوسع- وبعض المنظمات والمؤسسات الخيرية التي تعمل بجهودها الذاتية, ولا تستطيع تغطية احتياجات المشكلة بصورة كاملة.
على الدولة ومنظمات المجتمع المدني وشيوخ العشائر, أن تأخذ على عاتقها العمل بجدية لوضح الخطط والبرامج, التي تُمَكِنْ الأرملة واليتيم من الاندماج بالمجتمع بسلاسة وأن لا يشعر اليتيم بالنقص والأرملة بالاضطهاد, وفتح فرص ومحفزات لمن يتكفل أرملة أو يرعى يتيما.

أحدث المقالات

أحدث المقالات