اقدم ضابط من فوج حماية رئاسة الجمهورية في المنطقة الخضراء ببغداد على قتل الاعلامي والاكاديمي محمد بديري الشمري والذي يشغل منصب مدير مكتب اذاعة العراق الحر، بعد مشادة كلامية جرت بينهما ، ادت الى مصرعه .. واتقدم باحر التعازي والمواساة الى ذوي الشهيد وطلابه واقاربه واصدقاءه وزملائه، وان تكون خاتمة احزانهم واحزان كل العراقيين.
هذا الحادث لم يكن جديدا ً على الساحة العراقية بسبب العنف الذي يضرب كل مرتكزات الدولة، ويدفع ثمنها شعبنا العراقي الصابر، وقد ابتلت عاصمتنا بغداد بالحكام الذين يرغبون ان يفصلوا الدولة على قياساتهم، فيزجون المواطنين في حروبهم ونزواتهم وامراضهم من اجل تكريس سلطتهم والحفاظ عليها امد الدهر، ويريدون الشعب ان يكون معهم في حالة وجود أي خلاف مع الشركاء في العملية السياسية الحالية، وان يظهروا بطولاتهم وصولاتهم مع أية مشكلة داخلية في هذا البلد.
وكشفت جريمة قتل البديوي عن وجود شخصيات مشاركة في العملية السياسية تمتلك ثقافة الانتقام والحقد والصيد بالماء العكر والكيل بمكيالين في القضايا التي يكون الطرف المنفذ من اتباع القوميات او المذاهب التي تخالف المسؤول في الدولة، متصورين بهذه التصرفات انهم سينالون ثقة الشعب، ويزرعون لغة الثأر والتعصب.
كان الاجدر بدولة رئيس الوزراء نوري المالكي عندما حضر الى مقر رئاسة الجمهورية لكي يشرف على اعتقال الضابط الذي اطلق الرصاص على الصحفي محمد بديوي، ان يصرح للإعلام بالغة رصينة يدعو الى تقديم المتهم الى القضاء، لا ان يقول ( الدم بالدم ) هذه اللغة تعني الكثير للمتابع وكان الاجدر ان ينتبه عند اختيار المفردات في مثل هذه الحالات كي لا تنعكس على المجتمع، وان يكون حريصا ً على وحدة ابناء الوطن، لكنه ابى الا ان يستغلها سياسيا ً.
على رجالات الدولة ان لا يصنعوا العداء او تحريك المشاعر الطائفية بين ابناء الوطن الواحد، فان من قتل البديري يسلم الى القضاء وينال جزاءه العادل ويجب ان ينتهي الامر قضائيا ً، ولا يحسب تصرفه على قوميته، وان لا تكون هناك مزايدات على حساب الحق والقانون وخلق الازمات .. ولتكن قضية مقتل الاكاديمي والصحفي درسا ً لمنتسبي قوتنا الامنية بالعمل بصورة حضارية مع المواطنين العراقيين بدون أي استهتار او زرع الرعب في صفوف الناس، ومن جانب آخر على شعبنا الالتزام بالتعليمات والقوانين والتعاون مع هذه الجهات لانها تخدم الصالح العام.
في الوقت الذي ندعو الى محاسبة كل من يتجاوز على حياة العراقيين الصابرين مهما كان منصبه او الجهة التي يعمل معها، وان يطبق القانون على الجميع .. نحن نعيش في زمن الحرية والديمقراطية علينا كمواطنين او كمسؤولين في الحكومة العمل على بناء بلدنا العراق من خلال نشر ثقافة قبول الآخر ونبذ كافة اساليب العنف والتطرف واحترام القانون وتعزيز خيارات الشعب بالعيش بكرامة.
الملفت للنظر في هذا الحدث استنكار جميع رؤساء الكتل والكتل نفسها واعضاءها في سابقة جديدة !! مما يعطي الدليل على ان العاملين في المجال السياسي يرغبون بكسب ود المواطنين من خلال هذه الحادثة بسبب قرب الانتخابات البرلمانية.. رغم وجود عشرات الحالات المشابهة، وقيدت كل تلك الجرائم ضد مجهول، ولم يتحرك اصغر موظف في رئاسة الوزراء او أي وزارة اخرى في البحث عن القتلة والمجرمين لينالوا جزاءهم عن تلك الجرائم .. ومن هذه الجرائم لعام 2013 فقط والتي سجلت اغلبها ضد مجهول .. حيث تم تصفية ( 6 ) من حملة شهادة الدكتوراه .. و( 8 ) مهندسين .. و( 14 ) من سلك التربية والتعليم .. و( 25 ) شيخ وامام جامع .. و( 19 ) مختار .. و( 24 ) مرشح لانتخابات مجالس المحافظات .. و( 19 ) من العاملين في مجال القضاء، الى جانب المئات من ابطال القوات المسلحة العراقية، والعشرات من الناشطين في منظمات المجتمع المدني .. هل ممكن ان نعرف من الحكومة من قتل رموز المجتمع العراقي كالمطران بولس فرج رحو، ومحمد باقر الحكيم، وعضو مجلس النواب العراقي عيفان سعدون العيساوي، والعميد الركن رعد ياسين عماش، والعقيد الطيار حسان جرجيس ابراهيم، ومنسق تظاهرات الفلوجة خالد حمود الجميلي، والناشط رياض علي، ورئيس نقابة المحامين في ديالى اسماعيل الطائي، والشاعر التركماني جاسم محمد فرج، وقتلة اولاد النائب مثال الالوسي، والقاضي عوف عبد الرحمن، والقاضي موحان جبر الشويلي، والقاضي جزاع ذياب الجبوري، والقاضي حازم العزاوي، والمهندس اياد المفرجي، والدكتور ناصر حسين الجحيشي مدرس في كلية التربية بجامعة المستنصرية، والدكتور محمد علي، والاخصائي في امراض القلب واستاذ في كلية الطب جامعة بغداد الدكتور احمد شاكر محمد، والكابتن محمد عباس مدرب فريق كربلاء، والصحفية وسن العزاوي، والاعلامية نورس النعيمي والصحفي والاعلامي رعد ياسين البدي، والصحفي مهند محمد الوائلي، والصحفي عادل محسن حسين، والصحفي وضاح الحمداني، والصحفي زامل غنام، الكاتب والصحفي سعد زغلول، والصحفي هادي المهدي .. والاف الاسماء الاخرى من ابناء الشعب العراقي.
سيادة دولة رئيس الوزراء هؤلاء اليسوا عراقيين، اين كنتم، لماذا لم تذهب وتعتقل المنفذين لخيرة الكفاءات العاملة في الدولة، لماذا لم تأمر بفتح تحقيق وتتابع حيثيات هذه القضايا ومحاسبة من كان وراءها ؟ .. فخامة الرئيس وانت في هرم السلطة نوجه لك الدعوة بأن تعالج القضايا وفقا ً للقانون لا على حساب القومية او الدين او المذهب لأننا عراقيون، والشعب يعرف ان سبب معاناتهم هي وجود الخلافات بين السياسيين، وان التحريض سوف لا يمر عليهم وستبقى راية الاخوة والوحدة الوطنية من اتباع الديانات والقومية المتعايشة عبر التاريخ من العرب والاكراد والكلدان السريان الاشوريين والارمن والتركمان والايزيدين والصابئة المندائين والشبك والكاكائية والزردشتية والبهائية وكل اطياف العراق الاخرى عالية وفوق كل الاعتبارات.
[email protected]