بعد أن أخذ موقع التواصل الاجتماعي صداه الواسع بين صفوف الشباب و خصوصا الشباب العربي حتى وصل الامر بهم الى إستخدامه في طرح أفكارهم و التعبير عن آرائهم وحتى تنظيم المظاهرات والاتفاق على زمانها و مكانها , امتد الامر الى ان يساهم الفيس بوك في تغيير رؤساء و حكومات عربية بأكملها حتى قيل بأن أنور السادات قتل بسبب عيارات نارية و حسني مبارك سيقتل بسبب الفيس بوك.
تلك التداعيات ساهمت في تنبيه البعض من القادة و المسؤولين في الوطن العربي و من بينهم المسؤول العراقي الذي حرص على أن يكون له حساباً في الفيس بوك والذي كثيراً ما تنماه المواطن أن يكون وسيلة اتصال بينه و بين ذلك المسؤول الذي انتخبه لكي ينقل معاناته و همومه تحت قبة البرلمان, لكن اتضح فيما بعد بأن حسابات المسؤولين العراقيين هي مجرد صفحات لنشر نشاطات هؤلاء السادة ولقاءاتهم و زياراتهم و حتى حظروهم الى مجالس الفرح و العزاء التي تقام في المحافظات و نشر تعازيهم و تهانيهم في المناسبات الوطنية و الدينية دون أن نجد أي نفعاً يذكر منها.
وفي الوقت الذي لابد للمسؤول العراقي ان يتابع هموم الشعب بكل الوسائل المتاحه له أرى هنالك قيادياً رفيع المستوى متواجداً بين الحين و الاخر على موقع الفيس بوك في عمود الدردشة لكنه لا يجيب على أحد و لم أحصل منه الا على شيئاً واحداً و هو إشعار بسيط من اشعارات الفيس بوك أرى فيه ( بعث لك فلان الفلاني طلباً في لعبة المزرعة السعيدة )
وهنا أبقى أتساءل ما الذي يفعله هذا الرجل في المزرعة السعيدة ؟ أما كان الاجدر به أن يتواصل مع جمهوره من خلال الفيس بوك ؟ و هل تابع جميع شؤون عمله و بقي له الكثير من الوقت حتى يجلس يقابل شاشة الحاسوب ليلعب المزرعة السعيدة ؟ هل هو معجب بتلك اللعبة أم إن مساحتها الخضراء تذكره بإسم المنطقة الخضراء التي طال غيابه عنها ؟ هل هذا السيد يريد الاستفادة من فكرة المزرعة السعيدة لتطبيقها على أرض الواقع ؟ هل التعامل مع لعبة كهذه و الفوز بها يذكره بفوزه بالانتخابات أم يريد أن ينشط دماغه الذي مرت عليه أيام و لم يفكر بهموم الناس البسطاء ؟ التساؤلات كانت عديدة و عندها تذكرت أكثر من مرة بأنني قد ذهبت الى ذلك الرجل لأجراء لقاء صحفي معه أو لدعوته الى مهرجان ما لكن في جميع المرات كان يرد علي أحد أفراد حمايته بأن عليك أن تسجل موعداً مسبقاً لمقابلته وعند الاتصال على رقم هاتفه يجبني شخصاً آخر و يقول إن ( الحجي مشغول ) أو ( الاستاذ عندة اجتماع بعد نص ساعة خابرة ) وبعدما تذكرت كل هذه الامور أيقنت بأن الاستاذ مشغول بلعبة المزرعة السعيدة.
من هنا تأتي مخاطبة هؤلاء الذين منحهم الشعب البسيط ثقته مسبقاً بأن عليهم أن يلتفتوا وبكل عناية الى ويلات المواطن المسكين الذي أثقلت كاهله مصطلحات المحاصصة و أزمة سحب الثقة و الاستجواب و نقل المكلية وغيرها, عليهم بالتعامل معه بكل جدية و مهنية قبل أن تتفاقم الامور و ينفذ صبر الشعب الذي لطالما صدق كذب الحياة التي يعيشها في العراق مغموراً بسيل من الوعود و التصريحات اللامعة و المؤثرة في نفوس الناس.
لابد لهم أن يعملوا بموضوعية مطلقة حتى ينظر اليهم المواطن بعين التفاؤل و المحبة و ليشد على أيديهم و ينظر اليهم بتفاؤل و أمل في وقت مازال فيه أعداء العراق يراهنون على وحدته الوطنية و على حياة أبنائه و بناته.