18 ديسمبر، 2024 7:56 م

يفخر أكلة الأمة والطامعون بإفنائها , بأنهم قد وصلوا إلى ذروة النجاح في خططهم وبرامجهم الهادفة لتقطيعها إربا إربا , ووجدوا في لعبة الدين بمذاهبه وطوائفه غايتهم المنشودة , فانطلقوا بتخريبها إبتداءً من القرن التاسع عشر , وبعدها تعلموا فأسسوا الأحزاب المؤدينة , التي سفكت روح الأمة والدين , وتوالدت وتناصرَت وتعسكرَت وتسلطت حتى أحرقت الهوية الوطنية والقومية.
فديدن الأحزاب المؤدينة مقرون بفقه الغنيمة , وعدم الإعتراف بالوطن ككيان سياسي وقوة ذات قيمة حضارية , وإنما تطلعاتها عولمية ورؤاها تضليلية بهتانية ماحقة.
فهي تقول ما لا تفعل , وتنال من الواقع الديني والإنساني بموجب فتاوى ورؤى نابعة من فقه الغنيمة , الذي تتمسك به وتعمل بموجبه فتنال من حقوق الآخرين , وتعدهم بجنات النعيم , ولها نعيم الدنيا والآخرة معا , لأنها مخصوصة بهذه الحقوق من ربها , الذي أوجدته على مقاسات أهوائها وأطماعها.
ويبدو أن الطائفية أمضى سلاح ضد وجود الأمة , ولهذا تحقق الإستثمار الفائق فيها وتعزيزها بقدرات مادية وعسكرية وسلطوية , رسّخت دورها وتأثيرها وما تأتي به من تداعيات وإنهيارات سلوكية قاسية , وفي مقدمتها الفساد المشرعن المؤزر بالفتاوى والتبريرات العدوانية على الدين والحياة.
فالطائفية أسقطت القيم والأخلاق الإجتماعية , وحوّلت الناس إلى موجودات رقمية تحركها العمائم المستأثرة بما تسميه دينا , فتعمل على إشاعة العماء والشقاء بين الناس , لكي تقبض على مصيرهم وتتاجر بهم.
كما أنها أوجدت حالات متطورة وراسخة من الإستعباد الفردي والجماعي , الذي يصل في بعض حالاته إلى كونه سلوك طقوسي مقدّس , فيحقق إستمرارية متنامية للتبعية وإستلطاف الوجيع والذل والهوان.
وهذا ما تعيشه وتشهده العديد من المجتمعات , التي أجلست العمائم على الكراسي , وتوّجتها بمميزات إلهية , أضفتها على بشر مشحون بالرغائب والدوافع الغريزية.
وتلك مصيبة أمة بدين , ودين بطائفيات تُهين!!