ما بين مؤيدٍ ومعارض، جدلٌ مجتمعي، وصراعٌ سياسي، يُلقي ضِلاله بقوة بين فئات الجماهير المتناحرة، مع قرب حلول موعد الأنتخابات العراقية لعام 2018، مقاطعة الأنتخابات دون أدنى سبب، حرية مشروعة لا تتعارض مع مباني الدستور! ولا يُحاسب عليها القانون، المشاركة في الأنتخابات ممارسة دستورية حضارية، يكفلها الدستور ويأطرها القانون، ولا داعي مطلقاً لفرض رأي على رأي آخر، في إستباحة و إستصغار مساحة المشاركة أو المقاطعة في الأنتخابات.
الدورة الانتخابية الرابعة، ولازال الشعب العراقي غير قادر، على إفراز وإنتخاب من يمثله بصورة حقيقة في الحكم! والسبب جدا واضح وصريح، لكل أربع سنوات من الحكم، هنالك يوم واحد يحكم به الشعب! وهو يوم (الانتخاب)، يستطيع من خلال هذا اليوم أن يغيير جميع مفاصل الدولة، ويأتي بما تعجز الحكومة من الأتيان به على مدار أربع سنوات، ولكنه وللأسف دائماً يفشل في حكم هذا اليوم! فيلقي بضلال فشله على المرشحين والأحزاب السياسية، وحتى على مستوى من لم يخرج أو يشارك في الانتخابات مطلقاً، وبدل من أن يكون (مواطن, حاكم, ناخب) يتحول الى (شخص, عاجز, ناحب). يفتقر الى أبسط مباني ومقومات المواطنة..!
عزيزي القارئ؛ بهذه المقدمة البسيطة، سأدعوك لنتعرف على أصل حلية وشرعية الإنتخابات بشكل عام، إذ إن دستورنا يعترف بأن الدين الأسلامي هو الدين الرسمي للدولة، مع الحفاظ على حقوق وتقنين واجابات الأديان الأخرى، ومن الملفت للنظر بأنه لا يوجد نص شرعي أسلامي مستمد من القرآن او السنة النبوية الصحيحة، يدعو الى الأنتخابات! ولو رجعنا الى اصل الأنتخابات لوجدناه بدعة! أُبتدعت بعد وفاة النبي الأكرم محمد، تحت قبة أول برلمان معارض للقرآن والسنة أسمه (السقيفة)، وبالخلاف من الدستور الذي نزل به النبي محمد ! ولا ننسى بأن (كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار).!
حتى نسند الإدعاء القائل ببدعة عملية ألانتخابات، سنورد بعض دلالات النصوص القرأنية في الحكم، بأنه اختيار سماوي، لا يمت الى القوانيين الوضعية بصلة!
1- }يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِى الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى{
2- }وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِى فِى قَوْمِى وَأَصْلِح وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ{
3- (قَالَ اجْعَلْنِى عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّى حَفِيظٌ عَلِيمٌ(
4- (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ).
أذا ما كان (الله) تعالى أو من يمثل وجوده في الارض، هو المسؤول المباشر عن تنصيب الحاكم، يبقى التسأول المشروع محلقاً في جوف محيط الشعوب الإسلامية، والتي تؤمن بمفاهيم وتعاليم القرآن، وتستند اليها في تسيير حياتها اليومية، كيف..؟ ومن هو الشخص؟ الذي يستطيع، أن ينقل أوامر السماء، بالخلافة والحكم الى عامة الناس، مع إنتهاء فترة وجود الانبياء والأئمة الأوصياء، وهنا يأتي الجواب بنص متواتر لاغبار عليه، من لسان رسول الله محمد يقول فيه:( آني تارك فيكم الثقلين، كتاب الله؛ وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسكتم بهم، فلن تظلوا من بعدي أبدا)، وهذا ما يقطع الطريق ويعطي رسالة واضحة الى كل إسلامي متجمل بنصف ثوب علماني! من حيث السياسية بأنه (لا يمكن فصل الدين عن الدولة).
نصل بهذا القدر الى جوهر المقال ونعترف بأننا أما طريقين لا ثالث لهما:
• أما أن نقاطع الإنتخابات بحجة إنها بدعة تطبق على الشعب بنارها! وسيفشل الشعب للمرة الرابعة في اختيار من يمثله..!
• أو أن نشارك في الإنتخابات بأعتبارها الحل الناجع، الذي يستمد شرعيته من التركة التي تركها رسول الله في ألأمة، وما يمثلها من المؤسسة الدينية المتجسدة بالأولياء والصالحين والعلماء، مع شرط التمسك المطلق لمصداق حديث رسول الله.
وحقيقة الأمر إن غياب القوانيين السماوية المباشرة، لا يعني إفلاس الأمة من القوانيين الوضعية المشروعة، فعندما نجد في الأية رقم (2) أعلاه أن “موسى” (ع) هو من طلب تنصيب وحكم أخيه “هارون” في قومه، كيف لنا أن ننكر وجود “موسى” اليوم وهو يطلب منا تمكين (الأكفأ, والأصلح, والأجدر) ونهانا من أن (المجرب لا يجرب) و(الفاسد لا ينتخب)، وإذا ما كنا الى اليوم وبعد مرور (15) سنة من الحكم ألانتخابي، لا نستطيع أن نمييز المصلح من غيره! ولم نتفق فيما بيننا على تشخيص المفسد! ولا زلنا نرى بأسماعنا! ونشخص الاصلاح على قدر مصالحنا الشخصية، ونستميت بالدفاع عن منافعنا دون غيرنا! فما حجتنا على موسى يا ترى؟! وما حجة عقولنا وضمائرنا على وجودنا كجزأ لا يتجزأ من الوطن والبلد والدولة.
وأختم مقالي أخيراً بكلمات للسيد باقر الحكيم يقول فيها: “أن طريق النجاة هو التمسك بأهل البيت (ع)، والوصول الى أهل البيت كما أرشدونا هو التمسك بالمرجعية الدينية الصالحة، يجب ان نلتزم بهذا الخط ،خط المرجعية الذي له الابوة على جميع الحركات الاسلامية والعمل الاسلامي والجمعيات والمنظمات، يجب ان نعرف المرجعية العليا، هي فوق ذلك، وتمثل وحدة الكلمة, والصبر, وثبات المبادئ, ولا تنجر الى الامور الجانبية من هنا أو هناك..)