5 نوفمبر، 2024 6:24 م
Search
Close this search box.

المرجعية والديالكتيكية العراقية

المرجعية والديالكتيكية العراقية

لا ينكر لبيب ابوة المرجعية العليا لجميع أطياف الشعب العراقي، ونراها مرحبةً بكل افراد الشعب، بل بكل شخصية تراها تمد جسور العون لذلك الشعب، والدلائل كبيرة وكثيرة، أهمها فتوى الجهاد الكفائي التي حمت وصانت ارض وعرض سنة العراق قبل شيعته، وكذلك غلق بابها بوجه الساسة انتقاماً للعراقيين؛ لأنها رأت ان الطبقة الحاكمة مقصرة كل قدر تمثيله.
بخصوص فتوى حرمة انتخاب الفاسدين، لو أفتت لفقدت تلك الابوة وجعلت أبنائها بمرمى حرب اخوية طاحنة، فلو شخصت المرجعية السيد المالكي بالفساد؛ سأدفع ما املك لرد هذا التشخيص الذي اراه ظلماً لأني من مؤيدي فخامة السيد، وسيتعامل اخي المؤيد للسيد الصدر بنفس ما ذهبت له، وقد نتخاصم! ناهيك عن الجيوش الالكترونية التي ستتخذ من المرجعية العليا شماعة تعلق عليها كل سموم تسقيطها، وبهذا الفتوى لو اطلقت ستكون باباً للتسقيط الذي طالما تحذر منه المرجعية المباركة، وباباً اخر للاقتتال بيني انا المقتنع بالسيد المالكي المُشَخص بالفساد وبين زميلي المدافع عن شخصية أخرى لم تذكرها المرجعية بفتواها، ولو عمت المرجعية كل الطبقة السياسية فلم تكن منصفة (حاشاها)، كون كل يتحمل بقدر تمثيله، فليس منطقياً ان يتحمل ذا (30) مقعد برلمانياً بقدر ذا (90) مقعدا.
يفهمها من هو متشرع: ان الحكم الشرعي ينقسم الى جنبتين:
• حكم ولائي (الشبهة الحكمية) وهي فتوى واجبة التطبيق حرفياً كحرمة اكل لحم الخنزير مثلاً.
• حكم افتائي (الشبهة المصداقية) وهنا يكون الحكم موكول للمقلدين انفسهم في حرمة ام جواز الشيء، مثلاً يرى احد المقلدين ان هذا الطعام متنجس فيحرم تناوله، فيما يرى اخر ان نفس الطعام غير متنجس فيجوز تناوله.
وكذلك الحال بالنسبة لانتخاب الفاسدين، فالأمر موكول للمقلدين انفسهم، فمن يرونه فاسداً حرم انتخابه ومن يرونه نزيهاً وجب انتخابه، ويندرج هذا ضمن الشبهة المصداقية، وبهذا قد أدت المرجعية ما عليها من تكليف، وقد خرجت من دائرة اللوم المتعمد الذي يزجها به الاعلام الفاسد.
كان للمرجعية الدور البارز في ترصين وتقنين معالم الانتخاب الحر، فتركت للشعب اختيار الصالح والدليل ان (206) كياناً سياسياً قد سجلت مرشحيها لدى المفوضية، ومن لم يستطع انتشال الصالح من بين هذا الرقم المهيب، لا حق له ان يرمي كرة اللوم بأحضان المرجعية المباركة.
خلاصة القول: الحل في انهاء هذه الديالكتيكية القائمة ان يدلي الشعب بصوته الوطني، لا الفئوي المقيت، ويأشر بضميره وهو يخط على ورقة الاقتراع، وهو وحده الضامن للتخلص من فوضى انعدام الثقة بين الراعي والرعية.

أحدث المقالات

أحدث المقالات