17 نوفمبر، 2024 7:16 م
Search
Close this search box.

المرجعية والانتخابات

المرجعية والانتخابات

قد تكون المرجعية الدينية في العراق مجبرة على الانخراط بالعملية السياسية، من خلال شعورها بواجبها تجاه البلد وما تملكه من قوة وقبول يؤهلها لتغيير القرار السياسي، او على الاقل يحسب لها المشرعون حساب في اقرار قراراتهم وقوانينهم بما ينسجم مع رغبتهم، ولا اعتقد ان ثمة قرار مرر يتنافى او يتناقض مع هذه الرغبة.
شهدت الساحة السياسية صراعا محتدما قبل انتخابات مجالس المحافظات بايام قليلة، كانت المرجعية الدينية طرفا مهما فيه بعد ان اعلنت بصورة واضحة لا تقبل الشك ولا التأويل  رفع اليد عن المالكي ورجالاته وهو ما اكده الشيخ بشير النجفي اذ قال (لا تلومونا اذا انتخبتم نفس الاشخاص الذين افسدوا وعرضوا البلد الى منزلقات خطيرة) فضلا عن التصريح الخطير الذي ادلى به السيد رشيد الحسيني وكيل السيد السيستاني والذي نقل رأي الاخير بصورة واضحة كما ذكر تهديد المالكي اذ قال (رئيس الوزراء هدد المرجع السيد السيستاني في حال لم يدعمه في الانتخابات بترحيله الى خارج البلاد والاتيان بمرجعية جديدة) وقد كشف موقف المرجعية غير الداعم للمالكي وحزبه.
المساندون للمالكي وجمهوره قرأوا حصد المالكي للأصوات في انتخابات مجالس المحافظات الاخيرة واحتلاله المراتب الاولى في جميع المحافظات ما عدا البصرة رغم توجيه المرجعية وحث الناس عن الابتعاد او تجنب اختيارهم، بانه قوة وقبول للأول، المالكي، وضعف وعدم تأثير للثاني…
اما المخالفون فذهبوا الى ان عدم اشتراك الناس بالانتخابات وارتفاع نسبة الاصوات التي حصلت عليها كتلة المواطن، المجلس الاعلى، دليل على الامتثال لأمر المرجعية، اذ قطبين كانت المرجعية تدعمهما بصورة مبطنة، الا وهما حزب الدعوة والمجلس الاعلى، مبتعدة عن التيار الصدري الذي يمثل مرجعية مستقلة ويتقاطع في الكثير من النقاط مع مرجعية النجف وابعد ما يكون عن الدعم،  فمن لم يشترك بالانتخابات كان امتثالا لأمر المرجعية ومن اختار المجلس الاعلى كذلك, وهذا يؤكد امرين مهمين الاول:
 ان الجمهور المتمرد على قرارات المرجعية اتسع، وقد يكون اتساعه ايمانا منه بقدرة المالكي او قد يكون وعي جديد مفاده ان رجال الدين لا يجبرون احد على اختيار الاصلح الذي قد لا يكون اصلح واقعا، وانما وجدوه كذلك لأنه يصوم ويصلي وينتمي لما ينتمون، وقد اتضحت لدى الناس ان تلك المواصفات لا تكفي لقيادة الدولة ولا تصمد امام الاغراءات والفساد، والامر الثاني :
الخوف من المستقبل المجهول خصوصا وان هناك مؤشرات على اندلاع حرب اهلية او طائفية جديدة في حال زعزع نظام الحكم وضعف الحاكم واتسع الفراغ، فانتخاب الافضل الجديد وسط معركة محتدمة سيخسر البلد مساحات جديدة لحين اثبات الحاكم افضليته ويكرس قواعده وقوته، والوضع لا يحتمل هكذا ظرف، فالتظاهرات في المناطق الغربية السنية أخل بأمن البلد واحرج القوات الامنية وخلق حواضن جديدة للإرهاب كما فتح منافذ لجر البلد الى المنزلق الطائفي،  فالبقاء على ما نحن فيه افضل من الانغماس بالسوء اكثر، وهو ليس طموح بالتأكيد، بل هو انحناء امام العاصفة.
[email protected]

أحدث المقالات