23 ديسمبر، 2024 5:19 ص

المرجعية شاهدٌ ونذير

المرجعية شاهدٌ ونذير

دور المرجعية الدينية على مَر العصور, كما يعلم جميع العراقيين, هو الإمتداد للخط النبوي الشريف, وما تلاه من الأئمة الأطهار, على نبينا و آله الصلاة والسلام, فلا تتدخل المؤسسة الدينية, في سياسة البلد, إلا في الظروف الصعبة, من أجل توجيه البوصلة نحو الاستقرار, بالنصح والإرشاد في المحافظة على دماء المواطنين؛ أو وحدة الوطن وتماسك مكونات شعبه, كما تتدخل لتحفيز الروح الوطنية, إذا كان هناك انتهاك, من الدول التي احتلت العراق, أو من الحاكم إن أراد المساس, بكرامة المواطن أو الأمر, بقتال مكون من مكوناته, وهذا ما يشهد به التأريخ, ولا ينسى المواطن العراقي, كيف كانت وقفة المرجعية, إبان ثورة العشرين الشعبية, ضد الاحتلال البريطاني, ووقفتها بعدم مقاتلة الكرد, زمن حكم عبد الكريم قاسم, ووقفتها ضد اقتحام المؤسسات الحكومية, والعبث بها وسرقة محتوياتها عام 1991, كونها من الأموال العامة.

بعد الاحتلال الامريكي للعراق 2003, كان دور المرجعية واضحاً, بدعم موقف المعارضة العراقية, التي عادت للعراق, فوجهت باستفتاء شعبي, باختيار نوع الحكم لسد الطريق, أمام دكتاتورية جديدة, ليختار الشعب العراق نوع الحكم, والتشديد على المشاركة بالانتخابات, كي ينهض العراق من كابوس الفقر, وتوقف الخدمات والبطالة والعيش بكرامة, لإعتقادها أن من قاسى الاضطهاد, لا بد ان يكون منصفاً, ولا يظلم المواطن العراقي الصابر, فأفاضت بتوجيهاتها للساسة, أن يلتفتوا لما يُصلح حال العراق, إلا أنَّ ذلك النُصح, لم يجدِ نفعاً مع أغلب الساسة, فأخذت كل فئة تعمل على تنفيذ أجندتها, مع إنجرار قسم منهم, خَلف برامج ومطامع إقليمية, ما أضاع الفرص السانحة للتقدم.

لم تكن المرجعية الدينية منذ البداية, داعمة لمكون دون آخر, إلا أن الظلم الذي وقع, من قَتل وتفجير وتهجير, وتهديم دور العبادة والمراقد المقدسة للمكون الشيعي؛ وترأس الأحزاب الشيعية, للحكومة العراقية حسب نتائج الانتخابات, جَعلَ من بعض المتصيدين, يصورون للسذج من المكونات الأخرى, أن المرجعية العليا, تدعم حكم الشيعة وإن ظلموا, مع أن كل بيانتها كانت ولازالت, تًخاطب كل الساسة دون تفريق, كما تُخاطِب الشعب العراقي بكل مكوناته, ما جعل الأبواب مشرعة للتدخلات, شرقية وغربية جنوبية وشمالية, تنهش بالعراق من خلال, الدعم المالي والإعلامي, لإثارة الفتن والإقتتال الشعبي.

عام 2014 حصل ما لم يكن بالحسبان, فبد انحسار التفجيرات, من قبل تنظيمات القاعدة الإرهابية, قُبيل الانتخابات البرلمانية, إستَغَلَ تنظيم جديد بنسخة متطورة, ساحات الاعتصام في بعض المحافظات, ليستولي عليها فأباح الأرض والعرض, تحت ظل صراعٍ على السلطة, من قبل الساسة المتشبثين, الذين اعترفوا بفشلهم, في نواحي الحكومة, ما دعا لصدور فتوى الجهاد الكفائي, لإنقاذ العراق وأهله, من ويلات ذلك التنظيم الإجرامي الشرس, وتحقق النصر بعد تضحيات جسام, راح ضحيتها دماء طاهرة وأرواح زكية.

كان توجيه المرجعية الدينية, قُبيل انتخابات عام 2014, خاصاً للشعب العراقي, بالتغيير واختيار الأصلح, قائمة ومرشحاً بعد التحقق والتمحيص, والابتعاد عن الفاسدين والفاشلين, إلا أن لأولئك أساليبهم الشيطانية, ووعودهم المُغرية وتَبَحرهم, في تزوير النتائج ومصادرة الجهود, التي بذلتها المرجعية, لتجييرها لصالحهم مع الإمكانية والنفوذ, التي كانت تحت أيديهم, ما ادى إلى تكوين حكومة, أشبه ما تكون بحكومة طوارئ, لإنقاذ العراق من الأوضاع المزرية, أمنيا واقتصادياً واجتماعياً, وفعلا نجحت بذلك الى حَدٍ كبير.

لم يَستطع العبادي تحقيق, وعدٍ قَطعهُ على نفسه, ألا وهو محاربة الفساد لإدامة النصر العسكري, ما جَعل حالة من الهيجان الشعبي, تسود كل انحاء العراق, دخلت أثناء تلك الفترة جموع المتظاهرين, للمنطقة الحكومية المحصنة أمنيا, لينجو أعضاء البرلمان, وبعض المسؤولين بجلودهم, في ظل هروب سريع, تاركين مواجهة الشعب وتهدئة الوضع, وبدأ اعتصام شعبي, انتهى بوعود تغيير بعض الوزراء, مع أنَّ بعض ذلك التغيير, لم يرق لأغلب المتظاهرين.

انتهت الدورة الانتخابية, فأربع سنوات لا يمكن أن يتحقق كل شيء, حسب قول بعض الساسة, فالفساد والفشل كان على مدى عقد ونصف؛ وحسب تقارير النزاهة البرلمانية, وبعض قادة الكتل السياسية, هناك حيتانٌ وديناصورات ومافيات, سياسية لا يمكن القضاء عليها بسهولة, وعلى أقوال المُحللين السياسيين, قد يكون العبادي وقسم من حكومته, مشتركين بذلك الفساد.

ظهرت تسريبات قبيل يوم الجمعة4 نيسان2018, ان المرجعية ستصدر بياناً هاماً, وتوقع بعض المواطنين, انها ستصرح جهاراً بأسماء قوائم, فاسدة واخرى توصي بها, وهذا خلاف عملها, الذي يقتصر على التوجيه, نحو ما تراه من مصلحة البلد.

هل أوصلت المرجعية رأيها, بالانتخابات لهذا العام؟, وهل سيتقبلها أغلبية الشعب العراق, ويطبق نقاطها المهمة, في إختيار القائمة المالكة لبرنامج متكامل, إضافة للمرشحين ونزاهتهم, وعدم حصولهم على الدعم الخارجي؟

هذا ما ستفرزه صناديق الإقتراع الإلكتروني, حيث لا نسبة تُذكر للتزوير, عند ذاك سنعرف نسبة الشعب العراقي, الذي يتبعُ المرجعية فعلاً.