ما يشهده العالم الإسلامي بشكل عام و العربي بشكل خاص من صراعات مسلحة تتجلى أوضح صورها في سوريا و العراق و اليمن و التي ضحيتها السواد الأعظم من عامة المسلمين من الفريقين السنة و الشيعة و معهم حتى الأقليات الدينية من مسيحيين و صابئة وآيزيديين وغيرهم و التي يحاول مؤسسوها و القائمون عليها و المستفيدين منها إلباسها لباساً دينياً طائفياً من أجل التغرير بعوام الناس للإشتراك بها من أجل مصالحهم إنما في حقيقتها هي صراعات مصالح سياسية لا علاقة لها بدين أو طائفة أو مذهب و الدليل على ذلك هو تحالف المتناقضين دينياً و عقائدياً و سياسياً فيها أو على الأقل دخولهم في هدنة مصالح .فنجد تحالف إيران و مليشياتها في العراق ذات اللون الطائفي الشيعي مع روسيا الشيوعية التي تم تكفيرها بموجب فتوى أحد مراجع الشيعة (محسن الحكيم ) لحماية نظام بشار الأسد البعثي المحكوم أيضاً بكفره بموجب فتاوى أغلب مراجع الشيعة والذي أسهم بتصدير الإرهاب للعراق من عام 2003 م وحتى عام 2010 م, وفي اليمن يتوقف الصراع التقليدي بين تنظيم القاعدة التكفيري و الحوثيين الشيعة و تتوحد جبهتهم لمقاتلة نظام الحكم في اليمن .
لم يكن لهذا المشهد بكل تفاصيله و تناقضاته أن يأخذ حضوره في الشارع الإسلامي و أن يجد الآلاف من المستجيبين له من عوام المسلمين بل و يأخذ عنوان القداسة لولا وجود منظومة من الفقهاء و علماء السوء المضلين من الفريقين و الذين غرروا بالعوام من خلال فتاوى و خطاب طائفي انتشر في الشارع كانتشار النار في الحطب الهشيم . و هو ما تسبب بأن يخسر الناس دنياهم و آخرتهم بسبب الإنجرار خلفه. وأصل المشكلة لا ينحصر بفقهاء و علماء السوء و الضلالة فحسب بل يعتبر التخلف الفكري للمجتمع المتمثل بإتباعه و طاعته العمياء لهم دون أن يكلف نفسه البحث عن أهلية من يدعون الفقاهة و العلم و استيفائهم لأبسط مقومات الفقيه على المستوى العلمي و الأخلاقي هو الأصل في المشكلة . و قد استدل المرجع العراقي الصرخي الحسني في مقتطف من محاضرته الثالثة بتاريخ (17/6/2016م) و التي هي جزء من سلسلة محاضراته التحليلية في العقائد و التأريخ الإسلامي بعنوان (السيستاني ما قبل المهد إلى ما بعد اللحد)
على خطر هؤلاء الفقهاء وفتكهم بالمسلمين الذي لا يقل ضرراً عن فتك جيش يزيد بالإمام الحسين (عليه السلام) بقول الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام ) ((وَهُم أَضَرُّ عَلَى ضُعَفَآءِ شِيعَتِنَا مِنْ جَيْشِ يَزِيدَ عَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلامُ وَأَصْحَابِهِ، فَإنَّهُمْ (أي جيش يزيد) يَسْلُبُونَهُمْ الأَرْوَاحَ وَ الأَمْوَالَ، وَهؤُلاءِ عُلَماءُ السُّوْءِ النَّاصِبُونَ المُتَشَبِّهُونَ بِأَنَّهُمْ لَنَا مُوَالُونَ وَلأَعْدَائِنَا مُعَادُونَ؛ يُدْخِلُونَ الشَّكَّ والشُّبْهَةَ عَلَى ضُعَفَآءِ شِيعَتِنَا، فَيُضِلُّونَهُمْ وَيَمْنَعُونَهُمْ عَنْ قَصْدِ الحَقِّ الْمُصِيبِ .)) حيث قال المرجع الصرخي ((وهنا لم يترك الإمام الباب مفتوحاً لكل مَن هبّ ودب كي يدّعِي العلم والفقاهة والتقوى والزهد فيغرِّرَ العوامَّ من الناس بل أشار عليه السلام إلى تقييد ذلك بقيود وشروط بل كانت الإشارة واضحة لقضية خارجية واقعية متمثلة بكثرة المدّعين للعلم والفقاهة والمرجعية الدينية لكن البعض القليل منهم على حق ومن الحق وإليه و أما الآخرون فهم أئمة ضلال يقودون إلى جهنم وهم أضرّ على الإسلام والمسلمين من جيش يزيد)). و من أبرز مصاديق ذلك الواقع و نتائجه هو تنظيم داعش الإرهابي التكفيري و المليشيات الطائفية .