نشرت المقالة في موقع (كتابات)
بتاريخ 14/3/2015
-1-
ليست المرجعية الدينية في جوهرها الاّ (منصباً ) استثنائياً مقدساً ، حيث انها تمثل النيابة العامة عن الامام الثاني عشر المهديّ المنتظر محمد بن الحسن (عج) في عصر الغيبة الكبرى .
ومن هنا فان الارتباط بالمرجعية لا يكون شكلياً، وانما يكون أصيلا قوّياً، يغطّي أكبر المساحات في المسارات الحياتية كلها .
ولا يقف عند حدود ” العبادات” فقط ، بل يمتد الى استلهام الفتاوى الشرعية في النطاق السياسي أيضاً …
وما يثار هنا وهناك ، مِنْ قِبل بعض الكُتّاب من اعتراضات على ما يسمونه (تدخل رجال الدين في السياسة) انما تنبع من غياب الفهم المعمق لطبيعة دور المرجعية في حياة الأمة .
-2-
ولا يستطيع الباحث أنْ يغفل الدور المركزي للمرجعية الدينية في قيام ” العراق ” كدولة في العصر الحديث، حيث أنَّ المرجعية هي التي قادت ثورة العشرين المجيدة، التي نازلت الغزاة المحتلين وانتزعت منهم سيادة العراق واستقلاله .
-3-
وحين تهاوى ” الصنم ” في 9 / 4 / 2003 أصرت المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف على وجوب أن يكتب الدستور من قبل جمعية وطنية عراقية ، منتخبة ، وهكذا كان …
-4-
ودأب السياسيون العراقيون على الاستنارة برأي المرجعية وتوجيهاتها
وقد واصلت المرجعية الدينية القيام بدورها الكبير الذي لا يستهدف الاّ الحفاظ على المصالح العليا للعراق والعراقيين .
-5-
وحين رات المرجعية استمرار التدني في الخدمات المقدّمة للشعب من جانب الحكومة، واستمرار عمليات السلب والنهب للثروة الوطنية من جانب آخر، واغماض المسؤول التنفيذي المباشر الأول النظر عن ذلك ، أوصدتْ بابها بوجهه وبوجه المسؤولين جميعاً .
-6-
وكانت السنوات الثمان العجاف (2006-2014) حافلةً بالكثير من الأخطاء والخطايا ، وهذا ما دعا المرجعية للمطالبة بتغيير المسؤول التنفيذي المباشر السابق واختيار رئيس جديد للوزراء …
ونقولها بكل صدق وصراحة :
لولا الموقف الصلب لسماحة السيد السيستاني – دام ظله – والقاضي بوجوب التغيير ، لما حصل التغيير ، ذلك أنّ العُدّة كانت قد أعدّت لنيل الولاية الثالثة بكّل الوسائل والاساليب المشروع منها وغير المشروع..!!
ولو طبقّنا نظرية الداعين لابتعاد (المرجعية) عن التدخل في الشأن السياسي، لكنّا اليوم نعيش كارثة الولاية الثالثة – التي كان سقوط (الموصل) بيد (داعش) المجرمة من دون اطلاق رصاصة واحدة – مفردة واحدة من مفردات تفريطها بتراب الوطن وأرواح أبنائه …
-7-
وجاء الجهاد الكفائي الذي دعت اليه المرجعية الرشيدة حلاً سريعاً لانقاذ العراق من الانهيار .
وسارع ابناء العراق الغيارى للانخراط في صفوف (الحشد الشعبي) الذي سطّر أروع الملاحم البطولية مع القوات المسلحة العراقية وأبناء العشائر، وتلقت عصابات ” داعش ” هزيمة نكراء في العديد من المواقع، كان آخرها تحرير محافظة ” صلاح الدين ” من يد الارهابيين التكفيريين، عبر صفّ عراقي متلاحم عابر للطائفية، والحمد لله رب العالمين .
انّ دور الحشد الشعبي في الانقاذ، مرتبط مركزياً بفتوى المرجعية الدينية العليا .
ولو لم يكن للمرجعية الاّ هذه الفتوى التاريخية لكفاها ذلك برهاناً على أصالتها وحكمتها وشدة حرصها على الوطن والمواطنين .
-8-
وقد قرأتُ أخيراً :
ان سماحة المرجع الأعلى السيد السيستاني قد أمر (مؤسسة العين) –وهي مؤسسة خيرية تعنى برعاية الأيتام والمعوزين – أنْ تقدّم مائة ألف دينار شهرياً، لكلّ يتيم من أيتام شهداء الحشد الشعبي .
نقول هذا في وقت لم يقبض فيه الكثيرون من ابطال الحشد الشعبي رواتبهم حتى الان – وللأسف الشديد –
-9-
انّ حرص المرجعية على العراقيين جميعا دفع الى المطالبة بانزال العقاب القانوني الصارم ، بكل مَنْ يندس في صفوف الحشد الشعبي ، وينتهز الفرصة للاساءة والاعتداء على أهالي المناطق المحرره من قبضة ” الداعشيين ” الأوغاد .
ومن يقرأ توجيهاته للمنخرطين في صفوف (الحشد الشعبي) يُوقن أنه يجسدّ روح الاسلام بعيداً عن كل الحسابات الطائفية …
-10-
انّ صوت المرجعية كفيل باخراس كلّ الألسن التي تنطق لتثير المخاوف والأوهام وتحريك الرواسب والعنعنات محاولة تمزيق النسيج الاجتماعي العراقي القوي تزامنا مع تباشير النصر المؤزر ولن نخشى على المسيرة من الانحراف ما دامت ” البوصلة ” بيد المرجعية الرشيدة .