26 نوفمبر، 2024 12:57 م
Search
Close this search box.

المرجعية الدينية والادوار الصعبة

المرجعية الدينية والادوار الصعبة

عند دخول القوات الامريكية الى العراق واسقاط نظام البعث عام 2003 واجهت المرجعية الدينية المتمثلة بسماحة اية الله السيد علي السيستاني تحديا كبيرا في التعامل مع هذا الظرف الاستثنائي الذي عاشه الشعب العراقي بشكل عام والطائفة الشيعية فيه على وجه الخصوص ..فقررت ان تكون حاضرة في جميع القضايا المصيرية التي مر بها طيلة الفترة الماضية وشكلت صمام امان وبعدا سيتراتيجيا لاي انعطافة خطيرة قد يمر بها البلد ..فالكثيرين كانوا قد راهنوا على الموقف الذي ستتخذه هذه المرجعية من مسئلة الاحتلال ودخول قوات اجنبية للبلاد وكانوا يمنون الانفس بأن يكون موقفها مشابها للموقف الذي اتخذت المؤسسة الدينية الشيعية عام 1914 عندما دخل الانكليز الى العراق ووقوفها بوجهه متمثلا ذلك بقيادتها لثورة العشرين التي قامت بها عشائر وسط وجنوب العراق ضد المحتلين الانكليز ..لكنها ارتأت ان يكون تعاملها مخالفا للتجربة السابقة وذلك بسبب النتائج السلبية التي افرزتها على الوضع السياسي والاجتماعي في العراق طيلة العقود الماضية وتسببها باقصاء المكون الاكبر من الشعب العراقي من الحكم ، على الرغم من مبدئية ووطنية هذا الموقف ..لذلك سعت المرجعية الى احتواء صدمة ماحدث بعد 9 نيسان 2003 والتعامل معه ببراغماتية تحمل الكثير من النضوج والاتزان ..فهي لم تلتقي او تقابل اي مسؤول امريكي او اي من مسؤولي الدول التي شاركت في غزو العراق طيلة فترة وجودهم فيه وما بعدها ، وكان تعاملها يقتصر على ممثلية الامم المتحدة وسفرائها ، وتحولت الى راعي للعملية السياسية الوليدة ، من خلال النصائح والتوجيهات التي تبديها للسياسين والتي تصب في مصلحة الوطن والمواطن ..فطالبت بكتابة دستور جديد للبلاد ودعت الى اجراء انتخابات نيابية فيها لتشكيل حكومة وطنية تمهد لخروج  القوات الاجنبية منها وسعت الى حقن دماء ابناء العراق وخصوصا في الفترة التي تلت تفجير المرقديين الشريفيين في سامراء عام 2006..وكانت حينما تسئل عن سنة العراق تقول..(لاتقولوا اخوتنا السنة بل قولوا انفسنا )..وكان لهذا الموقف ان يشكل عائقا بوجه جميع من ارادوا الاصطياد بالماء العكر من داخل العراق وخارجه ، وسعوا الى استدراج المرجعية الدينية في نزاع طائفي مقيت يخرجها من عموميتها اتجاه العراقين بكل طوائفهم وانتماءاتهم  ويذهب ضحيته الابرياء ويدمر فيه العراق ..لذلك عمدوا الى تشويه صورتها والافتراء والكذب عليها في بعض القنوات الماجورة والاقلام الرخيصة ..لكن بالرغم من كل ذلك بقيت تمثل احد اهم الحصون التي يلجأ اليها العراقيون جميعا اذا ما اشتدت بهم النوائب والخطوب ..وما حدث في الموصل مؤخرا كان بمثابة مفترق طرق يقف عنده الجميع ..وكان من الضرورة التاريخية ان تكون هذه المرجعية حاضرة وبقوة في هذه الازمة الخطيرة ، فكان هذا الحضور متمثلا بالفتوى التي اصدرتها اليوم الجمعة الموافق 13 حزيران 2014 بخصوص هذه الاحداث واعلانها (الجهاد  الكفائي ) كضرورة دينية ووطنية لصد العدوان والارهاب العابر للحدود والذي وجد له موطئ قدم وحواضن في بعض مناطق العراق ..وكان الهدف من وراء هذه الفتوى هو الحفاظ على ارواح الناس وممتلكاتهم واعراضهم جميعا دون استثناء ..ويجب ان لاتوضع  في خندق طائفة ما ، فالخطر محدق بالجميع، والكل سوف يخسر اذا ماحصلت الكارثة لاسامح الله ..وسوف يكون صدى هذه الفتوى مدويا بوجه الارهاب ويجعله يعيد حساباته الف مرة قبل الاقدام على اي خطوة اخرى الهدف منها احداث شرخ في اللحمة الوطنية ، وستكون داعما معنويا كبيرا وحافزا لقواتنا المسلحة للصمود بوجه هذا الخطر الكبير وهذه الحملة الدعائية المغرضة والهادفة الى تحطيم معنويتها ..وسيقطف الجميع ثمار هذا الحضور المبارك للمرجعية في الوقت القريب ليعم الامن والسلام في ربوع هذا الوطن الجريح.

أحدث المقالات