بمزيد من الاسى تلقينا النبأ المحزن برحيل الصديق المربي الفاضل والماضل العنيد كوركيس دنحا القس الياس، ليغادرنا الى مثواه الأخير في منتصف حزيران من هذا العام 2018 ، أنه مصاب اليم لعائلته وأقربائه ومعارفه وأصدقائه ورفاقه ومحبيه، حيث كان للمرحوم تاريخ وطني حافل ومشرف، مناضل عنيد لم يتنازل للحكم الدكتاتوري الصدامي الفاشي، حيث كان نصيراً في قوات الحزب الشيوعي العراقي، ومعلم مارس التدريس لأكثر من 30 عاماً، في عنكاوا ومدن العراق المختلفة منها في جنوب العراق\عمارة، منفياً بسبب نشاطه الوطني السياسي الفاعل لخدمة شعبه وبناء وطنه، وفقاً لشعار الحزب الشيوعي العراقي الذي رفعه شهيد الشعب والوطن القائد العمالي الحزبي الفذ يوسف سلمان يوسف(فهد)(وطن حر وشعب سعيد)، ليبقى أميناً على مبادئه التي آمن وتصلب من أجلها، كونها خادمة للشعب العراقي بكافة مكوناته القومية والأثنية من منطلق العيش الرغيد للأنسان العراقي تحقيقاً للعدالة الأجتماعية ومساواتها النسبية، بمحاولة أنهاء أستغلال الأنسان لأخيه الأنسان، تحقيقاً للحرية ومستقبل عامر واجد دائم لأبناء وبنات الشعب العراقي الواحد، بغض النظر عن الدين والقومية والطائفة والمذهب، لجعل الجميع متساوين في الحقوق والواجبات وصولاً لدولة الوطن والمواطنة، لهم ما لهم وعليهم ما عليهم بموجب القانون العادل، تطبيقاً للنظام والدستور الدائم العادل للجميع.
مساهمة المرحوم بقوات الأنصار:
بعد أجهاض ثورة 14 تموز التقدمية الوطنية بقيادة المرحوم النزيه عبد الكريم قاسم، في 8 شباط عام 1963 ، ترك المرحوم كوركيس القس الياس مدينته عنكاوا حيث كان مسؤولاً لمنظمة الحزب الشيوعي العراقي، بالأضافة الى وظيفته كمعلم مربي أجيال، مضحياً برزق عالته وحياته هارباً من سلطة دموية ظالمة قاتلة لكل ما هو وطني وأنساني، لاجئاً الى جبال كوردستان نصيراً مقاتلاً للفاشست من عصابات الحرس القومي البعثي، غير مبالي للموت ومضحي بكل ما يملك ناكراً ذاته من أجل الوطن والشعب، مما أصابه مرض أقعده عن مواصلة دربه في الجانب العسكري، ليدخل عنكاوا سراً يرافقة رفاقه عام 1964، ليعيش فيها مختفياً في دار ابن عمه بعيداً عن أنظار السلطة الفاشية، حتى أستقرار الأمور بهدنة في زمن الرئيس العراقي السابق المرحوم عبدالرحمن عارف عام 1965، ملتحقاً بوظيفته التعليمية(معلم) أضافة لممارسته العمل السياسي الوطني ضمن الحزب الشيوعي العراقي، حيث كان يجمع الغلة من الفلاحين المتمكنين مالياً وأنتاجياً، فيقوم يتوزيعها للعوائل والفقيرة والمحتاجة بغض النظر عن أنتسابهم الحزبي من عدمه.
أتفاق العمل الجبهوي:
بعد الأتفاق المبرم في 17 تموز عام 1973 لأنبثاق الجبهو الوطنية والقومية التقدمية بين البعث والشيوعي، لم يقتنع المرحوم كوركيس بهذا النهج الجديد للشيوعي العراقي، مما جعله معتكف عن العمل السياسي برمته مستقيلاً من الحزب بعدم قناعته في النهج التحالفي الجديد، لكنه بقى أميناً على المباديء الوطنية العراقية الشيوعية في خدمة الشعب وبناء الوطن، محترماً خصوصيته القومية ومعتزاً بوجودها ومدافعاً عنها كأمة كلدانية حضارية تاريخية، وفق المباديء التي تعلمها من حزبه الأممي، في أحترام الوجود القومي لأية أمة كانت، بما فيها حقها الكامل في تقرير مصيرها بموجب طروحات رفيقه الخالد فلاديمير لينين.
العيش في الغربة أستراليا:
تعرفت على المرحوم كوركيس القس الياس عام 2005، بعد تشكيل تنظيم الحزب الشيوعي العراقي في ملبورن، بأعتباري أحد الموسسين لتنظيم الحزب في شهر أيار من العام نفسها، حيث كان يشاركنا في كل الأحتفالات والمحاضرات والنشاطات التي قام بها التنظيم والذي تشكل برئاستي عن طريق الأنتخابات الداخلية للتنظيم.
كما كنت التقي معه بشكل مستمر ودائم بعد تأسيس الأتحاد الكلداني الأسترالي في فكتوريا، حيث كان حاضراً في غالبية الأجتماعات والندوات والمحاضرات، التي كان يديرها الأتحاد مساهماً بنشاطه المميز بأعتباره كلداني من جهة وعضو دائم في نادي عنكاوا الأسترالي من جهة أخرى، حيث الأخير(النادي) من مؤسسي الأتحاد المذكور أعلاه. فبصماته وتطلعاته وأفكاره كانت غنية وواضحة لخدمة نادي عنكاوا والأتحاد الكلداني في الوقت نفسه.
وفي حادث مؤسف وأليم فقد ولده الأعزب الطبيب قبل أشهر، وبسببه ذاق الأمرين القهر والأوجاع ووضع الظلم السابق عبر التاريخ الدامي المؤلم الأليم للشعب العراقي عبر تاريخه السياسي الدامي لقرن كامل، مما سبب بفقدان الحياة وهو في عنفوان صحته وجبروته بالرغم من كبر سنه.
لا يسعنا الا وأن نقول للمرحوم الرحمة الدائمة له، والمجد والخلود الأبدي، والصبر والسلوان لعائلته وأولاده وأحفاده وأقربائه ورفاقه وزملائه في النادي والأتحاد، وله المجد كل المجد لمسيرته الظافرة.
حكمتنا: (التاريخ الناصع، هو الطريق السليم للخلد البشري).