لا نشك سواء كنا “ذكوريين” كما تقول المسترجلات او كنا متحررين ان هناك نساء مثقفات سواء في الثقافة الحقيقية اي المعرفة العامة الذاتية الإكتساب وبعض التخصص وتشرب الحضارة المحيطة على اصولها و من جذورها لا قشورها، او كانت مثقفة بالشهادة التي قد لاتعني شيئا احيانا سوى التسمية.
ولكن هذه المراة التي وصفناها بالمثقفة بنوعي الثقافة السالفين-في عالمنا العربي اليوم- لا نلحظ انها ترقى بتفكيرها وتحليلاتها الى المستوى الذي تطمح هي اليه او الذي تستحق عليه ادراجها مع طبقة المثقفين الأصلاء من نظرائها الرجال،
والسبب الأهم لذلك هو دورانها المستمر في حلقة اثبات التساوي او انشغالها ب هم واحد طوال حياتها الثقافية لاتكاد تفارقه وهو ارضاء نفسها اولا ثم المجتمع انها على قدر المسؤولية التي تظن ان المجتمع ينكرها عليها ويسلبها اياها محاباة للرجل ، وهذا افقد تلك المراة الابداع الحقيقي او الانتاج الايجابي و افقد المجتمع فرصة الاستفادة من قدراتها التي تنافس احيانا قدرات بعض الرجال في ميدانها ،
هذا لايحصل مع المراة الغربية اليوم فقد اجتازت تلك المرحلة قبل قرنين تقريبا وقد كانت تمر بمثل هذا المخاض انذاك دون شك، ولم ينته كما قد يظن قارئ الان بسبب انتصارها فيما كانت تناضل من اجله -خطا- ، بل انتهى لانها عرفت بعد ذلك المخاض المتعب لعقود طويلة من صراعها مع نفسها والمجتمع والرجل ان الوجهة التي تحارب فيها خاطئة ولذلك استدارت وحاربت من اجل صناعة نفسها وتفوقها على بنات جنسها فكريا او ادبيا او ابداعيا تاركة وراءها تفاهة الهدف الوهمي القديم الذي تسير وراءه نساؤنا اليوم الا وهو التفوق على الرجل ،
لا شيء اسمه تفوق المراة على الرجل بمعنى جنس على جنس ، هذا خلق الله وتكوينه وفطرته ، الصقر صقر والحمامة حمامة ، وهكذا الاسد والغزال ، وكذلك النخل والورود ، هذه اجناس وانواع لايمكن تبديل خصائص بعضها مع بعض او منح قدرة هذا لضعف ذاك او استبدال جناحي هذا بيدي ورجلي ذاك،
المرأة بالعموم لايمكن ان تتفوق على الرجل بالعموم ليس لانني ذكوري او لان المجتمع ظالم او لان الاسلام مقيد او لان الاعراف صارمة ، بل لان خلق المراة وعقلها وطبيعة تكوينها ووظيفتها التي جبلت عليها وخلقت لها تختلف عما تطمح اليه المسترجلات او المصابات بعقدة ضعف جسد المراة او خصوصيته و اعراضه الدورية وهوس التحرر الطائش،
ولكن يمكن تفوق مراة مفردة على رجل مفرد فتجتازه بمهارة ذهنية او حتى ابداعية لا تتعارض مع تكوينها الفسيولوجي وتركيبها العقلي وقد حصل ذلك ورايناه،
الراضيات من الشرقيات والعرب بالإضافة الى اغلب الغربيات فهمن الأمر ، لذلك لايعرضن انفسهن للاحراج دون مبرر ، ولا يقتحمن ساحة العمل والفكر دون استعداد ، واذا اقدمن على ميدان يسيطر عليه الرجل حرصن في الكلام وابطأن في تربص الفرصة وتأنين في القرار والتصدي ، ويجدن ان تفوق الرجل ليس عقدة لديهن وانما هو امر واقع تفرضه الطبيعة ولابد من التعامل معه كما هو ، ويحاولن النفاذ من زاوية ما أخرى تحقق لهن التفوق في ميدان مناسب حتى وأن كان عصيا على عموم النساء ، الا ان احداهن ستنجح بثقة عالية في النفس وبتعامل هادئ واقعي مع انوثتها ، فلا تقول انها “مرأة بمئة رجل” ولا تدعي “ان المراة اساس الحياة” ولا تنطلق من “ان المراة الأقوى” ولا شيء من هذا يشغلها ، بل تتحدث بانوثة وتتصرف بانوثة وتلبس بانوثة وتحتشم بانوثة فتراها تكسب قوتها من واقعيتها ومن ذكائها في تناول الامور ،
والا فان مصيرها سيكون كمصير الاخريات اللاتي افنين حياتهن في التشدق على الرجال وقوتهم وعدم الحاجة اليهم ثم تبكي على كتف صديقتها ليلا “انني بحاجة الى رجل يحتويني او يحميني او يجعل مني اما لابنائه او احس معه بانوثتي”!،
فلن تثبت المراة المتمردة على الفطرة يوما ان بنات جنسها هن من بنين البلدان او عبدن الطرق او مددن ابراج الكهرباء فوق الجبال او صنعن الطائرات او اخترقن الفضاء او بنين السفن او غزون القارات او دجن الحيوانات او صارعن الاعاصير وحفرن الانفاق وصنعن القطارات او اقمن جدران البيوت الدافئة شتاء الباردة صيفا ، ولاحتى يمكن ان يثبتن ان الله قد اختار احداهن لتكون “نبيا” مرسلا للعالمين ، فكل هذا سيكون محض هراء ولاتقبله منها حتى ابنتها المتعلمة ولا جارتها الراشدة التي تبادلها ثرثرات المساء،
لذا فان
اللواتي يتصدين للقضايا الفكرية والتحليلية ان لم يكن لديهن هذا الفهم وهذه الروحية وتلك الواقعية الرزينة فانهن سيشططن كما نرى في اللواتي يتصدرن المشاهد اليوم واصبحن انموذجا يسخره المخططون ويسخر منه المتابعون،
قالت إحداهن على شاشة التلفاز وهي متحمسة يوما: يجب ان لاينسى منتقصو المراة انها هي التي ربت هذا الجيل الذي ثار على الحاكم الفلاني المستبد يوم كذا من شهر كذا من العام الفائت.
فقال محاورها: فمن ياترى ربى الاجيال التي ظلت ساكتة خاضعة له ثلاثين سنة.!؟