23 ديسمبر، 2024 1:50 م

-1-
يخطا من يعتقد ان المال يخول صاحبه أنْ يُنْفِقَهُ كيفما شاء …

إنّ هناك ضوابط للانفاق،

كما إنّ هناك اولويات واضحة في هذا المضمار .

إنّ للمال في الاسلام وظيفة اجتماعية تُفهم من قوله تعالى :

ولا تؤتوا السفهاء اموالكم ” النساء /5

إنّ السفيه يحجر عليه لمنعه من التبذير ، رغم أنّ المال ماله فليس له أنْ يبدده كيفما شاء، لانّ في ذلك اضراراً بالمجتمع ..

-2-

وقد جرت العادة ان يتقدم الرجال صفوف المبادرين لانشاء المؤسسات ذات النفع العام ، من مدارس ومعامل ومستشفيات ودور حضانة وملاجئ ايتام، وقد يتفق ان تكون المرأة صاحبة المبادرة في هذا المجال الخيري الانساني .

ولكنّ ذلك لا يعني ان المرأة غائبة عن هذا الميدان بالكامل، حيث أنّ هناك العديد من المساجد والحسينيات والمؤسسات الخيرية التي أُنْشِأَت من قبل بعض السيدات البارات .

-3-

ولقد سرّنا كثيرا ما سمعناه مؤخرا من انشاء السيدة (مديحة البيرماني) مدرسةً للبنات، أنفقتْ عليها بسخاء، وَجَعَلَتهْا نموذجية في محافظتها (بابل) .

انها بذلك تكون قد أثبتت عمليا حبها للوطن والمواطنين ،

وحبها للعلم والثقافة ،

وحبها لمحافظتها ،

ووفاءها لمدينتها الحبيبة .

وهي بهذا العمل البار، قد قفزت الى قمة جعلتها (القدوة) لذوي المال والثراء، ممن لا يتجاوزون حدود الاهتمام بذواتهم وعوائلهم، دون النظر الى الحاجات الاجتماعية والانسانية والثقافية :

فتحية لهذه السيدة الفاضلة التي يحق لنا ان نستذكر عند ذِكْرِها قول المتنبي :

فلا التأنيثُ لاسم الشمس عيبٌ

ولا التذكير فَخْرٌ للهلالِ

-4-

انّ العراق اليوم مثقل بالأعباء ، وهو في أزمة مالية خانقة ، وكل هذا يدعونا الى تذكير أرباب المال بما ينتظرهم من مبادرات الاحسان الى أهلهم وشعبهم :

مَنْ هم الذين سيبادرون الى تحويل المدارس الطينية الى مدارس تليق بأبنائهم من الطلبة ؟

ومَنْ هم اولئك الذين يبحثون عمن يلتقط من أكوام القمامة ما يستطيع التقاطه بعد أن اوصله العوز والحرمان الى تلك الدرجة ؟

ومَنْ هم اولئك الذين يبادرون الى تخصيص الاعانات الشهرية الى بعض عوائل الشهداء والمعاقين ؟

ومَنْ هم اولئك الذين ينطلقون للتخفيف عن الارامل والمطلقات اللواتي يعانين مِنْ شظف العيش وقسوة الحياة ألوانَ العناء ؟

ومَنْ هم اولئك الذين يُنقذون المحلات الغاصة بسكانها الفقراء دون أنْ يكون فيها أبسط مقومات الحياة ؟

واذا كان القول بان توفير الخدمات العامة للمواطنين هي مسؤولية الحكومة صحيحاً، فان من الصحيح ايضا أنْ ينبري النبلاء من المحسنين الى اشباع هذه الحاجات عندما تعجز الحكومة عن تأمين كل ذلك – كما هي الحالة الأن –

لتكنْ كلُّ امراةٍ عراقية من ذوات الثراء والقدرة المالية (مديحةً) جديدة .

ولنذّكِرْ كلَّ عراقي قادر على الانفاق باخِوَتِهِ المعوزين ليمدهم بما يستطيع من معونة ومساعدة .

ولن تضيع في ميزان الأعمال الصالحة ذرةٌ من ذرات الاحسان .

وأخيراً :

لا تنسوا قول الشاعر :

واذا افتقرتَ الى الذخائر لم تجد

ذُخراً يكونُ كصالح الأعمالِ .

[email protected]