22 ديسمبر، 2024 2:05 م

المرأة الشرقية تحت مطرقة الساحرات

المرأة الشرقية تحت مطرقة الساحرات

في العام 1487 قام القس الالماني هينرتش كريمر بمساعدة القس الالماني الاخر جاكوب سبرنجر بتأليف كتاب الشر المطلق „Malleus Maleficarum“ او المعروف عربيا باسم مطرقة الساحرات .

من المستحيل التصديق عند قراءة هذا الكتاب انه كتاب حقيقي وليس مجرد رواية مملة سيئة الصياغة ، لقد عاش هذا الكتاب ما يقارب ال300 سنة قُتلت بسببه 40 الف الى 60 الف امرأة !

كان هنرتش كريمر شخصية ضعيفة تعاني من عقدة المرأة وحدث ذات مرة ان تشاجر مع احداهن ، ولسوء حظه كانت هذه المرأة هي هيلينا شيوبيرين – امرأة نمساوية قوية الشخصية ومستقلة حيث لعنته على الملأ وجعلته يبدو بين رجاله كالجرذ ، تم اعتقالها فيما بعد ولم يستطع كريمر اثبات اي تهمة ضدها ، واصبح لزاما على القاضي اطلاق سراحها والاستهزاء بكريمر.

بعد هذه الحادثة تفتق عقل كريمر عن فكرة لا تصدر الا من قعر الجحيم ، قرر تأليف كتاب “كيف تتعرف على الساحرات” او “مطرقة الساحرات” .

تجد في طيات هذا الكتاب اتهام صريح للمرأة انها سهلة الانقياد من الشيطان لانها الجنس الاضعف ، ولهذا فالساحرات مقصورات على جنس الاناث.

تم اتهام النساء بالسحر لمجرد انها تستخرج مسكنات الألم من النباتات واعطائها للأُم عند الولادة اذ ان ألم الولادة واجب على النساء للتكفير عن الخطيئة الاولى ، او القابلة التي تعلمت وجوب قلب الطفل بعد ولادته ، او تلك التعيسة التي تشاجرت مع جارتها وصادف انقطاع حليب بقرة الجارة في اليوم الذي يتلو يوم الشجار !

تم اختراع كل انواع الاعذار والتهم لجلب النساء الى المحاكم وتعذيبهن بادوات تكسير العظام والاضلع ، ولم تُترك المرأة الا بعد ان تعطي اسماء ساحرات اخريات ، اذ ان تهمة السحر لا تحتاج الا الى شاهد يتهمك بالسحر ، لتُسحب الى غرف التعذيب ولا تخرج منها الا جثة هامدة او الى السجن المؤبد بعد اعطاء اسم الضحية التالية .

لاقى هذا الكتاب صدى منقطع النظير في مجتمعات العصور الوسطى والتي يسودها الجهل و الظلام ، لتنتشر حمى قتل النساء كالنار في الهشيم ، ساعد في ذلك كون الكتاب قد كُتب على يد “رجل دين” و ممتلئ بالنصوص الدينية المقتبسة عن قديسيين مُهميين امثال القديس توماس كما يقتبس كريمر نصوص من الكتاب المقدس ليستشهد بها .

كل ما كان يحتاجه كريمر الخائف من النساء لارضاء نفسه المريضة الجبانة هو لقب ديني وعقل شيطاني ومجتمع جاهل ، مجتمع يؤمن ان المرأة شر مطلق ، مجتمع يؤمن ان الشيطان يستطيع السيطرة على المرأة لانها كائن ضعيف ، ليعزز بعدها فكرة الجنس الذكوري الافضل وأقتبس “ومن الضروري للحفاظ على الفصائل ان يكون موت شخص يؤدي للحفاظ على حياة شخص اخر ، مثل الاسود التي تحيا بافتراس الحيوانات الاخرى” .

ما اشبه الامس باليوم ! فبعد مضي ما يقارب ال500 عام تتكرر القصة بحذافيرها مع اختلاف الاديان ، تُقتل النساء في بلدي العراق بالاستناد على نصوص لكتب دينية تمت كتابتها من قبل اشخاص يعانون عقدهم الخاصة من النساء ليستشهدوا بكتبهم بأيات قرانية ، وكل ما يحتاجوه هو لقب ديني وعقل شيطاني ومجتمع جاهل !