حضرت إحدى الندوات التي تقيمها مؤسسة مجمع مدني وكان عنوانها تمكين المرأة من المساواة مع الرجل .
وأنا مؤمنة بالمساواة واسعي لتحقيق هذا الأمر في جميع المجالات بحدود ما تسمح به الشرائع السماوية والقيم الإنسانية النبيلة والإمكانيات النفسية والخلقية التي برأنا الله تعالى عليها فالمساواة التامة لا يمكن أن تحقق إنسانية المرأة ولا تستطيع من خلال ذلك أداء دورها كرافدة للحياة وراعية للنشء ومربية للأجيال. مع الأخذ بنظر الاعتبار أهمية محاربة الأفكار التي تحط من مكانة المرأة والعمل على تذليل الصعوبات التي تعترض تمكينها من اخذ دورها الرائد في البناء .
أنصت إليها …إحدى المشاركات تحدثت قائلة إننا يجب أن نقاوم الجاهلين الذين لا يعترفون بحقنا في المساواة ..وأكدت..المساواة التامة في كل شيء .
لم تكن المرة الاولى التي تجمعني واياها حلقات النقاش الجماعي في اماكن مختلفة وفي الغالب كنت احرص على ان ابادلها النقاش الهادئ الموضوعي البعيد عن التطرف فكانت تستمع اليّ وتدافع عن رأيها التي تدعمه بذكر الفقرات التي تبخس المرأة حقها سواء منها القوانين الوضعية او ما يتعلق بالتقاليد والعادات والاعراف .
ما معنى المساواة …؟ تسائلت مع نفسي …هناك اختلاف في القابليات من ناحية القوة الجسدية هناك اختلاف في جانب العواطف ودرجات الصبر والتحمل ورحت اردد مع نفسي …سبحان الله متذكرة الآية القرآنية الشريفة (وخلقنا كل شيء بقدر) .
في هذه اللحظة ايقظني صوتها وترددت نبرات صوتها المتهدج في مسمعي وهي تقول…لماذا تقفون حائلا دون نيل المرأة حقها الطبيعي والانساني وهي تشكل ما يزيد عن نصف سكان الكرة الارضية واوضحت بإشارة من يدها ..اي ان النساء في جميع المجتمعات اعدادهن تزيد عن الرجال مما يؤدي الى :-
زيادة في النفقات
تدهور اقتصادي
زيادة المسؤوليات التي تقع على عاتقها
تعرضها الى ضغوطات متعددة /النفسية /واجتماعية /وصحية
عدم القدرة على مواكبة الحياة
واستمرت في حديثها ….المجتمع الذي يحترم المرأة ويمنحها حقها يكون مجتمعا متفوقا دائما . انظروا الى المجتمعات الغربية الى اي درجة من التقدم وصلت ذلك لأن المرأة التي تعيش حريتها تبدع وتخلص في عملها وتربي جيلا صالحا يعي اهمية دور الفرد في المجتمع فيعلو البناء وتزدهر الحياة .هنا انبرى لها احد الجالسين بصوته الاجش معترضا : – ما هذا الذي تقوليه هل تريدين منا ان نترك بناتنا وابنائنا دون رقابة او توجيه وان لا نشاركهم الرأي و التوجيه حتى بالقوة ان اقتضت المصلحة …!!!
اثارت هذه الملاحظة لغط كبير بين الحضوروصار الجميع مشاركا في الحديث بحيث تداخلت الاصوات بينما تميز صوت نسائي وحين التفت ناحية الصوت كانت المتحدثة امرأة متوشحه بالسواد ذات نظرة ثاقبة صمت الجميع حين تكلمت بنبرات هادئة وهي تواجه الجمع قائلة ..نحن لانطلب المساواة ولكن نطلب العدالة الاجتماعية ففي الدين الاسلامي الحنيف نجد المرأة مكرمة مصانة ولها حقوق مميزة فهي ريحانة وليست كهرمانة واما ما يخص الارث والزي فهي لها احكامها وتشريعاتها ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو هل مجتمعاتنا التي نسميها مجتمعات اسلامية تتعامل وتطبق النظم والقوانين وهل يقوم الرجل بأداء المهام والواجبات
الشرعية ..وصمتت للحظات منظرة جواب الاخرين وحين لم يجبها احد عادت الى الحديث ..الجواب هو كلا وان بادر احد الى الاعتراض فأقول كلا وبنسبة تسع وتسعين وتسعة بالعشرة ولهذا فاننا نطالب بالعدالة وليس بالمساواة .وقبل ان تعود الى مقعدها هتفت المحاضرة مؤكدةومصرة على انها تريد المساواة وليس العدالة فقالت لها المساواة هي ان تشاركي الرجل في المعمل والحقل والجهاد وان تقومي بجميع الاعمال الشاقة التي تتطلب قابليات ومهارة جسدية عالية وان تتخلي عن المهر الذي جعله الله لك حقا واجبا في ذمة الزوج ..
ندت عن المحاضرة آهة طويلة وقبل ان تتكلم صفق الجميع تأييدا وانتصارا للمرأة التي بينت بكلمات مختصرة مواضيع تناولتها الكتب بصفحات ومجلدات.
اذن المساواة مطلب غير واقعي ولكن العدالة الاجتماعية التي من خلالها يكتمل بناء المجتمع وتتحقق اهدافه السامية.