18 ديسمبر، 2024 8:52 م

المرأة الأشورية واكبت التطور وحافظت على خصوصيتها الحضارية

المرأة الأشورية واكبت التطور وحافظت على خصوصيتها الحضارية

منذ فجر التاريخ احتلت المرأة (الأشورية) مكانة متميزة في المجتمع وعلى كل المستويات الاجتماعية.. والسياسية.. والاقتصادية.. فبوعيها ونشاطها استطاعت الوصول إلى أعلى المناصب لدرجة التي تمكنت اعتلاء عرش الإمبراطورية (الأشورية) على يد الأميرة (الأشورية) (شميران – سمير أميس)، لتبرز حجم طاقاتها وإمكانياتها في إدارة شؤون الحياة؛ كأم.. وأخت.. وزوجة.. ومربية.. ومقاتلة.. شاركت مع أخوها الرجل في السراء والضراء وفي اغلب المحن التي مرت على الأمة (الأشورية) منذ تأسيس إمبراطوريتهم قبل سبعة ألاف سنة والى يومنا هذا.

ومنذ بدا تاريخ الأمة استطاعت المرأة (الأشورية) التعرف على ذاتها ولم ترضخ بالعبودية.. والذل.. والاستعباد؛ واستطاعت تحطيم أغلال العبودية.. والقيود.. والجدران المحيطة بحريتها؛ وسعت بوعي ونضال صقل شخصيتها بقيم العلم والمعرفة وأضاءت الضياء حول واقعها؛ في وقت الذي كانت النساء في محيطها من الشعوب الأخرى يطبق على تحركاتهن وأنفاسهن ظلام العبودية.. والاستغلال.. والعنف الأسري.. والتهميش.. والإقصاء؛ بعكس ما كانت علية صورة المرأة (الأشورية) المشرقة تحضى بمكانة مرموقة في المجتمع (الأشوري) بما سمح لها المجتمع بتحقيق ذاتها؛ بعد إن استطاعت الاحتفاظ بتوازن أفعالها وتصرفاتها بين العاطفة والعقل بشكل نموذجي؛ لتحقق لمكانتها طفرة نوعية في حركة نضالها بمستوى راقي أورثت للأجيال القادمة موروثها المجتمعي جسدت فيه كل إبعاد قيمها الأصيلة كمناضلة.. ومقاتله.. ومعلمة.. ومربية.. باعتبار ذلك جزء من عرف زاولته وتزاوله المرأة في المجتمع (الأشوري) بشكل متوازن مع مكانتها في المجتمع ودورها في اتخاذ القرار، لتحضى المرأة (الأشورية) المعاصرة بهذا الإرث المتراكم من نضال المرأة عبر السنين، فمن الملكة (شميران – سميره أميس) التي اعتلت عرش الإمبراطورية (الأشورية) للفترة ( 822 – 511 ق.م) إلى نماذج لا حصر لها في تاريخنا القديم.. والحديث.. والمعاصر، لتواصل نضالها بإرادة نافذة طورت أفاق وعيها ومكانتها وقدراتها الفكرية والذهنية لتنطلق نحو أفق غير محدود رسمت ثورة نهضتها بما بذلته من وعي وعمل جاد لازدهار ونهضة أمتها على كل الأصعدة، وبذلك انفردت بكاريزما تناغمت مع الحداثة ودينامكية التطور وطبيعة دورها الخلاق في المجتمع لرسم حياة مستقبلية حرة لها ولمجتمعها في حق تقرير المصير في خضم الفوضى الخلاقة التي عصفت وتعصف منطقتنا الشرقية.

وعبر هذا التوازن والتناغم بين الذكاء والتصرف وبعين ثاقبة ووعي نابض حافظت على مكانتها الاجتماعية في المجتمع (الأشوري) بعيدا عن الواقع الراديكالي الذي ساد واقع المرأة في منطقتنا الشرقية متمسكة بما حققته في مسيرتها وتاريخها الموغل في حضارة وادي الرافدين بما يتعلق بمكانة المرأة في مجتمعها؛ لان أيديولوجية المرأة منذ إن اعتلت عرش الإمبراطورية كأول مرة في تاريخ الحضارات تعتلي هذا المنصب لم يهدف فحسب على تمكين المساواة وتحرير المرأة بقدر ما سعت إلى تأسيس ثقافة مجتمعية للمجتمع (الأشوري) منذ البدا معززا برؤية تواكب الحداثة في كل عصر؛ وهذا ما أمكنتها في تحقيق ذلك على ارض الواقع؛ بعد إن تمكنت من ردع الأفكار الراديكالية التي تتداول في المجتمع أو من حوله لكي يبقى المجتمع بعيدا عنها؛ وهذا التمكين لم يكن سهلا عبر كل مراحل التاريخ بما مر على المجتمع (الأشوري) من حروب.. وغزوات.. واضطهاد.. وتهجير.. وتهميش.. وإقصاء.. و قتل.. وخطف.. ودمار.. خلال أكثر من ألفين عام منذ سقوط الإمبراطورية (الأشورية) في 612 قبل الميلاد والى يومنا هذا؛ بل كان نتيجة نضال التي خاضته المرأة تحديدا قبل نضال الرجل للاحتفاظ بقيمها الأصيلة في المجتمع (الأشوري)، نضال خاضته على كل مستويات الحياة ثقافيا.. واجتماعيا.. واقتصاديا.. وطبقيا.. وسياسيا.. وحتى دينيا؛ وكل ذلك بدأته أولا من محيط أسرتها ولم تنهيه إلى مؤسسات أمتها السياسية.. والاجتماعية.. والاقتصادية.. بل تعدت إلى مؤسسات المجتمعات الإقليمية والدولية التي عاش فيها مجتمعها (الأشوري)؛ لتشارك المرأة الشرقية والغربية تطلعاتهم في الحرية.. والمساواة.. والعدل.. وتحقيق السلام.. والاستقرار العالمي .

فشاركت المرأة (الأشورية) في اغلب مؤتمرات الدولية وفي أنشطة الجمعيات والاتحادات والنقابات والمنظمات النساء وفي شتى دول العالم، لان في صميم أيديولوجيتها كان التركيز يصب على تحقيق العدل الاجتماعي.. والمساواة.. وتحديث البرامج التوعوية؛ بما يواكب تطورات العالم والتقدم التكنولوجي وبما تحافظ كل جهة بخصوصيتها وموروثها الحضاري، بكون المرأة (الأشورية) متمسكة بهوية أرضها وبتاريخ أمتها وكفاحها ونضالها؛ الذي يعزز من انتمائها القومي روح الوطنية وارتباطها التاريخي بحضارتها فكرا وإرادة؛ بما جعلها تحترم من قبل أخوها الرجل بهذه التطلعات؛ بعد إن أجادة تنظيم حياتها وحياة أسرتها بتكريس هذه المعايير بروح المشاركة البناءة لمواجه تحديات الواقع، فسعت مع أخوها.. وأختها.. وأبيها.. وابنها.. وبنتها.. وزوجها.. في الكفاح ضد كل من يسلب منهم هويتهم وحقوقهم وتطلعاتهم في حق تقرير المصير، انه مبدأ النضال المنظم عبر الكفاح.. والنضال.. والصمود.. في كل ميادين الحياة الذي سعت إلى تحقيقه المرأة (الأشورية) وفق تطلعات المجتمع نحو النهضة والرقي؛ ووفق تطلعاتها الموازية لهذه القيم وبرؤية وإرادة وخصوصية كرست نضالها لهذه المساعي النيرة نحو مستقبل أفضل لها ولمجتمعها، وهذا التنظيم في السلوك هو الذي جسد الحب.. والفضيلة.. والاحترام.. في مجتمعنا (الأشوري)، إذ إن سلوكيات مجتمعنا ترتقي إلى مستوى عالي من الأخلاق.. والحب.. والاحترام.. والتقدير.. والتعامل الحسن بالنبل والكرم.. ليس فحسب بين أفراد مجتمعنا (الأشوري) بل مع الآخرين؛ وهذه الصفة المتقدمة من قيم الأخلاق تظهر للعيان بكل وضوح مع كل من يختلط بإفراد مجتمعنا (الأشوري) أينما وجدوا، في القرى والأرياف والمدن؛ وكل ذلك يعود بفضل سلوكيات ووعي المرأة (الأشوري) في تنظيم أسرتها بشكل رصين التي يعتمد الرجل عليها؛ بعد إن قرأ وعيها بما فيه من لغة جمالية رسخت سلوكيات راقية معززة بالاحترام.. والفضيلة.. والكرم.. وحسن الضيافة.. والتقدير.. في كل المواقف؛ وهذا ما عزز الحب ومكانته في مجتمعنا وعكس إيجابا في سلوكيات أبنائنا أينما كانوا .

إن تنظيم وعي في ذات المرأة هو الذي طور سلوكها في حرية المرأة وعزز من دورها وأبعدها عن اغتراب الذات؛ بسبب قناعتها بالضمير المتكلم في أعماقها؛ بعد إن اجادة التحكم في تصرفاتها.. وأحاسيسها.. ومشاعرها.. وأفكارها؛ لأنها ربطت حريتها بحرية مجتمعها بدا وانتهاءا؛ وهو مبدأ يخدم قضية المرأة (الأشورية) ويجعل الرجل يساهم في تعزيز هذه القيم في ذاتها بكونه يدرك ويلتمس نضالها ومساهمتها في تمكين غيرها من نسوة العالم للارتقاء بمكانتهن في المجتمع .

ومن هنا فان مساعي نضال المرأة (الأشورية) لم يقتصر في تطوير سلوكيات المجتمع بل تعدى نضالهن للمساهمة في ساحات القتال ودخول المعارك؛ ولامتنا صور من تاريخ القديم والحديث والمعاصر في هذا الطريق؛ طريق الحرية.. والنضال.. والكفاح.. والاستشهاد دفاعنا عن تطلعات الأمة في الحرية وحق تقرير المصير .

ولهذا نجد نماذج لا حصر لها للمرأة (الأشورية) شاركن في حركات التحرير والنضال ضد المستعمرين ومغتصبين أراض الأمة (الأشورية)؛ وساهمن في حركات الاستقلال القومي من اجل الحصول على حقوق الأمة، ولا تزال المرأة (الأشورية) إلى يومنا هذا تناضل من اجل قضية أمتها وتشارك الأحزاب.. والحركات.. ومنظمات.. وبرلمانات الدولية.. ومنظمات المجتمع المدني.. لطرح معانات الأمة (الأشورية) للحصول على حقوقهن في الحرية والاستقرار، لتخلف وراءها تاريخا حافلا بالنضال لإثبات هويتها في الكفاح ومقارعة ظلم الاستعمار والاضطهاد الذي مارسته الشعوب والأقوام التي غزت أراضيهم واجبرن إلى النزوح والتشرد، ومع ذلك تعاملت المرأة (الأشورية) بدينامكية وحيوية وعدم الاستسلام مع تطلعات أخوها الرجل؛ فسعت لتكيف واقعها مع مسارات الإحداث لمواجهة تحديات التي واجهتها الأمة (الأشورية) على مر تاريخ الأمة القديم والحديث والمعاصر؛ بل إن المرأة (الأشورية) تسلحت بإيمانها التحرري لتباشر توعية الأجيال بقيمة الحرية.. والاستقلال.. وحق تقرير المصير الأمة؛ ليكون توجهاتها شرارة لا تنطفئ لبث روح الحماس والكفاح بين صفوف أبناء الأمة لاستعادة دورهم في الحياة الكريمة بعيد عن الاستبعاد والعبودية؛ وهذا ما جعلها أكثر تحديدا وتصميما للانخراط في صفوف حركة الرجال التحررية وبأنشطة الكفاح القومي.. والنضال الثقافي.. والاجتماعي.. والسياسي.. وبطموح لتغيير واقع الأمة نحو الأفضل لمواجهة التحديات بروح نضالية وكفاح؛ لأنه هو طريق السليم لتحقيق واثبات هوية الأمة على ارض الواقع .

فنضال المرأة (الأشورية) هو نضال استمد قوته من الصمود.. والتحمل.. والصبر.. بما لاقته من صعوبات الناجمة من استشهاد أزواجهن أو من وقع في الأسرى ومن سقط جريح أو تعوق؛ وتحملت مسؤولية هذه الأقدار وتشردهن والنزوح في المخيمات، نعم تحملن مسؤولياتهن دون الاستسلام لهذه الأقدار التي ضربت امتنا خلال الحقب الماضية وتحديدا خلال حقبة مائتي عام الماضية والتي كانت الأقسى في تاريخهم الحديث والمعاصر؛ ومع ذلك صمدن وحملن المحراث كفلاحة تزرع وتحصد في القرى والأرياف موطنها؛ وحين نزحت إلى المدن من مواقع موطنها الأصلي لأسباب لا حصر لها؛ عملت بجد وجهد كعاملة وموظفة إضافة إلى واجباتها الأسرية أنجبت.. وأرضعت.. وربت أطفالها على قيم الفضيلة والأخلاق النبيلة لينشوا معززين بقيم أمتهم للحفاظ على تراثهم وثقافتهم ولغتهم (الأشورية)؛ ليكونوا لهم دورا مشرفا في مسيرة النضال والكفاح؛ إضافة إلى ذلك فان المرأة (الأشورية) حملت البندقية وشاركن مع الرجل في مسيرة النضال والكفاح لتحقيق أهداف الأمة في العودة إلى مواقع وطنهم وتقرير المصير وإقامة دولة مستقلة خاصة بهم على ارض وادي الرافدين ارض الآباء والأجداد للأمة (الأشورية)، ليستمر هذا الطموح يعزز فيهن ليل – نهار؛ ليقمن بواجب توعية أجيال الأمة للمضي قدما نحو النضال والكفاح لبناء مؤسسات الأمة (الأشورية) والصمود بوجه قوى الإرهاب والعدوان والظلم، لان جبروت الطغاة وقوى الشر مهما طغت لن تسلب من الأمة روح الكفاح.. والنضال.. والعزم.. على التحرر واسترداد الحقوق مهما طال الزمن؛ ليعيشوا أحرارا وبحرية وكرامة.

ومن خلال هذه المسؤولية حافظت المرأة (الأشورية) بمكانتها النضالية الفاعلة؛ لتبقى على الدوام في صميم الإحداث فاعلة في كل مسارات نضال الأمة؛ لتخلق لمجتمع أمتها واقعا جديدا يحفظ وجودهم ويعبر عن الإرادة الحقيقة لتطلعات الحراك الثوري للمرأة (الأشورية) ويحقق طموحاتهن وآمالهن في الحرية.. والكرامة.. والاستقلال؛ لان وجود الإرادة الحية في روح نضال المرأة هو الذي يحفز المجتمع برمته لسير في طريق النضال والكفاح والتنمية والتحرر؛ باعتبار المرأة نصف المجتمع وقوة من قوى الأمة تعمل على كل المستويات؛ وفي كل مؤسسات وتشارك بروح نضالية وتلهب الحماس في نفوس أطفالها.. وعائلتها.. وإخوانها.. وأخواتها.. وفي كل مواقع تواجدها؛ وهذا ما عزز في المجتمع (الأشوري) روح التكاتف مع تطلعات المرأة (الأشورية) في إثبات وجودها في كل مجالات الحياة التنموية سياسيا.. واجتماعيا.. واقتصاديا؛ بعد إن أثبتت وجودها في كل ميادين الصراع.. والنضال.. والتنمية.. والفداء.. لبناء مؤسسات أمتها؛ وهذا الاستشراق فتح آفاق النور لمستقبل أمتها؛ وحول مسيرة المرأة (الأشورية) وعلى مر التاريخ القديم.. والحديث.. والمعاصر إلى مسيرة العمل.. والبناء.. والكفاح.. والنضال.. من اجل تحقيق أهداف الأمة (الأشورية) في الحرية وحق تقرير المصير .