10 أبريل، 2024 12:16 م
Search
Close this search box.

المذاهب أدوات الكراسي!!

Facebook
Twitter
LinkedIn

إذا تتبعنا مسيرات الحكم منذ إبتداء الخلافة وحتى اليوم , سيتبين بوضوح أنها تطورت بإتجاه إستخدام الدين ليكون حصان طروادة الذي تفتح به الحصون , وتستعبد الناس وتستحوذ على الدنيا بإسم الدين.
وبعد أن ظهرت المذاهب بأنواعها ومدارسها وفرقها , تحولت إلى أدوات للكراسي , فكل سلطان يستعمل ما يراه مناسبا منها ويسخره لخدمة سلطانه وحماية حكمه , حتى يموت ويأتي غيره لينظر في ذات المذهب أو نحو غيره , وهكذا دواليك.
وخلاصة ما تقوم به الكراسي أنها وجدت في المذاهب أسهل وسيلة للحكم والقبض على مصير الناس في أصقاع المعمورة التي تقع تحت سلطانها , وذلك لأن المذاهب تفرّق وتبعث على التصارع الذي يجعل الناس منشغلة ببعضها ولاهية عن لهو السلطان وحاشيته.
ولا يختلف نظام حكم مهما إدّعى عن غيره في هذا الشأن , فلكل نظام حكمٍ مذهبا يستعمله , ويمتهن الناس به ويفتك بهم ويظلمهم ويذيقهم سوء المصير.
وإستعمال المعتزلة معروف وكذلك الأشاعرة , والمذاهب الأربعة , والتسنن والتشيع وغيرها من المدارس والفرق , بل أن هذه المذاهب قد تم إختراعها ونسبتها إلى فقهاء لهم وجهات نظر في المسائل التي يتصدون لها , لتكون وسائل سهلة للحكم .
فلا يمكن لحاكم أن يدوم في حكمه دون عمائم تسوم الناس تضليلا وبهتانا ودجلا وخداعا , وتروضهم لكي يتحولوا إلى قطيع راتع في ظلال مواعظهم التي تحضهم على الطاعة والتبعية والإيمان المطلق بالحاكم أو السلطان , فالعمائم هي التي تقود الشعوب إلى كهوف الخسران , وتأخذ على ذلك أجرا ومقاما وجاها , وتمعن في التمتع بدنياها وتحث الناس على الحرمان والفقر والفقدان.
وهي ظاهرة متكررة ومتعاظمة وقد بلغت ذروتها في القرن العشرين وما بعده , عندما تأسست الأحزاب والجماعات المؤدلجة المدججة بالشرور والعدوان , وهي تسعى بإسم الدين للخراب والدمار والإمساك بالحكم ولوي عنق السلطان.
وفي واقع الأمر أن المذاهب أحزاب في جوهرها وتطلعها وقد شاركت جميعها في الحكم إلا ما قل وندر , وها هي اليوم تطل برؤوسها وتتحارب لأنها تريد السلطة , وتؤمن بالكرسي الذي تراه على مقاسات تصوراتها الأصولية , ومفاهيمها الدوغماتية المحقونة بالعدوانية والكراهية والرفض العارم لأي رأي لا يتوافق ورؤاها الموتية.
وهكذا تجدنا في محنة التصارع الإنقراضي ما بين المذاهب والجماعات كافة , وقد تحقق إستثمار كبير فيها , ولهذا فأنها ستقضي على بعضها ونفسها , وتحيل البلاد إلى عصف مأكول والعباد إلى قطيع مشرد تتناهبه الذئاب والوحوش السابغة الوافدة من أصقاع الغاب الأرضي العنيف.
قهل ستتحرر من هذا السلوك المرير؟!!

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب