23 ديسمبر، 2024 1:56 ص

المذاهب أدوات الكراسي!!

المذاهب أدوات الكراسي!!

إذا تتبعنا مسيرات الحكم منذ إبتداء الخلافة وحتى اليوم , سيتبين بوضوح أنها تطورت بإتجاه إستخدام الدين ليكون حصان طروادة الذي تفتح به الحصون , وتستعبد الناس وتستحوذ على الدنيا بإسم الدين.
وبعد أن ظهرت المذاهب بأنواعها ومدارسها وفرقها , تحولت إلى أدوات للكراسي , فكل سلطان يستعمل ما يراه مناسبا منها ويسخره لخدمة سلطانه وحماية حكمه , حتى يموت ويأتي غيره لينظر في ذات المذهب أو نحو غيره , وهكذا دواليك.
وخلاصة ما تقوم به الكراسي أنها وجدت في المذاهب أسهل وسيلة للحكم والقبض على مصير الناس في أصقاع المعمورة التي تقع تحت سلطانها , وذلك لأن المذاهب تفرّق وتبعث على التصارع الذي يجعل الناس منشغلة ببعضها ولاهية عن لهو السلطان وحاشيته.
ولا يختلف نظام حكم مهما إدّعى عن غيره في هذا الشأن , فلكل نظام حكمٍ مذهبا يستعمله , ويمتهن الناس به ويفتك بهم ويظلمهم ويذيقهم سوء المصير.
وإستعمال المعتزلة معروف وكذلك الأشاعرة , والمذاهب الأربعة , والتسنن والتشيع وغيرها من المدارس والفرق , بل أن هذه المذاهب قد تم إختراعها ونسبتها إلى فقهاء لهم وجهات نظر في المسائل التي يتصدون لها , لتكون وسائل سهلة للحكم .
فلا يمكن لحاكم أن يدوم في حكمه دون عمائم تسوم الناس تضليلا وبهتانا ودجلا وخداعا , وتروضهم لكي يتحولوا إلى قطيع راتع في ظلال مواعظهم التي تحضهم على الطاعة والتبعية والإيمان المطلق بالحاكم أو السلطان , فالعمائم هي التي تقود الشعوب إلى كهوف الخسران , وتأخذ على ذلك أجرا ومقاما وجاها , وتمعن في التمتع بدنياها وتحث الناس على الحرمان والفقر والفقدان.
وهي ظاهرة متكررة ومتعاظمة وقد بلغت ذروتها في القرن العشرين وما بعده , عندما تأسست الأحزاب والجماعات المؤدلجة المدججة بالشرور والعدوان , وهي تسعى بإسم الدين للخراب والدمار والإمساك بالحكم ولوي عنق السلطان.
وفي واقع الأمر أن المذاهب أحزاب في جوهرها وتطلعها وقد شاركت جميعها في الحكم إلا ما قل وندر , وها هي اليوم تطل برؤوسها وتتحارب لأنها تريد السلطة , وتؤمن بالكرسي الذي تراه على مقاسات تصوراتها الأصولية , ومفاهيمها الدوغماتية المحقونة بالعدوانية والكراهية والرفض العارم لأي رأي لا يتوافق ورؤاها الموتية.
وهكذا تجدنا في محنة التصارع الإنقراضي ما بين المذاهب والجماعات كافة , وقد تحقق إستثمار كبير فيها , ولهذا فأنها ستقضي على بعضها ونفسها , وتحيل البلاد إلى عصف مأكول والعباد إلى قطيع مشرد تتناهبه الذئاب والوحوش السابغة الوافدة من أصقاع الغاب الأرضي العنيف.
قهل ستتحرر من هذا السلوك المرير؟!!