جاء في مقال “الثورة تنتصر… مصطلح المدنية بعد العلمانية أصبح مقابلاً للعمالة” للمدعو أحمد القصص – حزب التحرير لبنان: “بفضل الله ثم بفضل الدعاة، الذين يكشفون للأمة مداخل الكفار وتسورهم لفكر الأمة، لقد باتت المدنية والدولة المدنية والمجتمع المدني وجمعيات المجتمع المدني صنواً للعمالة للكافر الغربي، وكلكم يعلم شرط أمريكا وفرنسا على الإئتلاف، حتى يقبلوا به ويعترفوا به: مدنية الدولة! ذلك كل شرطهم ويذكرني هذا الشرط بشرط فرنسا على الثورة في ليبيا، عندما خرج محمود جبريل من لقائه مع ساركوزي، وقد أعلن ساركوزي أنه اعترف بالمجلس الوطني الإنتقالي الليبي ممثلاً عن ليبيا، قيل لجبريل، هل إشترط عليكم ساركوزي شيئاً ما… قال وبوادر الصدق والبغولة تملأ محياه: “أبداً لا شيء، غير إرساء نظام ديمقراطي”! نعم هؤلاء الخونة، وديعون وداعة البغال، غباؤهم يفوق غباء البغال، فهم لا يدركون معنى ذلك ولا متطلباته ربما لأنهم هم نتاج الغرب ولا صلة لهم بفكر الأمة ولا بمبدئها إلا من خلال اسمائهم! ولكن هل مكتوب علينا أن لا يقود ثورتنا إلا صنائع الغرب؟! فإذا كان الغرب قد إعترف بفلان وبمجلسه قائداً للثورة، هل يعقل أن يعترف به وهو يحفظ مصالح الثورة؟! أبداً! إن إعتراف الغرب بمجلس وبأشخاص بعينهم، هو تهمة لذلك المجلس ولأولئك الأشخاص…” إنتهى
هذا الخطابُ: خطابٌ داعشيٌ بمعنى الكلمة، وكُلُّ من يتحدث بهذا المنطق فهو داعشيٌ، بلا مجادلةٍ أو مجاملة، فالمدنية غيرُ العلمانية وهما غير الليبرالية، وإن تطابقا في بعض الصفات والتطبيقات فذلك بسبب بُنية المجتمعات والقوانين التي تحكمها، ومن أراد معرفة الفرق بين(الليبرالية والعلمانية والمدنية) فليقرأ مقالنا” فوز ترامب: نهاية عصر الليبرالية وبداية عصر القومية الشعبوية” المنشور في الصحف الورقية والمواقع الألكترونية بتاريخ: 14/11/2016…
هذا الداعشي يعتبر(المدنية) كفرٌ وإلحاد! أفلا يدري أن رسوله الذي يدعي الإنتماء إليه، أنه هو مَنْ أطلق على(يثرب) إسم (المدينة)، ثم أضاف إليها المسلمون(المنورة)، فأصبحت تُعرفُ بهذا الإسم(المدينة المنورة) حتى يومنا هذا؟
هل نحن الذين ندعو إلى إقامةِ دولةٍ مدنية، تركنا ديننا وأصبحنا كافرين؟
ألم يطالب الإسلام وكل الأديان بالحرية والمساواة؟ وهذه هي أهداف الليبرالية؟
لكي لا أُطيل، أُبين ماذا نقصد بالمدنية بأقل الكلمات: هي الدولة التي يحكمها ويقرر مصيرها الشعب، وفق دستورٍ مُتفقٍ عليهِ من أبناءه، في كُل ذلك يكون العسكر خارج ميدان الحُكم، ولا يتدخل في عمل مؤسسات الدولة، وبهذا فإن السلطة العُليا تكون بيد القانون والمدنيين”…
إنَّ ما حصل في تركيا خيرُ دليلٍ على نجاح المدنية وإنتصارها على العسكر، حيثُ إنتصفت المدنيةُ لنفسها، وكتبت نهاية الإنقلابات العسكرية، والزعامات الوثنية، والفكر المتحجر المبني على قوة السلاح، فهل نقولُ للشعب التركي أنك كافر؟ لأنك إنتصرت لنفسك وحافظت على دولتك وكيانك وقوتك؟!
لقد جاء في إفتتاحية مقال الدكتور(خضر السوطري) تحت عنوان”القوى المدنية تنتصر في تركيا”:( الأمة التركية والشعب التركي العظيم نهنئكم بالانتصار الكبير للحرية والمدنية والديموقراطية والشرعية في تركية الحبيبة وندعوا الله تعالى أن : “رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا” وأدم عليها الأمن والأمان والاستقرار واستمرار الإزدهار)…. فهل يُعقل أن ينطق هذه الكلمات، كافرٌ أو مُلحد؟!
نعم، اليوم في العراق، قد إنتصفت المدنيةُ لنفسها، وسوف تتنتصر بإذنهِ تعالى، بعد نهاية وتفكيك أكبر تكتل إسلامي صاحب أيدلوجية قديمة، كيان المجلس الإسلامي الأعلى، فبعد إعلان الحكيم عن ولادة تياره المدني الوطني الجديد(تيار الحكمة)، كانت الفرحةُ كبيرة جداً، لدى الجماهير التي إحتشدت أمام مكتبهِ، أو راقبت خطابهِ عَبر شاشات الفضائيات…
بقي شئ…
على التيارات الإسلامية أن تحذو حذو الحكيم، عاجلاً وبإرادتها، وإلا فستضطر آجلاً لفعل هذا الشئ، فإن المدنية قادمةٌ وستنتصر…