المدارس الإبتدائية حواضن الأجيال البشرية , ويمكن معرفة مستقبل أي مجتمع من أحوال مدارسه الإبتدائية , فالبناية المدرسية تعطيك صورة أولية عن أحوال المستقبل , وتنبؤك بما سيكون عليه المجتمع وما سيتأكد فيه من الحالات.
والعلاقة ما بين المدارس الإبتدائية والواقع السلوكي في أي مجتمع , علاقة طردية , فإن كانت المدرسة ذات جودة عالية يكون ذلك منعكسا في الواقع الحياتي في المجتمع , وإن كانت متردية فالواقع المجتمعي سيكون مترديا وخاويا , وتلك معادلة سلوكية واضحة أدركتها المجتمعات المتطورة في عالمنا المعاصر , فركّزت بجهودها على إصلاح المدارس الإبتدائية وتأهيلها لإستحضار الحاجات المستقبلية , وفهم التحديات وأبجديات المواجهة ومهارات الرقاء والإبتكار والعطاء الأصيل.
ولهذا فأن بنايات المدارس الإبتدائية في المجتمعات المتطورة والطامحة لمستقبل قوي وسعيد , تكون شامخة وكأنها الصروح الرائعة التي يتباهى بدخولها الأطفال , فتبث فيهم روح القوة والعزة والكرامة والإباء , وتُشعرهم بأنهم أقوياء وقيمتهم كبيرة , ودورهم عظيم في صناعة الحاضر وبناء المستقبل.
فالأطفال الذين يدرسون في مدارس رائعة البنيان , وفيها مؤهلات وعناصر الزمن الذي يعيشونه , تتولد فيهم طاقات وثابة نحو مستقبل زاهر سعيد.
ومن الواضح في المجتمعات القوية , أن بنايات الدوائر القضائية والمدارس والمكتبات تكون ذات هيبة وأبّهة , ورمزية عالية وتأثير فعال في بناء السلوك وتعمير الشخصية الإنسانية.
وفي المجتمع العراقي , عند تأسيس دولته , كانت بنايات المدرسة والمحكمة والمكتبة والبلدية ذات أشكال عمرانية واضحة ومؤثرة في الحياة اليومية , وقد عهدتُ ذلك في مدينتي سامراء , حيث كانت بنايات المدارس الإبتدائية ذات قيمة عمرانية وفنية , تمنح التلاميذ شيئا من الشعور بالقوة والعزم والقدرة على صناعة الحياة.
ولكي تعرف مستقبل أي مجتمع عليك أن تعاين بنايات مدارسه الإبتدائية أينما وجدت , فالمفروض أن تكون بذات الهيبة العمرانية في جميع الأمكنة كالقرية والناحية والقضاء والمناطق النائية , وأن تشمخ في كل مكان بنايات المدارس الإبتدائية والمكتبات العامة , لتكون صروح إلهام وتوثب وإنطلاق إلى الأمام.
أما إذا أصبحت المدارس الإبتدائية كالزرائب والأكواخ فهذا يعني أن المستقبل معدوم , والناس تتدحرج إلى الوراء ولا يمكنها أن تعبق من أريج حاضرها وعطر مستقبلها.
فلا بد من الإهتمام الأقصى ببنايات المدارس الإبتدائية لكي نضمن مستقبلا سعيدا ولائقا بجوهر حقيقتنا الحضارية الإنسانية.
فهل يدرك ذوي الأفهام أسرار العزة والكرامة والإقتدار؟!!