17 نوفمبر، 2024 5:18 م
Search
Close this search box.

المخفي والمعلن في صناعة الأحاديث

المخفي والمعلن في صناعة الأحاديث

ليس في كل الأحيان تظهر الحقيقة في وقتها ، فبعض الحقائق تحتاج الى قرون لكي تظهر !! / كاتب المقال

الموضوع : تملأ الأحاديث التي تنسب الى رسول الأسلام المراجع والمصادر ، وفي أولهما صحيح البخاري وصحيح مسلم – ثاني وثالث أصح كتابين بعد القرآن عند أهل السنة والجماعة ، وهناك أكداس أخرى بذات الوقت ، من الأحاديث والفتاوى لأئمة السلف ، ما أنزل الله بها من سلطان ! ، وسأعرض فيما يلي حديثين ، ومن ثم سأسرد قراءتي الخاصة لهما :
* إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما. ومثله حديث : إنه ستكون هنات ، فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائناً من كان. روى ذلك كله مسلم في صحيحه . قال الإمام النووي : فيه الأمر بقتال من خرج على الإمام أو أراد تفريق المسلمين ونحو ذلك ، وقد نقل الإجماع على ذلك النووي في شرح مسلم فقال: اتفق العلماء على أنه لا يجوز أن يعقد لخليفتين من عصر واحد سواء اتسعت دار الإسلام أم لا ، وقال إمام الحرمين في كتابه ” الإرشاد ” : قال أصحابنا لا يجوز عقدها لشخصين .. نقل أختصارمن موقع / أسلام ويب .
* قال الإمام أحمد : ومَن غلب عليهم بالسيف ؛ حتى صار خليفة ، وسُمّي أمير المؤمنين : فلا يحل لأحد يؤمن بالله أن يبيت ولا يراه إمامًا ، برًّا كان أو فاجرًا . وقد سئل الإمام أحمد عن حديث « من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية » ما معناه ؟ فقال : ( أتدري ما الإمام ؟ الإمام الذي : يجمع المسلمون عليه ، كلهم يقول هذا إمام ، فهذا معناه ) ولعل في كلام شيخ الإسلام هذا يزول الإشكال ، وأما قول الرافضي ” إنهم يقولون إن الإمام بعد رسول الله أبو بكر بمبايعة عمر برضا أربعة ” ، فيقال له ليس هذا قول أئمة أهل السنة وإن كان بعض أهل الكلام يقولون إن الإمامة تنعقد ببيعة أربعة كما قال بعضهم تنعقد ببيعة اثنين وقال بعضهم تنعقد ببيعة واحد فليست هذه أقوال أئمة السنة بل الإمامة عندهم تثبت بموافقة أهل الشوكة عليها .. نقل بأختصار من موقع / ملتقى اهل الحديث .
* وبعض المفاصل من الأحاديث السابقة بنيت أو مسندة بأحاديث أخرى ! فرسول الأسلام يشدد على الأمارة على الجماعة حتى ولو كانوا ثلاث أشخاص ! ، فقد جاء في موقع / ملتقى أهل الحديث ، أنقله بأختصار ” وقال في رواية إسحاق بن منصور وقد سئل عن حديث النبي من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية ما معناه فقال تدري ما الإمام الإمام الذي يجمع عليه المسلمون كلهم يقول هذا إمام فهذا معناه ، ولو كان جماعة في سفر فالسنة أن يؤمروا أحدهم كما قال النبي لا يحل لثلاثة يكونون في سفر إلا أن يؤمروا واحدا منهم . فإذا أمّره أهل القدرة منهم صار أميرا فكون الرجل أميرا وقاضيا وواليا وغير ذلك من الأمور التي مبناها على القدرة والسلطان متى حصل ما يحصل به من القدرة والسلطان حصلت وإلا فلا ، إذ المقصود بها عمل أعمال لا تحصل إلا بقدرة فمتى حصلت القدرة التي بها يمكن تلك الأعمال كانت حاصلة وإلا فلا .. ” . * من فحص من كل ما سبق ، أرى أشكالا في صفات الحاكم ، حيث أن الأحاديث لا تشترط في ولاة الأمر أن يكون الأمام أو الأمير صالحا ، بل قالوا : ” برًّا كان أو فاجرًا ” ، وهذا الأمر هو الذي يعطي الحاكم أن يكون مطلق اليد في أمور رعيته ! ، أضافة الى هذا هناك تأكيد على أن يكون لكل فرد أو جماعة أماما وألا : « من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية » .
القراءة : أولا – الذي يقرأ واقعة الطف / مثلا ، وملخصها ” شهد التاريخ الإسلامي في كربلاء واقعة مروعة تعد من أكبر الوقائع والأحداث المؤلمة التي شهدها العالم الإسلامي ، ألا وهي حادثة الطف (عاشوراء) التي وقعت بين الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب وأهل بيته وأصحابه المعدودين ، وبين الملك العضوض المتمثلة بيزيد بن معاوية بن أبي سفيان وجيشه الكبير في شهر محرم الحرام سنة 61هـ 680م ، وأنتهت بنحر رأس الحسين بن علي .. / نقل بأختصار من موقع شبكة النبأ المعلوماتية ” ، يستشعر بكل تأكيد أنها تتوافق مع الأحاديث أعلاه ، وهو أعطاء الأحقية لجيش يزيد في قتل من يخالفه في الخلافة ! ، بغض النظر عن من يكون يزيدا ! ، المعروف بفجره وكفره ، من جانب أخر ، أن شيوخ الأسلام أنقسموا أيضا حول سيرته ، وذلك حسب مصالحهم منه ، ففي موقع / الأسلام سؤال وجواب ، أنقل التالي بأختصار حول سيرة يزيد بن معاوية ، فبعضهم من قال : ( إنه كان كافراً منافقاً ، وأنه سعى في قتل سبط رسول الله تشفِّياً من رسول الله وانتقاما منه ، وأخذاً بثأر جده عتبة وأخي جده شيبة وخاله الوليد بن عتبة وغيرهم ممن قتلهم أصحاب النبي بيد على بن أبى طالب وغيره يوم بدر وغيرها .. ) ، وأخرين يقولون : ( يظنون أنه كان رجلًا صالحاً وإمام عدل ، وأنه كان من الصحابة الذين ولدوا على عهد النبي وحمله على يديه وبرَّك عليه . وربما فضَّله بعضهم على أبى بكر وعمر ، وربما جعله بعضهم نبيَّا .. ) . والمواقع الشيعية ، من جانب أخر يصفون يزيد بأقذع الصفات ، حيث يقولون عنه ( تجاهره بشرب الخمر ، إقامتة مجالس اللهو والفسق ، رقصه مع الجواري وملاعبته للقرود .. / نقل من موقع ويكي شيعة ) .
* هكذا هم رجال الأسلام لا قرار لهم ولا تأخذ منهم ألا التملق والتودد لولي الأمر ! ، فمن المؤكد أن يزيدا أتته مباركة من قبل شيوخ الأسلام بأن يقتل من يخالف بيعته على الخلافة التي أخذها من أبيه معاوية ، حتى وأن كان ذلك حفيد الرسول الحسين بن علي ، بل حتى التمثيل به / حيث تم قطع رأسه .. ! .
ثانيا – بعد رسول الأسلام ، صارت الكهانة ، والحل والربط ، للشيوخ والفقهاء والمحدثين والمفسرين و .. ، فهم يغيرون الأحداث والوقائع حسب تفاسيرهم ، ووفق أحاديث مصنوعة من قبلهم ، أحاديث تتواكب وتتماشى مع نهج الواقعة أو الحدث ، شرط أن تتفق مع رؤية ونظرة الحاكم لها ! ، فالأئمة لا منطق لهم سوى منطق الحاكم .
ثالثا – في التاريخ الأسلامي دهاليز ، ومنها محاور رجال الدين وولاة الأمر الذي شكل ويشكل ثقبا أسودا ليس من اليسير أدراكه ، ما وددت قوله بعد سرد ” واقعة الطف ” ، كمثال لدور رجال الدين في التكييف الديني للقتل من آجل السلطة ، أقول : أن رسول الأسلام لم يكن يوما من الأيام مفسرا للنص القرآني ! ، هذا من جانب ، ومن جانب أخر ، لم يكن بذاك المستوى الفكري حتى يمكن أن يؤخذ منه نهج معين أو طريقا محددا للمعالجات القبلية أو الأجتماعية ينصح بها بني قومه من بعده / لأعتماده في حقبته على صحابته كأبن عباس وعمر بن الخطاب وغيرهم في الأشكاليات التي تتطلب قرارا حاسما ! ، لذا أخذ زمام الأمر من قبل رجال الدين ، فقاموا هم بعد موت الرسول بالتفسير والأفتاء وأعطاء الأمر والفتوى بالنسبة للقضايا الأشكالية ! . رابعا – أني أرى أن الأحاديث صناعة رجال الأسلام / الشيوخ والفقهاء والمحدثين والمفسرين ، فبعد موت رسول الأسلام سنة 11 هجرية ، ذهب الأفتاء والحلال والحرام والحق والباطل وما يكون وما لا يجب أن يكون الى رجال الأسلام ، فهم أصحاب القرار ، وهم أهل النهي والأمر ! ، شرط أن تتوافق فتاواهم مع الحاكم ! .

ختاما : مما سبق يتأكد لنا أنه ليس من وجود منطقي وعقلاني للأحاديث المكتوبة ، وحتى نكون أكثر دقة ، فأن معظم ما نقرأ من أحاديث هي صناعة رجال الدين ! ، وذلك لأنها كتبت بما يتفق ورؤى ولي الأمر ، والسيف مسلط فوق رؤوسهم ! ، خدمة للسلطة والحكم ! . أن رجال الدين أخذوا مكانة الرسول بعد وفاته ! ، فشغلوا المسلمين بأحاديث موقعة من قبلهم ، وهم بهذا أحتلوا المكانة العليا دينيا ، وشغلوا بذات الوقت أهم المناصب في الدولة وفي المجتمع ، أضافة الى ما تدر عليهم تجارة الاحاديث والفتاوى من أموال من قبل الحاكم ! ، لذا – بعد موت الرسول ، الشعب وجه بوصلته نحو رجال الدين ، بدل أن توجه الى صاحب الدعوة المحمدية ! .

أحدث المقالات