22 ديسمبر، 2024 2:51 م

المخفي والمعلن عن زواج المتعة .. قراءة حداثوية

المخفي والمعلن عن زواج المتعة .. قراءة حداثوية

تعريف : لا بد لنا أولا – أن نعرف المتعة ، فزواج المُتعة في ( الفقه ) زواج مُؤقَّت ، بحيث يتزوّج الرَّجلُ من امرأة لغاية الأستماع بها لفترة زمنيّة ، وينتشر زواجُ المُتعة عند الشِّيعة / الأمامية . أما متعة النكاح فقهيا : ( مصطلحات ) نكاح المرأة لمدة مؤقتة على مهر معين . / نقل من قاموس المعاني .

أولا – المتعة في النص القرآني : الآية القرآنية المباشرة لتحليل المتعة ، هي ( وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۖ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ۚ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ أَن تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ ۚ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا / 24 سورة النساء ) ، وأورد تفسيرا مختصرا لها وبتصرف ، وفق أبن كثير (( وقوله ” والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم ” أي : وحرم عليكم الأجنبيات المحصنات وهن المتزوجات ، إلا ما ملكت أيمانكم ، يعني : إلا ما ملكتموهن بالسبي ، فإنه يحل لكم وطؤهن إذا استبرأتموهن ، فإن الآية نزلت في ذلك . قال الإمام أحمد : .. عن أبي سعيد الخدري قال : أصبنا نساء من سبي أوطاس ، ولهن أزواج ، فكرهنا أن نقع عليهن ولهن أزواج ، فسألنا النبي ، فنزلت هذه الآية : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم ، قال فاستحللنا فروجهن . ورواه مسلم من حديث شعبة عن قتادة .. وعن أبي سعيد قال الإمام أحمد : حدثنا ابن أبي عدي ..عن أبي سعيد الخدري ; أن أصحاب رسول الله أصابوا سبايا يوم أوطاس ، لهن أزواج من أهل الشرك ، فكأن أناسا من أصحاب رسول الله كفوا وتأثموا من غشيانهن قال فنزلت هذه الآية في ذلك والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم .. )) . هنا الله يضع الحل ، ولا يحرج محمدا ، ويحلل السبايا ” فإنه يحل لكم وطؤهن إذا استبرأتموهن” . وسنأتي على شرحها لاحقا .

ثانيا – المتعة في المذهب الشيعي / الأمامية ، وأنقل مقطعا مختصرا من ” كتاب السيد أبو القاسم الخوئي – منهاج الصالحين – ج 2 – ص 272 – 275 / الفصل الرابع في عقد المتعة ” (( ويشترط في المتعة ، الإيجاب مثل أن تقول المرأة : متعتك أو زوجتك أو أنكحتك نفسي ، والقبول من أهله مثل : قبلت ، ويشترط فيه ذكر المهر كما يشترط أيضا ذكر أجل معين لا يزيد على عمر الزوجين عادة وإلا كان العقد دوام على الأظهر ولو لم يذكر المهر بطل . لو نسي ذكر الأجل ففي البطلان أو انقلابه دائما قولان أظهرهما الأول . يحرم عقد المتعة على غير الكتابية من الكفار والأمة على الحرة من دون إذنها وبنت الأخ والأخت من دون إذن العمة والخالة ويكره على البكر وعلى الزانية ، وإذا كانت مشهورة بالزنا فالأحوط لزوما ترك التمتع بها . لا تنحصر المتعة في عدد فيجوز التمتع بما شاء الرجل من النساء كما لا ينحصر ملك اليمين في عدد.. )) . هنا يورد الأمام الخوئي بعض التفاصيل حول المتعة قد لا نراها في مرويات أهل السنة .

ثالثا – ومن كتاب : المتعة في كتب أهل السنّة / د . علاء الدين القزويني ، أنقل التالي ((فقد أورد ذات الآية في أعلاه ( فما أستمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن .. / سورة النساء ٢٤) وأضاف ، وعن عمران بن الحصين أنه قال: نزلت آية المتعة في كتاب الله ففعلناها مع رسول الله ولم ينزل قرآن يحرمه ولم ينه عنها حتى مات )) ، وهذه دلالة على عدم تحريم المتعة .

رابعا – أما الأمام أبن باز ، فبين أن الرسول قد حرم المتعة – وهذا دليل على تناقض الروايات ، فبين ما يلي ( حرم الرسول نكاح المتعة في حجة الوداع ، قال: إني كنت أذنت في الاستمتاع من النساء ،وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة ، فالمتعة محرمة ، إذ قال بعض أهل العلم : إنه حرمها مرتين في حجة الوداع ، وفي عام الفتح ، ولكن في هذا نظر ، وبكل حال فهي أصبحت محرمة منسوخة ، سواء كانت محرمة مرتين ، أو مرة واحدة ، فهي أصبحت محرمة وممنوعة ، ولا يحل نكاح المتعة ، بل لابد أن يكون النكاح عن رغبة ، لا عن متعة عند أهل السنة والجماعة بإجماع أهل السنة والجماعة ) .

القراءة :
* المتعة هي علاقة جنسية خارج أطار الزواج التقليدي ، مقابل مبلغ مالي مقطوع ، ولفترة زمنية غير محددة ، قد تطول / أيام ، أو قد تقصر / ساعات . وله الحق / المتمتع ، بعدد غير محدد من العلاقات في ذات الفترة . وأما ما دون في كتب الفقه ، ” أغلبه ” مجرد كلام مسطر ، من أجل وضع المتعة بلبوس شرعي . لأن الطرفين يريدان المنفعة من هذه العلاقة / المتعة ، فالرجل هدفه الرغبة الجنسية – المتعة ، والمرآة المستغلة ، تريد المقابل – أي المال ، وقد يكون مقرونا بالمتعة أيضا . وكما أسلفت من تفاسير – أن غايتها تشريع العلاقة ، ولكن الأمر لا يسير أو ينجز بهذه المحددات أو الضوابط ، خاصة وقد أصبح رجال الدين ، جزء من العلاقة لأنهم هم من يروجون لها ، وهم من يسهلون أيجاد المرأة ، ويستفيدون أيضا ، من نسبة الأجر النقدي المدفوع للمتعة – لرجل الدين ” العمولة ” / أي للمرأة جزء والمتبقي لرجل الدين .

* هل المنزلة والعلو والمكانة والقرب من رسول الأسلام يكون بعدد مرات التمتع .. حيث أن كتب أحاديث الشيعة تركز على المتعة وتدخلها في قالب القرب من الرسول وآل بيته ، فقد ورد في موقع / الكلمة ، بهذا الصدد التالي (( في بعض أحاديث المتعة عند الشيعة ذكر فتح الله الكاشاني في تفسيره عن رسول الله أنه قال : ” من تمتع مرة كان درجته كدرجة الحسين ، ومن تمتع مرتين فدرجته كدرجة الحسن ، ومن تمتع ثلاث مرات كان درجته كدرجة علي ابن أبي طالب ، ومن تمتع أربع مرات فدرجته كدرجتي ” . تفسير منهج الصادقين،ص 356 لفتح الله كاشاني . وروي أيضا عن الصادق أنه قال : ما من رجل تمتع ثم اغتسل إلا وقد خلق الله تعالى سبعين ملكا من كل قطرة ماء يتقاطر من جسده ليستغفر له إلى يوم القيامة ويلعن على من يجتنب منه حتى تقوم الساعة . منتهى الآمال،ج2،ص341 . ( قال علي أمير المؤمنين : من استصعب هذه السنة ( المتعة ) ولم يتقبلها فهو ليس من شيعتي وأنا بريء منه ) . رسالة المتعة لمحمد الباقر المجلسي ص15. )) . هل هذه الأحاديث منطقية ، وهي فقط في كتب الشيعة / دون السنة – وذلك من أجل ترويج رجال الدين الشيعة للمتعة .

* أما بخصوص نسخ آية التمتع ، فلا يوجد رأي ثابت وتام حولها ، فمن موقع / المعارف الأسلامية ، أورد بعض الآيات ، التي يعتقد الفقهاء بأنها من الممكن أن تكون هي التي نسخت الآية 24 من سورة النساء – آية المتعة / منها (( وأما النسخ فقد قيل : إن الآية منسوخة بآية المؤمنون : ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ﴾ . وقيل منسوخة بآية العدة : ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾ ، ﴿ وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ ﴾ ، حيث إن انفصال الزوجين إنما هو بطلاق وعدة وليسا في نكاح المتعة ، وقيل : منسوخة بآيات الميراث ﴿وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ ﴾ ، حيث لا إرث في نكاح المتعة ، وقيل منسوخة بآية التحريم: ﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ ﴾ .. )) .. والتساؤل هنا : هل مبدأ الظن يمكن الأعتماد عليه في مسألة شرعية جدا مهمة ك ” المتعة ” ، وهي أصلا محل خلاف بين الشيعة / التي تحللها ، وبين أهل السنة / التي تحرمها ! . هذا من جانب ، ومن جانب أخر ، لماذا الله يحلل أمرا ، ومن ثم يصوب فعلا كان قد حلله ، فيحرمه ! .

* والصحابة ذاتهم أكدوا في مروياتهم عن المتعة ، وعلى تشريعها ، فقد ورد في موقع / العقائد الأسلامية ، التالي ، أنقله بأختصار (( أن القرآن شرع المتعة ، بقوله : ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَ‌هُنَّ فَرِ‌يضَةً ) . وأمّا السُنّة فيكفي في تشريعها ما ذكر من أنّ النبي أجازها للصحابة استناداً إلى الآية القرآنيّة التي شرّعتها . وأدلّ دليل على تشريع الرسول لها قول الخليفة الثاني ـ عمر بن الخطاب ـ ، فإنّه قال : متعتان كانتا على عهد رسول الله أنا محرّمها ومعاقب عليهما . يريد بذلك متعة النساء ومتعة الحجّ ـ أيّ : حجّ التمتّع ، الذي لم يقبله عمر ولكن قبله أهل السنّة ـ وقد صحّ عن عبد الله بن عمر ـ : المتعة حلال ، شرّعها رسول الله . فقيل له : إنّ أباك حرّمها ! فقال : لأنّ اتّبع رسول الله خير من أن أتّبع أبي . وقد صحّ عن جماعة من الصحابة قولهم : كانت المتعة وكنّا نتمتّع على عهد رسول الله وعهد الخليفة الأوّل ـ أبو بكر ـ وعهد من خلافة عمر ، حتّى نهى عنها عمر و عاقب عليها .. )) . ومن النص السابق ، يظهر أن الصحابة ، كانوا – كل يفتي أو يأمر على هواه ، فأبو بكر كان يحللها ، ثم يأتي عمر محللا ثم محرما ، أما أبن عمر ذاته يحللها – متبعا الرسول ، فأذا كان الأمر كذلك والرسول ليس له سوى بضع سنوات متوفيا ، فكيف الحال الأن ، وقد مضى على وفاة الرسول أكثر من 14 قرنا ، فالفقهاء والأئمة وشيوخ الأسلام .. الأن على أختلاف مذاهبهم ، كل يفتي / بما يراه حراما أو حلالا ، وفق أجتهاده .

خاتمة : (1) الآية أعلاه قدمت لها تفاسيرا متعددة – للمهتمين ، ولكن المهم هو (( القول أنه لن يتم وطأ السبايا ألا بعد ( فإنه يحل لكم وطؤهن إذا استبرأتموهن ) ، أي أذا كانت حاملا أن تضع حملها أو أن تحيض حيضة واحدة ثم يباشرها .. )) ، هل هذه الثقافة والوعي الجنسي كان معروفا لدى المسلمين الأوائل ، لأن هذا الوعي لا يوجد الأن ، فكيف أن يكون موجودا قبل 14 قرنا ، فالعربي عندما يحصل على سبية ، أو أذا أراد التمتع ، يريد مباشرتها ، ولا يسأل أن كانت متزوجة أو حامل أو هل حاضت ، وأرى أن هذا الأمر ذاته ينطبق الأن ، فهل الرجل المتمتع يطلب من المرأة المتمتع بها ، أي وثيقة ، يؤكد ما ذكرته . والمثال على ذلك في قتل مالك بن نويرة وتزوج خالد بن الوليد من أمرأته ليلي بنت سنان ، لأنه رغب بها لجمالها ، متجاوزا كل المحددات المذكورة (2) المتعة كارثة أجتماعية ، على أعتبارات زمننا الحالي / على أقل تقدير ، ولا يمكن أن نتصور وضعا بهكذا ضحالة للمرآة ، فكيف ينظر للمرأة التي يتمتع بها ، بالشهر عدة مرات ، هل هي أمرأة عفيفة ، أم أن الأمر يدخل بالمغلوبات على أمرهن في أطار الدعارة . (3) سننت المتعة من قبل رسول الأسلام ، حتى يغري المقاتلين – وذات الأمر بالنسبة للغنائم ، ووعد الشهيد بحور عين ! . (4) أذن أرى ، أن المتعة نهجا أو شكلا من الدعارة المشرعنة .