لقد كثر الحديث في الاونة الاخيرة وخاصة على صفحات التواصل الاجتماعي عن اوربا الرحيمة(كأن بلدان اوربا جمعية خيرية ),وأقل مايقال عن هذه المنشورات انها سطحية وتنم عن ردة فعل وعدوانية بدون تحليل موضوعي لما يحصل في الشرق (أي في بلداننا).الذي يحصل في العراق وسوريا وليبيا واليمن هي حرب بالوكالة تقوم بها الولايات المتحدة واوربا من اجل تفتيت بلداننا وفتح الاسواق العربية لتوريد سلاحهم وبضائعهم وهذا الجانب المظلم من العولمة التي بشروا بها .فالقارة المٍسّنة(اوربا) تحتاج الايدي العاملة الرخيصة ,مثلا المانيا كل سنة تحتاج لاربعة ملايين انسان لسد النقص في سوق العمل نتيجة تقاعد الموظفين والمرض .فلو رجعنا للماضي القريب وليس البعيد اي قبل خمسين سنة فقط وسألنا انفسنا ماذا فعلت فرنسا بالجزائر بلد المليون ونصف المليون شهيد؟ وماذا فعل رومل بليبيا؟ وماذا فعلت بريطانيا العظمى بالعراق وكيف سلّمت فلسطين للصهاينة وفرنسا في سوريا ولبنان؟.كان الاستعمار الاوربي والامريكي استيطاني اي احتلال عن طريق الجيوش ,اما الان فالاستعمار اخذ اشكال اخرى عن طريق الشركات المتعددة الجنسيات العابرة للحدود والحرب بالوكالة كما يحصل الان في العراق وسوريا واليمن ,فداعش والقاعدة والقاصي والداني يعرف ذلك هما صناعة اوربية امريكية,فلو تسائلنا من اين سلاح داعش من اين السيارات الرباعية الدفع الحديثة لداعش من اين لداعش كل هذه الخطط العسكرية ومن اين لهم علم الادارة لتدير مساحات شاسعة؟. العالم الغربي الانساني!!!(اقصد الحكومات الغربية) جميعا يقف صامتا لا بل مؤيدا لما تقوم به السعودية من جرائم يندى لها الجبين في اليمن وكذلك لما يحدث في بورما حيث خمسة ملايين انسان يتعرضون للابادة الجماعية .البوسنة في قلب اوربا وعندما قام الصرب بارتكاب جرائم ضد الانسانية الكل لاذ بالصمت الى ان اوشكت الحرب ان تنتهي تدخلوا بعد فوات الاوان.
اذا كانت المستشارة الالمانية ميركل تحمل كل هذه الروح الانسانية الرحيمة فلتتخلى عن حزبها العنصري(الحزب الديمقراطي المسيحي), وكان بامكان المانيا ان تمنع الابادة الجماعية على الاقل بالنسبة للاخوة المسيحين في العراق وسوريا التي ارتكبتها داعش ,لمنعت التمويل عن داعش .لو اراد الاوربيون والامريكان انهاء الحرب في سوريا والعراق لفعلوا بمجرد تلفون الى ملك الزهايمر سلمان بن عبد العزيز وامير قطر هذه الدويلة الغير موجودة على الخريطة ليوقفوا الدعم المادي والسلاح عن كل المنظمات الارهابية المتطرفة التي تعيث في الارض فسادا.
الولايات المتحدة الامريكية تمارس الإرهاب بأبشع صوره من غطرسة وتدمير وقتل ونهب وتحقير لكل شعوب الأرض. وفي الوقت الذي تتحدث فيه أمريكا عن حقوق الإنسان نراها تسحق الإنسان، تجوع الأطفال حتى الموت ، وتفرض الحصار على الشعوب كما فعلت في السودان وليبيا والعراق وكوبا وباكستان وغيرها من دول العالم ومافعلته بفيتنام في ستينات القرن العشرين ، وتفرض علينا التخلف في كل الميادين وعلى رأسها ميدان الصناعة حتى نبقى سوقا لمنتجاتها، ونراها تمارس التمييز العنصري البغيض بأبشع صوره، فهناك الملايين الذين يفترشون الأرض ويلتحفون السماء على الأرصفة من الطبقات المعدومة، بالاضافة الى دعمها للعنصرية التي تمارسها الصهيونية ضد العرب. ولإقناع العالم على انها ترعى الديمقراطية انفقت البلايين من الدولارات لكنها لم تنجح لانها مكشوفة للعالم وماضيها معروف مازالت هيروشيما وناكازاكي وصمة عار تلاحقها على مر العصور. الرؤساء الامريكان لا يستطيعون الخروج عن النهج الصهيوني الذي يحافظ علي بقاء اسرائيل رغم انها دويلة جاءت بعد اغتصاب الارض من اهلها وقتلهم وتشريدهم في انحاء العالم وعدم السماح لهم بالعودة وحتي ولو صدر القرار من مجلس الامن الدولي المنوط به حفظ السلم والامن الدوليين فلا ننسى الفيتو الامريكي لتعطيل اي قرار في صالح الشعب الفلسطيني.
أمريكا تطالب الحكومات بالعدل واحترام حقوق الانسان وتقوم هي بإنتهاك حقوق الانسان ولا تحترم ولاتطبق القانون الدولي الانساني. ان امريكا صاحبة خطاب غوغائي زائف وبه ستقود العالم لنهايته الحقيقية وزواله ليس كما يدعي فوكوياما بأن نهاية التاريخ هو انهيار القطب الآخر وهيمنة امريكا علي العالم وهي القوة العظمي وناشر الديمقراطية الليبرالية وكل العالم عليهم الاتباع والسمع والطاعة. وتقدم الولايات المتحدة الارهاب كوجه جديد لصراع الخير ضد الشر فهي تريد أن تعبئ العالم وتحت أي اسم ، حول سياستها وتحليلاتها . وليس من دلالة اكبر بهذا الخصوص من قائمة الدول التي حددوها كدول داعمة الارهاب ,إيران وكوريا الشمالية . وتبدأ لغة المصالح وليست لغة المبادئ، ومن هنا تنكشف أمريكا التي تطالب شعوب الأرض بمكافحة الإرهاب وهي الراعي الأكبر للإرهاب والعنف الراديكالي، فإذا كانت واشنطن ترى أن ثمرة الربيع العربي هي الديمقراطية، إلا أن هذه الروح الوثابة لن تتجاوز الحدود والثوابت العقدية والقومية والوطنية.
ألذي يهيمن على النظام الدولي هو القوي إقتصاديا، وهو ما تجمع عليه معظم التحليلات الأميركية والغربية. الولايات المتحدة الأميركية واجهت أزمات اقتصادية في ثلاثينيات وسبعينيات القرن العشرين لكنها مع كل أزمة تخرج أكثر قوة وازدهارًا عما قبل. فرغم الأزمة الاقتصادية وتراجع معدل النمو الأميركي إلا أن مكانة الولايات المتحدة الاقتصادية لم تتغير فما زالت نسبة مساهمة الولايات المتحدة في الناتج العالمي مستقرة ليس خلال العقد الماضي فقط ولكن خلال العقود الأربعة الماضية؛ ففي عام 1969 أنتجت الولايات المتحدة حوالي ربع الإنتاج العالمي واليوم ما زالت تنتج الربع تقريبًا، والاقتصاد الأميركي ليس الاقتصاد الأقوى عالميًا فحسب لكنه الأغنى، ويرى أن صعود القوى الاقتصادية الصاعدة: الهند والصين لا يأتي على حساب الولايات المتحدة بل على حساب أوروبا واليابان اللتين تراجع نصيبهما في الاقتصاد العالمي.
إن أزمة الرأسمالية في مرحلتها الحالية لن تكون نتائجها متمثله فقط في الركود العالمي وانهيار البورصات وزيادة أسعار السلع والخدمات، لكنها قد تؤدي إلى تفكك أمريكا كدولة ذات سيادة وقانون وتحولها دول ضعيفة ، وذلك لأن المقوم الاساسي الذي تقوم عليه أمريكا هو الاقتصاد الرأسمالي واقتصاد السوق الحر وطبيعة تكوين وعلاقات المجتمع الأمريكي هو الاقتصاد والمنفعة الاقتصادية، فالشعوب الأمريكية تتكون من خليط من ثقافات ولغات وأديان مختلفة عن بعضها البعض بل في بعض الأحيان متنافرة ومتصادمة ولا يوجد ما يجمع بين هذا الخليط سوى الاقتصاد حيث تحتفظ كل قومية في الولايات المتحدة بلغتها وثقافتها ودينها وتراثها وآدابها وفنونها ويجمعها مع القوميات الأخرى نسق اقتصادي رأسمالي وقانون دولة يقوم على حقوق وواجبات خلفيتها أيضا اقتصادية رأسمالية حيث العلاقة بين المواطن والمواطن الآخر، والمواطن والدولة، والمؤسسة والمؤسسة الأخرى، والمؤسسة والدولة تقوم على ذات النسق الاقتصادي الرأسمالي ومضاف إلى ذلك تكوين عقلية وأخلاق وتربيه المواطن الأمريكي الفردية التي تغلب مصلحة الفرد على المجتمع وحيث لا وجود لمفهوم دين أو قيم عليا سوى المصلحة الشخصية ويضاف إلى ذلك التباين الكبير بين الأغنياء والفقراء وانتشار السلاح بين أيدي المواطنين دون رقابة. بعد تفكك الاتحاد السوفيتى، وبعد الحرب على العراق عام 1991 أعلن الرئيس الأمريكى الأسبق جورج بوش الاب عن قيام نظام عالمى جديد وذلك فى خطابه أمام الامم المتحدة، وكان يقصد بالطبع نهاية نظام القطبية الثنائية وأنتهاء الحرب الباردة ونهاية عصر الحروب بالوكالة، وبالغ البعض فى التفاؤل وكتب فوكوياما اطروحته ‘ نهاية التاريخ’ معتبرا أن الليبرالية الرأسمالية قد حسمت الصراع بلا منازع. ولكن بعد ذلك ظهرت مشاكل كبيرة أثرت على القيادة الأمريكية ومن وراءها على اوروبا الغربية واليابان من هذه المشاكل الحرب على ألإرهاب وما تبعها من حروب فى أفغانستان والعراق ومن نفقات مالية باهضة تقدر بالترليونات من الدولارات مما أثر بشكل كبير على الأقتصاد الأمريكى وأيضا على نظرية المجتمع المفتوح التى قامت عليها التجربة الأمريكية بالاضافة الى الأزمة المالية الرهيبة التى ضربت أمريكا والغرب عامى 2007 و 2008 وأمتدت أثارها المدمرة حتى هذه اللحظة.