أكثر المحافظات تداولاً وتناولاً للمخدرات هي محافظة البصرة، و80 بالمئة من المخدرات الداخلة الى هذه المحافظة تأتي عبر الحدود من إيران.. ليس هذا هو الخبر، برغم أهميته ودلالته الجغرافية والسياسية، فهو أمر معروف حتى من دون الإعلان عنه رسمياً على لسان قائد شرطة البصرة، رشيد فليح، منذ أيام.
أمّا الخبر فإن العراق صار الآن سوقاً رئيسة في المنطقة لتعاطي المخدرات والاتجار بها، بعدما كان مجرد ممرّ لها، بحسب المفوضية العليا لحقوق الإنسان.
والخبر أن متعاطي المخدرات من كلا الجنسين يزداد عددهم باطّراد، وآخر معطيات مفوضية حقوق الإنسان تفيد بأن عدد الموقوفين بتهمة التعاطي أو الاتجار بالمخدرات خلال النصف الأول من العام الحالي في 15 محافظة (ليس بينها محافظات إقليم كردستان) قد بلغ 6187 موقوفاً، على ما جاء في بيان لعضو مجلس المفوضية فاضل الغراوي.
والخبر أن البيان إيّاه أطلق صيحة تحذير تقول إن انتشار المخدرات بين أوساط الشباب والاطفال (10 – 15 سنة) من كلا الجنسين أصبح يمثّل الآن “تحدياً خطيراً يمسّ أمن المجتمع”.
والخبر أيضاً، أن محافظات كانت حتى العام الماضي خارج نطاق هذه الظاهرة الخطيرة، هي نينوى وديالى وكركوك والأنبار، أمست الآن في نطاق التغطية المخدّراتية!
والخبر كذلك، أن الشباب اليافعين هم الأكثر تعاطياً، فالفئة العمرية (29- 39 سنة) تتعاطى بنسبة (40.95%)، تليها الفئة العمرية (18-29 سنة) بنسبة (35.23%)”.
هذه المعطيات تقول شيئاً واحداً، هو أننا شعب يتّجه لأن يكون خارج نطاق الوعي، مُخدّراً تماماً. وربما كان هذا بالذات ما تتطلّع إليه الطبقة السياسية المتنفّذة التي تضيق ذرعاً بمطالب الناس وبحركاتها الاحتجاجية الداعية الى تأمين حقوقها الدستورية المنتهكة، إلى درجة أن قنّاصتها يلتقطون النشطاء بالرصاص واحداً بعد الآخر مثلما يلتقط الصيادون طرائدهم.
المعطيات المتوافرة تشير أيضاً الى أن المحافظات الجنوبية والوسطى هي الأكثر تعاطياً، وبين الأسباب الرئيسة لذلك أن سلطات الأمن في هذه المحافظات تمنع من دون سند قانوني بيع وتناول المشروبات الكحولية، ما يشجّع على الاتجار بها سراً بأسعار عالية جداً، وهو ما يجعل الشباب يتّجهون الى المخدرات الأقل كلفة نسبياً، وبخاصة المخدرات رديئة النوعية الأكثر فتكاً بالصحة، جسدياً ونفسياً.
لمواجهة خطر الإرهاب جرت تعبئة الدولة والمجتمع على نحو معقول. المخدرات لا تقلّ خطراً عن الإرهاب، ويتعيّن تعبئة المجتمع والدولة لمكافحتها على نحو مماثل. وفي هذا الإطار لابدّ من وقف الإجراءات غير القانونية المتّخذة في المحافظات الوسطى والجنوبية بشأن تناول المشروبات الكحولية، فالضرورات تبيح المحظورات،كما هو معروف، ومن المجدي أيضاً الدفع بالتي هي أحسن، قبل أن نصحو ذات يوم لنجد أن هذا الخطر قد اجتاح البلاد طولاً وعرضاً، مثلما حصل تقريباً في 2014 عندما اجتاحنا الإرهاب حتى مشارف العاصمة، وكاد أن يقتحمها.