23 ديسمبر، 2024 8:32 م

المخبر السري .. يودعكم

المخبر السري .. يودعكم

فجأة لم نعد بحاجة الى “المخبر السري”. مجلس الوزراء وفي اجتماعه الاخير قرر الغائه بوصفه احد اهم انجازات اللجنة السباعية وقبلها الخماسية واستجابة لمطالب المتظاهرين واكراما لعودة الدكتور صالح المطلك زعيم جبهة الحوار الوطني ووزرائه. ولكي لايلتبس الامر على الناس فان الاحصائيات الرسمية  وغير الرسمية تتحدث عن ارقام مهولة لضحايا  هذا المخبر قتلى ومعتقلين وفي غالبيتهم العظمى ابرياء. وعلى الرغم من ان التظاهرات التي دخلت شهرها الرابع كان من بين اهم مطاليبها الغاء المخبر السري فان السؤال الذي اصبح الان واجب الطرح هو .. ما هي قصة هذا المخبر الذي ليس له مهمة وطبقا للوقائع سوى “كسر رقاب الناس”؟ واذا كان الامر كذلك فما هي مصلحة الدولة في ان توجد تشكيلا او دائرة ليس لديها سوى هذه المهمة؟
هناك بالتاكيد اجابة جاهزة وهي ان الارهاب الذي يضرب العراقيين كل يوم هو الذي دفع الحكومة الى البحث عن هذه الوسيلة من اجل بلوغ غاية واحدة وهي مكافحة الارهاب. ومع ان الاجابة تبدو منطقية ظاهرا الا ان النتيجة التي خرجنا بها حتى الان هي ان الارهاب لايزال مزدهرا بل تحولت عملياته الى نوعية بعد ان كانت عشوائية بينما اقتصرت مهمة المخبر السري على مكافحة الشعب لا الارهاب. ولهذا السبب واسباب اخرى “طكت حوصلة الناس” وخرجوا متظاهرين ومعتصمين. 
وهنا لابد ان نقف عند مسالتين طالما ان المخبر السري وطبقا لما تم الاعلان عنه في اجتماع مجلس الوزراء الاخير اصبح في خبر كان .. وهما هل كانت هناك ضرورة للمخبر السري ام لا؟ اذا كانت الاجابة نعم فكيف تفرط الحكومة بقضية يمكن ان تدخل في المطالب غير المشروعة للمتظاهرين بحيث تصبح الاستجابة لها مخالفة للقانون والدستور؟ اما اذا لم تكن هناك ضرورة للمخبر السري بحيث يمكن معالجة الارهاب بوسائل اخرى غير ترهيب الناس وزج الالاف من الابرياء بالسجون والمعتقلات فلماذا تم استحداث هذا التشكيل او القسم او المديرية وبذلك فان الحكومة بهذا التشكيل تكون قد خالفت القانون والدستور؟ 
المحصلة ان هناك قصورا وتقصيرا حكوميا سواء كان المخبر السري ضرورة فتم التغاضي عنه حفاظا على “الوحدة الوطنية” او ليس ضرورة بحيث اصبح الغاؤه مكسبا يتوجب على المتظاهرين توجيه كل ايات الشكر والامتنان للحكومة على هذه المكرمة السخية. اننا اذا اردنا بناء دولة تحترم نفسها قبل القانون والدستور والنظام لابد من وضع النقاط على الحروف حتى لاتلتبس علينا المفاهيم والافكار فلانعرف ماذا نريد وما لانريد. مع ذلك فانه وبالتوازي مع سلسلة الانسحابات من الحكومة “العراقية والاكراد والصدريين” فان حسابات الحقل ولكي تتطابق مع حسابات البيدر اتخذت الحكومة هذا القرار الذي ربما سيكفي مؤمنيها وحجاجها شر القتال. وبذلك تكون ضربت ثلاثة عصافير بـ ” مخبر سري” واحد. كافات المطلك على عودته ..واستجابت لاحد مطالب المتظاهرين.. واحرجت القائمة العراقية المقاطعة .. وهذا هو لعمري مربط الفرس وبيت القصيد .. و “سودة علي ماخذت علاوي”.