23 ديسمبر، 2024 9:45 ص

المحاكمة الضرورة ثانية

المحاكمة الضرورة ثانية

يبدو أن الولايات المتحدة ضاقت ذرعا بنوري المالكي خاصة في أواخر أيامه عندما وجدت أن واقع حال العراق هو ليس ما قاله لهم أو ما يقوله أعلامه فهذه داعش تحتل أكبر مدينة عراقية ونصف الشعب العراقي يرفض وجوده , ولعل تذمر السنة طيلة سنوات حمكه لم تهز الإدارة الأمريكية بإعتبار أن السنة من وجهة نظرها المبنية على وجهة نظره بعثين وصدامين وضد العماية السياسية ويريد ون إرجاع العراق إلى سابق عهده لكنها أكتشفت أخيرا أن كل الشيعة إبتدا من مرجعية السستاني إلى المواطن البسيط إبن الجنوب أو الوسط يحمل نفس الشكوى تتقدمهم كتلتين كبيرتين تكاد تختزل كل
 شيعة العراق هما التيار الصدري وتنظيم الحكيم , عداك عن الوسط غير المرتبط بتظيم ديني .
إن أحد أسباب هوس المالكي وسوء إدارته للدولة وضربه وحدة العراق وإذلال أبنائه هي الولايات المتحدة , فالعملاء الصغا ر اؤلئك الذين تجيء بهم دول ولائهم كثيرا ما  يتوهمون مع أنفسهم أنهم خارج دائرة المحاسبة والأكثر أنهم يقارنون أنفسهم بزعماء تلك الدول بإعتبارهم الأبناء المدليين  وبهذه السلوكية يسيؤن لأنفسهم أولا وللدولة الراعية ثانيا ,غير آخذين بالإعتبار أن زعماء تلك الدولة ضعفاء جدا أمام القانون والمحاسبة والشواهد كثيرة .
إن ثماني سنوات من حكم المالكي تجاوز بها القانون والعرف وأوصل العراق إلى حالة من التطاحن والتفرقة غير مبال لطلبات الناس وشكواهم وعلى مرأى ومسمع الجميع  جيشه ومليشياته وأزلامه تبطش وتعتقل وتكمم الأفواه وكل أربعاء يخرج بلا حياء يقول ما ليس موجودا مبررا أن هذه الاصوات هي أصوات من يريدون التأمر على العملية السياسية .
أي عملية سياسية ونصف العراق الغربي ثائرا ضده طوال سنتين وأي عملية سياسية والجنوب لا يجد من شكوى إلا عند إيران وإيران تعتبره إبنها المدلل , أي عملية سياسية والجثث مرمية في مكبات النفايات والأزبال يوميا ؟. هل حقيقة أن أمريكا لا تعرف هذا .. وهل حقيقة أنها لا تعرف أن ضغط العقوبات على إيران تحملها الإقتصاد العراقي أكثر من الإقتصاد الإيراني … وهل فعلا أن المنتفضين هم من يريدون الرجوع بالعراق وليس لهم مطاليب حقيقية وإنما هم مجرد فقاعة نتنة كما وصفهم .أهكذا يوصف المواطن حينما لا يكون مع رأي الرئيس الخطأ ؟. وبعد وقت راح يسترجيهم ويقدم لهم
 الوعود لكنهم يعرفون غدره لذلك ما إستاجابوا له .؟ وبالضد استجابوا لعدوه .
لعل كل هذا أصبح معروفا ولكن بعد حين من التجزئه والخذلان وتمزق وحدة البلد , غير أن الرئيس أوباما حين طالب بمحاكمة المالكي إشترط أن تحظي إحالته الى المحكمة الجنائية الدولية بمائة ألف طلب شكوى  , في حين أن المحمة الجنائية لم تشترط عدد معين لتقديم شخص ما  إليها بإستثناء إرتكابه جريمة . ولعل شكوى واحده تحقق الهدف من إحالته إليها  كما وأن المحمكة حسب ما جاء بديباجية قانونها   ” … تسعى إلى وضع حد للثقافة العالمية المتمثلة في الإفلات من العقوبة وهي ثقافة قد يكون فيها تقديم شخص ما  إلى العدالة لقتله شخصا واحدا أسهل من تقديمه لها لقتله مائة
 ألف شخص مثلا ”  . لقد جاء رقم المائة كرقم تقديري لجملة جرائم , أي أنها تفضل أحالة  شخص مرتكب جريمة واحدة أفضل من أن يكون مرتكب مائة جريمة , ولها العذر لصعوبة التحقيق  مع شخص متسبب بمائة جريمة .
لقد حددت المادة 6 من قانون المحكمة  معنى الجريمة “… هي الأفعال والممارسات التي تستهدف إهلاك جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية بصفتها هذه سواء كان الإهلاك كليا أو جزئيا “. وتوضح المحكمة وفق المادة 7 أركان الجريمة ” …. إرتكاب هجوم واسع النطاق ضد مجموعة من السكان المدنيين وعلى علم سابق بالهجوم … ” إننا لو أخذنا الهجوم على جماعة الزركة أو الهجوم على جماعة الصرخي أو الهجوم على إعتصامات الحويجة أو إعتصامات الرمادي نجدها تنطبق وفق هاتين المادتين . والإعلام المحلي والعالمي سبق له ووثق ذلك , أما لماذا لم يحصل العدد الذي حدده الرئيس
 أوباما فواضح للجميع الطبيعة العدوانية في التنكيل بمن يقدم على هكذا شكوى , وإلا لماذا إستحدثوا  كل هذه المليشيات  مضافا إلى ذلك الوضع الثقافي والإجتماعي لأغلب المتضررين وعدم فهمهم وقدرتهم لإيصال الشكوى , إن  صلاحية مدعي عام المحكمة الجنائية تستوجب عليه تحريك هذه الدعاوي لأنها جميعا من إختصاص محكمته وضمن شروط موادها المذكورة , كي  لا  يكون الآن ومستقبلا  إستهتارا بحقوق الناس . وفي هذه الحالة تكون أمريكا قد أصلحت في جزء  مما قامت به في العراق وسيكون هذا عبرة للآخرين .