جميع احزاب السلطة تلعن الفساد غير انها تمارسه وبشكل مفضوح وجميعها تعترف ان سبب كل الخراب والفوضى وانتهاك القانون والحقوق واللادولة التي يمر بها وطننا العراق منذ الاحتلال الى اليوم سببه المحاصصة التي ابتدعتها عقلية المحتل الاميركي بصيغة مجلس الحكم لكنها اي الاحزاب تتمسك بها بقوة وتقاتل من اجل تكريسها كصيغة حكم تؤمن لهم المنافع والمناصب والامتيازات . فهل المحاصصة قدر محتوم علينا كعراقيين ؟
لقد كان واضحاً بعد دورة الانتخابات الخامسة في العاشر من تشرين الاول اتفاق الكتل السياسية على الابقاء على المحاصصة وكان ذلك واضحاً من خلال انتخاب رئيس مجلس النواب والمباحثات التي تجري للاتفاق على مرشح رئيس الجمهورية من الاكراد برغم فتح باب الترشيح للجميع وكلنا نعلم ان الموضوع صوري وشكلي لان الاحزاب غير مستعدة للتخلي عن مبدأ المحاصصة ونفس الشيء ينطبق على اختيار رئيس مجلس الوزراء .. وهذه المباحثات والمشاورات لم تكن بعيدة عن مؤثرات العوامل الدولية والاقليمية وبشكل اساس اميركا وطهران ،ولا نتوقع ان تختلف تشكيلة الحكومة عن سابقاتها . ان هذا يؤكد حقيقة سبق ان قلناها اكثر من مرة ورفع شعارها ثوار تشرين بان لا تغيير حقيقي يحصل من دون انقاذ العراق من احزاب المحاصصة الفاسدة .. ولكن كيف ؟
والاجابة ليست هينة خاصة وان هنالك قناعات بان اي تغيير في هيكلية العملية السياسية لايمكن ان يحصل بمعزل عن الاتفاق مع اميركا التي يعرف الجميع انها قادرة على ازاحة كل هؤلاء الذين سلمتهم حكم العراق من دون كثير عناء .. غير اننا جميعاً نعلم بان من يتحكم بقرارات الادارة الاميركية المصالح التي هي الى الان مؤمنة وليس هنالك من مخاطر تهددها وان الادارة الاميركية هي من تبقي الفوضى وتشجع الارهاب بجميع انواعه داعشي اوميليشياوي فكل من يحمل السلاح ويهدد امن الوطن والمواطن مدعوم من قبل ادارة اميركية كانت وما زالت ترعى الارهاب وتنشر الشر في ارجاء المعمورة . وبعيداً عن التنظيروبحسابات بسيطة فان احزاب السلطة قدمت لاميركا وليت نعمتها كل ما تريد ومستعدة لتقديم المزيد فماذا يمكن ان يقدم الطرف الوطني المعارض الاخر لاميركا لكي تقتنع بضرورة انقاذ العراق مما هو فيه ؟!
اذاً نعيد على انفسنا سؤال لينين ما العمل ؟
فبعد اكثر من ثمانية عشر عاماً منذ الاحتلال الى اليوم تغيرت الكثير من المفاهيم ولم تعد حتى صيغ النضال المألوفة القومية والوطنية لها ذاك التأثير على المواطنين بعد تغييب لها من قبل الاحزاب الطائفية ، غير ان هذا ينبغي ان لايقودنا الى اليأس والقنوط فشباب تشرين الابطال اعادوا الامل بامكانية التغيير وهذا ما يفترض بالشخصيات والاحزاب الوطنية ان تستثمره بشكل صحيح . لن نكون مثاليين وندعي امكانية الانتصار على اميركا بكل ما تمتلكه من امكانيات ، غير اننا قادرين على ان نجعلها تستشعر الخطر على مصالحها اذا ما تصاعد اوار الثورة الشعبية واستطاعت ان تستقطب ملايين العراقيين من الفقراء والمظلومين عندها تجد نفسها مضطرة للتخلي عن حلفائها احزاب وشخصيات تسيدت المشهد السياسي منذ الاحتلال الى اليوم .. وما حصل ويجري في اوكرانيا ليس ببعيد .. ففي السياسة ليس هنالك من ثبات وموضوع القطب الواحد اضمحلت او تكاد وهذا ماافرزه التدخل العسكري الروسي في اوكرانيا وهو مليء بالدروس واولها زيف ادعاء عدم هزيمة اميركا ولا نريد ان نذكر انفسنا والاخرين بهزيمة القوات الاميركية امام ثوار فيتنام برغم ما فيه من عبر ودروس . واخيراً المحاصصة ليست بالقدر المحتوم اذا ما توحدت ارادة الاحزاب الوطنية والمواطنين على هدف انقاذ العراق من الفاسدين .