منذ ٢٠٠٣ وحتى اليوم كانت المحاصصة هي المحرك الأساسي لنظام الحكم وقد أرسى دعائمها الأمريكان حينما تم تشكيل مجلس الحكم بعد أن قسموا العراق سياسيا الى شيعة وسنة وكرد وأقليات ومن ثم توزيع الوزارات على أساس هذه القوى من دون النظر الى الكفاءة والنزاهة والمعايير المهنية لإدارة المؤسسات الحكومية وشيئا فشيئا توغلت هذه المحاصصة لتسيطر على عقل الدولة وجسمها وكل كيانها..
بعد التصويت على الدستور الدائم في ٢٠٠٥ كان المؤمل بالأحزاب السياسية أن تصحح مسارها وفق المعايير التي خطها الدستور لكنها بدلا من ذلك أوغلت في توسيع أطر المحاصصة وإلباسها أثواب براقة ألصقتها بالحكومات التي شكلت على أساسها فسموها تارة حكومة الوحدة الوطنية أو حكومة الشراكة الوطنية بعد أن أيقنت هذه الأحزاب ان المحاصصة هي السبيل الوحيد لتعظيم مواردها من أموال الدولة وتأكيد نجاحها في الانتخابات سواء باحتكار الوزارات والمؤسسات عقودا وتعيينات وصفقات حتى أضحت كل مؤسساتنا الحكومية بيد الأحزاب والتكتلات السياسية حكرا لها ..
ليس هناك أدنى شك بأن الأحزاب التي حكمت العراق خلال هذه السنوات سواء الشيعية أو السنية أو الكردية كانت هي العراب الرئيسي في جعل المحاصصة الطريق الأساسي في الاستحواذ على الدولة وكان لهم ماأرادوا وليس خافيا على أحد ماجنته هذه القوى السياسية من ممتلكات وأموال وعقارات وسلطات نقلتهم من الفقر المدقع الى الغنى الفاحش ومن الضعف والهوان الى القوة والمنعة وبالمقابل تحول الوطن من سيء الى أسوأ..
لم تكن المحاصصة المقيتة عاقرا فنكتفي شرها بل أنجبت غولا عظيما اسمه الفساد وحصنته بالسلطة والمال والبيرقراطية والشعارات الجوفاء والنفاق السياسي حتى انتشر في البلاد كما تنتشر النار في الهشيم.. ولولا هذا الغول البار لأمه لما بقي هذا النظام السياسي ولانتهت حقبته خلال أقل من عقد ولأحرقهما الشعب في ساحة التحرير.. بيد أن القادة الشياطين لهذه الكتل السياسية استطاعوا النجاة بأساليبهم الخبيثة..
لن تستطيع المرجعية أن تثني هذه القوى السياسية عن المضي في طريق المحاصصة حتى لو كررت تحذيرها كل أيام الأسبوع لأنها ( المحاصصة) ببساطة هي مصدرهم الوحيد للبقاء وماصراع الزعامات السياسية وقواهم الا من أجل البقاء..
قتل المحاصصة يعني اعدامهم وبقاؤها يعني بقاءهم..
هذا هو الأمر باختصار