23 ديسمبر، 2024 5:53 ص

المحاصصةُ الطائفيةُ لنْ تدومَ أبداً

المحاصصةُ الطائفيةُ لنْ تدومَ أبداً

إن تشخيص الداء نصف العلاج ، وهذا اﻷمر ينطبق كثيرا على وضع العراق المزري بالرغم من التجربة الديمقراطية التي مضى عليها أكثر من عشر سنوات والتي رافقتها صراعات طائفية دموية وعدم أستقرار أمني، آخذين بنظر اﻷعتبار أن هذه التجربة الديمقراطية عاشت أغلب أعوامها في ظل الاحتلال اﻷمريكي المباشر!
فكانت التجربة الديمقراطية هجينة ومشوهة عن علم وعمد من قبل المحتل اﻷمريكي، فالمحتل هو الذي فرض المحاصصة الطائفية منذ أول أيام تشكيل مجلس الحكم.
وأول من رفض هذا المجلس هو السيد مقتدى الصدر بل هو أول من بادر ودعا الى تشكيل حكومة عراقية وطنية بعيدة عن المحتل…
وفي ذلك الوقت قالوا عن هذه المبادرة الوطنية بأنها حكومة ظل! وهذا القول كان أفضل اﻷفتراءات بالنسبة الى أقوال أخرى ما أنزل الله بها من سلطان.. ولكن التأريخ يشهد ويسجل سواء كانت ذاكرتنا بصحة وعافية أم أكلها النسيان!
ولم يكن الشعب العراقي وقتئذ بمستوى المسؤولية والوعي السياسي!
وهذا ليس مجرد إدعاء بل يشهد عليه عدم فهم وأستيعاب الشعب لهذه المبادرة وبالتالي عدم التفاعل معها….
وبطبيعة الحال أن التجربة الاجتماعية تختلف كثيرا عن التجربة العلمية المختبرية…
وقد ورث السيد مقتدى الصدر من أبيه الشهيد محمد الصدر القيادة الميدانية الناجحة التي تعتمد بصورة أساسية على عامل الوعي وعامل التجربة اﻹجتماعية بناءا على قاعدة (( أن لكل شئ عبرة ))…
وخلال هذه الفترة التي عاشتها التجربة الديمقراطية كان للسيد مقتدى الصدر الدور الخطير واﻷساسي في تصحيح مسارها وتكاملها وتخليصها من اﻷلغام التي زرعها اﻷمريكان !
وأخطر هذه اﻷلغام وأخبثها المحاصصة الطائفية…
إن المحاصصة الطائفية أصابت النظام السياسي بالشلل…
فالمحاصصة التي فرضها المحتل اﻷمريكي ودافع عنها الكثير من ساسة العراق بمختلف طوائفهم وقومياتهم كانت دائما تقف سداً منيعاً بوجه أي مبادرة إنقاذ حقيقية…
ولنرجع الى الذاكرة قليلا ، وبالتحديد أيام الولاية الثانية التي أدرك خطورتها السيد مقتدى الصدر ووقف بوجهها ، وفي ذلك الوقت وبسبب المحاصصة المقيتة وأسباب أخرى لا حاجة الى ذكرها فرضت الولاية الثانية التي من خلالها جنى العراق الكوارث والويلات ثم بعد ذلك أرتفعت اﻷصوات التي تدعو الى التخلص من الولاية الثانية عن طريق سحب الثقة وهو حق نص عليه الدستور العراقي…
وكان السيد مقتدى الصدر من الداعمين بقوة لهذا الحق الدستوري اعني سحب الثقة…
ولكن لعبت المحاصصة لعبتها القذرة من خلال أهم رموزها الذي رفض التوقيع على سحب الثقة وبإيحاء إمريكي إيراني كما لا يخفى على المتتبع للشأن العراقي…
وكانت خاتمة الولاية الثانية أن يستيقظ العالم على كابوس داعش وهو يلتهم ثلث أراضي العراق في مسرحية تشبه كثيرا اﻷفلام الهندية…
وبالرغم من ويلات وكوارث وحماقات الولاية الثانية كانت هناك رغبة عظيمة وإرادة ملحة للأستمرار في ولاية ثالثة…
إرادة إمريكية وإيرانية كما هو الحال في الولاية الثانية!!
وهنا انتصرت اﻹرادة الوطنية وكان السيد مقتدى الصدر هو العامل اﻷساسي في إسقاط الولاية الثالثة كما هو معلوم لدى كل متتبع منصف.
إن المحاصصة الطائفية أثبتت فشلها وهي مشروع أمريكي خبيث بإمتياز.
إن المظاهرات المليونية التي يقودها السيد مقتدى الصدر كانت واضحة اﻷهداف والتي تتمثل باﻹصلاح التدريجي عن طريق القضاء على المحاصصة بدءاً من السلطة التنفيذية وتحريرها من المحاصصة المقيتة من خلال حكومة التكنوقراط وصولاً الى الخلاص النهائي من المحاصصة.
وقد أثبتت تجارب الشعوب وتجربة إنهاء الولاية الثالثة أنه لا صوت يعلو على صوت الشعب إذا أراد للقيد أن ينكسر…
ولا أعتقد أن أمريكا ترضى أن تلفظ المحاصصة أنفاسها اﻷخيرة فكانت ردة فعلها ومن خلال زيارة وزير خارجيتها جون كيري الى بغداد مؤخرا والتي أسهمت في توقيع وثيقة الشرف سيئة الصيت التي هي بمثابة الدفاع المستميت عن المحاصصة المقيتة…..
وبعدها مسرحية أعتصامات بعض أعضاء البرلمان التي حرفت المسار واﻷنظار دفاعا عن المحاصصة المقيتة وإستجابة لإيحاءات المكر الدولي…
إلا أن ممثل الشعب الحقيقي السيد مقتدى الصدر بما لديه من وعي وبصيرة وقوة إرادة أحبط كل هذا المكر الدولي الخبيث من خلال عدة إجراءات آخرها الدعوة الى المظاهرات المليونية السلمية للتأكيد على نفس المطالب وهي إلغاء المحاصصة المقيتة من خلال دعم حكومة تكنوقراط مستقلة…
إن لكل بداية نهاية والمحاصصة سوف تلفظ أنفاسها اﻷخيرة بإذن الله بالرغم من المحاولات اليائسة التي تصبو الى أن تجثو المحاصصة على صدر العراق الجريح ولكن أنى لهم ذلك وصدر العراق الثائر لهم بالمرصاد….