23 ديسمبر، 2024 1:47 ص

لم يكن حيدر شكور مراسلاً حربياً مثل أي مراسل آخر يعد تقريراً عسكرياً من (أرض المعركة)، ثم يمضي لبيته نظيفاً وأنيقاً ومعطراً، وكأنه كان في سفرة مدرسية، أو كأنه ذاهب الى حفلة ساهرة في نادي الصيد.. إنما هو يمضي أنيقاً ويعود محمولاً على نقالة الشرف مثخناً بجراح الكرامة.. وحيدر شكور ليس من نوع المراسلين التلفزيونيين الذين يجرون مقابلاتهم مع القادة والآمرين في (الخطوط الخلفية)، ويدعون أنهم أجروها في الحافات الأمامية الملتهبة مع العدو..!!
 وهو أيضاً لايفعل كما يفعل بعض مراسلي (آخر وكت)، من الذين يرسلون تقاريرهم (الحربية جداً) من سوگ الغزل، ويدعون إنها من سوگ بيجي، أو من خلف ملوية سامراء، أو من أزقة شارع ستين الخطير، في الفلوجة الخطيرة..
 وحيدر شكور لا يصور بكامرته حمايات المسؤولين العسكريين في بيوت القادة والآمرين أو في دور إستراحاتهم، فيقول أنهم جنود في سرية أو فوج من المقاتلين الخارجين تواً من لهيب المعركة.. بينما هم في الحقيقة لم يروا الفلوجة، أو بيجي، أو جرف الصخر، أو  ضواحي تكريت إلاَّ في نشرة الأخبار التلفزيونية.. لأن نصف هؤلاء الجنود من (الفضائيين) والنصف الآخر من الذين (يفيكون بروس الفقره) في شوارع بغداد، وهم يطلقون العيارات النارية في الإزدحامات لفسح المجال لموكب السيد القائد.. وشكور حتماً لا يحاكي أحداً من هؤلاء القادة في منتجعاتهم الفاخرة، ثم يزف البشرى للمواطنين الكرام لحصوله على سبق تنفرد به قناته يتمثل بقتل 11 ألف من العدو وأسر 70 ألف منه، بينما  الحقيقة أن هذا (الزميل) لم يعبر  جسر الخر!!
   حيدر شكور نموذج آخر في عالم الإعلام الحربي، نموذج مختلف جداَ وهذا لا يعني طعناً بحقوق الزملاء الآخرين.. فقد رأيت في قناة آفاق مراسلين لا يقلون بسالة وشجاعة عن شكور، لكن لحيدر خصوصية في هذا الموضوع، وهي أنه لم يتوقف قط عند تحرير منطقة ما، ولا في سقوط منطقة أو قاطع بيد العدو.. فالرجل لا يعرف التراجع، ولا التوقف، وكأن سره قد دفن في أرض معركة.. فما عرفت هذا الفتى إلاَّ وهو في مقدمتها دائماً.. سواء أكانت المعارك في الفلوجة أم بيجي أم سامراء أم تكريت..! او في أي مكان خطير تُشم في أرضه رائحة للإستشهاد. إن حيدر شكور الصادق والنقي والأمين والشجاع الباسل، والوطني الغيور والفدائي المدهش بات اليوم إعجوبة في عالم الإعلام، ودليلي على ذلك ما سمعته من لسانه قبل ثلاثة أيام وليس من لسان غيره، فقد كنت في زيارة له في المشفى الذي يعالج فيه بصحبة الزميل والصديق العزيز محمد الحمد مديرعام قناة آفاق، وقد سبقنا الى هناك الدكتور علي الشلاه، والأستاذ محمد عبد الجبار الشبوط، مع حشد من الزملاء والمحبين، وقد قالها “حيدوري” بصوته المجروح بشظايا الجبناء: سأعود للمعركة قريباً بإذن الله!!
 لقد قالها لنا حيدر بثقة وإيمان عميقين، رغم أنه كان يعلم أن الأطباء قد رفعوا له (الطحال) قبل ساعات، وإن شظايا خطيرة أخرى تتوزع على جسده الفتي.. لكنه جنون حيدر شكور الوطني!!
ألم أقل لكم أن هذا الفتى مجنون.. ونموذج فريد في الإعلام المرئي؟!