(لا يمكنك أن ترى صورتك في الماء وهو يغلي، وكذلك لا يمكنك أن ترى الحقائق وأنت غاضب)، حكمة عميقة المعنى لمَنْ يريد تقييم الوضع السياسي للبلد.
مسرحية جادة تم عرضها في البرلمان العراقي، والساسة يسقطون ببعضهم البعض، ولا يفكر أحد منهم بتوقيت هذه السجالات، والمناكفات التسقيطية، وحملات الإستجواب البرلمانية، في لحظات عصيبة كالتي تمر علينا أمنياً، وإلا أين كنتم من شبهات الفساد، طيلة عامين في وزارة الدفاع، أم أن البرلمان بات حلبة للصراع، بين المؤسسة العسكرية والتشريعية.
لم يكن الوقت مناسباً، رغم أن كل ما طرح من قبل وزير الدفاع، ذات أهمية كبيرة لكشف الوجوه الحقيقية، لبعض ساسة البرلمان، الذين يعتلي محياهم الورع والحرص الكاذب على أبناء البلد، بسبب الظروف الأمنية الصعبة، وقرب تحرير آخر معاقل داعش في نينوى، ولكن عالية نصيف إحدى نواب العراقية، ومن ثم دولة القانون، ومن ثم كتلة الإصلاح النيابية المزعومة؟! كان لها رأي آخر، والسؤال هو: كيف لا يتكالب أعداؤنا علينا، ونحن نرى الطبقة السياسية الفاسدة، تخلق من داخلها أعداء، ويسقطون بعضهم البعض.كل مَنْ شاهد جلسة الإستجواب البرلمانية، الاثنين الأول من آب للعام (2106)، يرى إن المكان بات ملتصقاً بجهنم، والأفاعي تنفث سمومها، بغية الإطاحة بالمؤسسة العسكرية، المتمثلة بوزيرها السيد خالد العبيدي، الذي قاد عقول البرلمانيين، والمستمعين، والمشاهدين، الى عمق الفساد، وكأن حاسة الإنتماء العسكري تحركت بداخله، بعد تهديدات فارغة من الساسة الصفيح، الذين ملأوا أركان العراق بالدم والدمع، من فضائحهم وسرقاتهم.
خيبات كبيرة وأحزان كثيرة، ومتاجرة بدماء الأبرياء، ونفوس معذبة، ومدن مستباحة، لولا كلمت من ربك (الفتوى الجهادية)، هي ما دفعت الوزير خالد العبيدي، برمي أحمال أثقلت كاهله، فبرزت الحاجة الى أن نفهم أولاً، لنتصرف بعد ذلك، فالأمر في حالة الغليان، يبدو غير واضح بشكل كافٍ.
تخمة المال الأسود، أبرز ما تم فضحه في هذه الجلسة الكارثية، والتي شاهد فيها أهل العراق، أن برلمانهم لا يضع إصبعه على الجرح، بل يترك العراق ينزف بغزارة، لصالح مطامعه الشخصية، والصفقات المشبوهة، في وقت هو بأمسّ الحاجة الى وحدة الخطاب، فأيام تحرير الموصل باتت على الأبواب، والسجالات السياسية لا طائل منها سوى أنها تخدم أعداء العملية الديمقراطية، تاركة مشاكل النازحين، وإعمار الأراضي المحررة جانبان آلا ساء ما يحكمون.
ختاماً: المجلس السياسي بات ضرورة وطنية ملحة، لتهدئة الأوضاع السياسية الراهنة، والتي تحتاج الى عقول حكيمة، تتدبر معنى الإنتماء للمشروع الوطني الجامع، الذي سيلقي بظلاله على العملية السياسية برمتها، لأن قرارات الأطراف الوطنية الفاعلة، ذات المقبولية البعيدة عن الطائفية والقومية، ستكون ذات بعد سيادي وإستراتيجي، بدلاً من قضاء وقت البرلمان هباءً منثورا، على أن الوقت يجب أن يكون منصباً، على أكمال عمليات التحرير، والقضاء على داعش نهائياً.