كشفت التجارب والأيام عن حقيقة الرؤية المستقبلية التي طرحها قادة المجلس الأعلى خلال السنوات المنصرمة والتي تتعلق بالقيادة والإدارة والاقتصاد والأمن والتي جوبهت معظمها بالرفض المطلق من قبل اقرب الشركاء السياسيين ليس لانها قاصرة او بعيدة عن الواقع او التي لا يمكن تحقيقها انما تكمن قصة الرفض بقصور الرؤية وتجذر مكامن الحسد والحقد والخوف من النجاح.
وحالات الرفض التي واجهت أفكار ومتبنيات ومطالب وقوانين قادة المجلس الأعلى تكررت من قبل الأشقاء قبل الأصدقاء على مدار السنوات التي أعقبت سقوط نظام الطاغية،وتنوع الرفض بين الرفض المطلق او عدم تنفيذ القرارات التي يتم تبنيها من قبل مجلس النواب حتى وان كانت لها علاقة بشرائح كبيرة من أبناء الشعب العراقي.
وواضح ان الرفض تسبب بحالات من عسر الهضم في رؤية الدولة وبناءها وتقدمها دون إيجاد البدائل التي يمكن للرافضين من خلالها ان يساهموا في تحقيق التقدم في الملفات السياسية والأمنية والاقتصادية او فك الاشتباكات في تداخل السلطات بين المركز والإقليم، فرفض مشروع إقليم الوسط والجنوب ورفض مشروع منح الصلاحيات للمحافظات ورفض قانون 21 الخاص بالمحافظات الغير منتظمة بإقليم ورفض مشروع البصرة عاصمة العراق الاقتصادية ورفض مشروع اللجان الشعبية وأوقف العمل مدة طويلة بمشروع منحة الطلبة.
الغريب في الأمر هو إن الجهة الرافضة وبعد كل هذه السنوات وبعد كل الأضرار التي ترتبت على ذلك الرفض تعود لتهلهل وتطالب وتتبنى تلك المشاريع التي رفضتها ووقفت بوجهها في وقت كان تنفيذها بوقتها سيجنب البلاد والعباد كل تلك الآثام والمظالم والتأخر ،فهذا خلف عبد الصمد الذي كان من اشد المعارضين للاقاليم يتبنى اقليم البصرة ثم تعلن دولة القانون عن تبنيها لاقليم الوسط والجنوب ،يعود بعدها ومن البصرة رئيس الوزراء حيدر العبادي ليعلن عن سحبه للطعن الذي قدمه المالكي ضد قانون 21 الخاص بتوزيع السلطات ويتعهد بمنح صلاحيات واسعة للمحافظات الغير منتظمة باقليم في وقت كان المالكي يقاتل ومعه المحكمة الاتحادية المجيرة لخدماته بالرفض والطعن لكل ما من شانه ان يهدد مركزية المالكي وسطوته.
نقطة النظام التي تستحق الوقوف عندها هي ان كل القوانين التي تبناها المجلس الاعلى طوال السنوات السابقة والتي رفضها رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وقائمته دولة القانون تم نقضها والمطالبة بتنفيذها او تم المباشرة بتنفيذها من قبل قيادات دولة القانون وممن رفضوها سابقا.
السؤال الذي يعلن عن نفسه هو لماذا رفض اتباع المالكي تلك القوانين من قبل ثم عادوا ليتبنوها بقوة..هل ان فهمهم كان قاصرا في تلك المرحلة التي اعلن عنها واليوم بلغوا مرحلة النضج ام انهم كانوا يعرفون انها قوانين وتشريعات مهمة لكنهم رفضوها حقدا وحسدا ..الواضح ان دولة القانون كانوا يعرفونها لكنهم يحرفونها، وهو امر سيء جدا لكن الاسوء هو ركوب الكثير ممن تضرر من ذلك الرفض موجة دولة القانون