مرحى لقامات جباهها تعانق السماء.. مرحى لصانعي الشموخ ابطال النزال الاسطوري المقاوم.. مقاتلو الانفاق في معركة البنيان المرصوص.. هؤلاء الفتية الجبارون الذين سطروا ملاحم قل نظيرها لا بل لا مثيل لها في كل تاريخ الحروب المعاصرة.
لم نقرا او نسمع عن صمود شعب بسيط بمدينة هي جزء من وطن سليب مغتصب محاصرة منذ ثمان سنوات بقصد اذلالها ان تصمد تسعة و اربعون يوماً امام اعتى اله عسكرية متطورة و تخوض قتالاً ضروساً غير متكافئ و لازالت تلك المدينة صامدة و بذات العنفوان، فقد تحملت من وسائل الدمار المحرمة دولياً و المنافية لابسط قواعد الحروب و قوانينها، فهل يصدق المرء ان مدينة تقصف باكثر من واحد و عشرون الف طن اي ما يعادل اكثر من ستة قنابل نووية و تبقى صامدة مقاومة؟ امرٌ قد لا يصدق فعلاً ، فلا توجد مدينة في كل التاريخ العسكري للحروب و في اي زمن استطاعت الصمود امام اعتى ماكنة وحشية ارهابية و لا زالت دون ان يتحرك الضمير العالمي و الانساني و منظماته الدولية..
انها مدينة غزة المقاومة الثابتة برجالها الاشاوس الصامدون و هم منتصبي القامات من ابناء الامة العربية البررة.. ستة و ستون عاماً و الشعب الفلسطيني يواجه المغتصب الصهيوني ابتدائاً من الصدور العارية الى استخدام الحجارة الى السكين و البندقية و الان ينتج سلاحه و يقاوم. هذا هو شعبنا فمنذ عام ٢٠٠٦ و لغاية اليوم و على مدى ثلاثة حروب قاسية لم تستطع اسرائيل من خلالها ان تحقق نصراً على المقاومة و قد سجلت المقاومة ملحمة شدت اليها انتباه العدو و حيرته قبل الصديق المبهور بها حيث لم تكن اسرائيل تتوقع ما يجري من مفاجئات في كيفية ادارة المعارك ببسالة مذهلة فعندما تعلن انها ستضرب و تحدد التاريخ و المنطقة و عدد الصواريخ التي ستنطلق فانها تصدق بما تقول و بالفعل و قد كان الصهاينه يعتقدون ان المعركة لن تطول اكثر من سبعة ايام باكثر تقدير و سوف لن تتجاوز صواريخ المقاومة مدينة الخضيرة، و جاء الرد ليقلب كل الحسابات فقد خصص المقاومون لكل منطقة مدى و نوع من الصواريخ بحيث اقر الصهاينة و باعترافهم ان هذه الحرب هي اصعب حرب تخوضها اسرائيل استخدمت فيها انواع متعددة من الاسلحة المحرمة دولياً سواء من القنابل المسمارية او القنابل المشبعة باليورانيوم المشع و اخرى تلك من التي تنشر الموت كقنابل الوقود الجوي الحارق الامريكية، و صحيح ان مساحة مدينة غزة محدودة لو قورنت بعدد القنابل التي تتساقط عليها و التي وصلت الى ما يعادل ستة قنابل نووية او تزيد فلا زال شعبنا الغزّي يدفع الثمن دماء زكية و يدعم المقاومة بقوة و يطالبها بالثبات الحاسم مع ان عدد الشهداء و لغاية اليوم وصل الى اكثر من ٢١٠٠ شهيد و احد عشر الف جريح و اكثر من عشرة الاف دار مدمرة، هذه الجرائم تشهد على قساوة و خسة و فاشية الصهاينة كما تجاوز عدد الشهداء من الاطفال و الرضع ال٥٠٠ طفل و هناك حوالي ٣٧٣ الف طفل بحاجة الى معالجات نفسية بالاضافة الى ان هناك اسر شطبت من السجلات بسبب استشهاد جميع افرادها و بالجانب الاخر هناك اعجاز يسجل لهذا الشعب المجاهد و هو ان لدية طاقة للتحمل و قبول التضحية لا تصدق و سيتحدث التاريخ و الكتاب المهتمون و كذلك المنصفون بعد ان تضع الحرب اوزارها كيف استطاع شعب محدود العدد و المساحة و بطرق بسيطة يدوية ان ينتج سلاحاً و يقاوم الى مدى لا يعرفه الا هم ابطال النخبة العربية بحق و حقيق.. فلكم المجد يا ابطال الامة فلقد سجلتم بدمائكم و تضحياتكم ملاحم لا تصدق حيث يعجز اي بلد في العالم بوضعكم و حصاركم ان يتحمل جزءً من هذا العدوان الجائر.. و سنرى..