قالت العرب : “الناس على دين ملوكهم” , أي أن المجتمعات مرايا الكراسي , فأنى تكون الكراسي تكون.
مجتمعات الدنيا يصنعها قادتها , وبدونهم لا تستطيع أن تكون وفقا لجوهر ما فيها.
والذين ينادون الناس للتحرك وإنجاز التغيير , لا يعيشون الواقع المرهون بالقوة , والمشلول بالرعب والخوف , والمكبل بالحرمان من أبسط الحاجات , والذي تُصادر فيه حقوق الإنسان.
القوة قاهر فتاك للمستضعفين والمجردين من الإسناد المجتمعي , والذين تحوم حولهم الشكوك والظنون , وتريد إفتراسهم أمّارات السوء الفاعلة في نفوس المغفلين , والمضللين التابعين لشيطان رجيم.
القوة المدنَّسة بالأدينة من أخطر الأسلحة الفتاكة ذات التدمير الشامل , وهي أخطر من أشرس أدوات المحق القادرة على قتل الآلاف في رمشة عين.
القوى الطامحة للتغيير تجيد التوهم بأن الشعب هو الذي يغيير وتدعوه للتظاهر , وتعلم أن النتيجة ستكون بقتل العشرات أو المئات , والقاتل مجهول وطرف ثالث , والسلطة تتبرأ من الجرائم الفظيعة وكأن الأمر لا يعنيها.
فكيف تستطيع الجماهير التغيير وهي مسالمة , وتحاوطها فوهات البنادق الشرسة المتوحشة , والملثمون الذين يتوثبون للإفتراس وسفك الدماء , وقد ماتت ضمائرهم , وغابت غيرتهم , وصودرت وطنيتهم , وتبلدت أحاسيسهم.
إن المشكلة ليست في أي شعب , إنها في الكراسي , فأنى تكونالكراسي تكون الشعوب.
الشعوب الصينية واليابانية والكورية والألمانية تعكس أرادة الكراسي الفاعلة فيها , وبدونها لا يمكنها أن تحقق ما فيها , فقياداتها تعرف كيف توظف طاقاتها وتستثمر أفكارها , للإتيان بالأصلح لحياتها في الوطن المعتصمة برايته.
فالعقل البشري مطواع ويمكن صبه في قوالب وصيرورات تمليها إرادة القوة القابضة على مصيره , وبهذا تتباين الشعوب وتتميز عن بعضها , وأية علة تصببها مصدرها الكراسي الفاعلة فيها.
فلا يجوز تحميل الشعوب خطايا الكراسي , والنظر إليها لأنها مستهدفة , وغض النظر عن الكراسي بسبب الخوف والإحتراس.
فالعلة في الكراسي وليست في الشعوب.
فعالجوا عاهات الكراسي , وعندها ستتشافى الشعوب من عللها !!