10 أبريل، 2024 7:55 م
Search
Close this search box.

المجتمعات المفخخة!!

Facebook
Twitter
LinkedIn

التفخيخ معناه أن تحشو حالة ما بمواد متفجرة تقضي عليها وعلى مَن حولها , والتفخيخ قد يكون بالمتفجرات أو بالأفكار , وعندما تكون المجتمعات مستعدة للتفخيخ فأن المفخخين لها سيستثمرون في ذلك ويحققون أعظم الدمارات فيها وبواسطتها , دون خسارة تذكر من جانبهم.
ومن أخطر أنواع التفخيخ هو التفخيخ الفكري والعقائدي , وما يتصل بهما من آليات تفخيخية متنوعة تؤدي إلى تفاعلات دمارية هائلة.
فالتفخيخ الفكري خطير جدا لأنه يتمدد ويسري في المجتمعات كالنار بالهشيم , مما يصيبها بخسران عظيم.
وقد تبين أن التفخيخ الطائفي في المجتمعات يساهم بتحقيق الدمار الكامل لوجودها ويأخذها وكأنها منومة إلى ميادين سقر.
ويساهم في هذا التفخيخ المأساوي الرهيب المتاجرون بالدين من الأغبياء والحمقى والمؤجورين , والمرهونين بالتبعية والعمالة والخيانة التي أصبحت شرفا وإمتيازا , في مجتمعات تفخخت حتى تفجر ما فيها وتخرب جوهرها وتبعثرت كينونتها وتمزقت هويتها , ليتحقق فعل التفخيخ والعمل الجاد والمجزي المتوافق مع إرادة القوة المفخخة للمجتمع.
ولكي تفخخ عليك أن تمزق , ولكي تمزق عليك أن تفجر , وتأتي بأحداث ذات إنفعالية عالية وترمي بتبعيتها على طرف دون غيره , وتدفع بالمجتمع إلى متوالية الإتهامات الرهيبة المفضية إلى أعمال إنتقامية مروعة , يدفع ثمنها باهضا جميع الأطراف المخخة ضد بعضها , والذي فخخها يجلس مسرورا يحصد ما يريد وينفذ مشاريعه المسعورة بلا خسائر.
ومجتمعاتنا سقطت معظمها في فخ التفخيخ وصارت وسيلة لتحقيق أهداف الطامعين بها , ولا يزال المتاجرون بالدين لا يستوعبون الدرس ويمعنون بتفخيخ الناس وتأهيلهم لكي يكونوا ضد بعصهم البعض , وذلك بإسم الطائفة والمذهب والمعتقد والتضليل بأن هذا هو الدين.
ومن الغرابة أن تستمع لخطبهم المفخخة بالأضاليل والداعية إلى تدمير الدين بالدين , ودفع أبناء الدين الواحد للتماحق والتقاتل والإنقراض , وهم من على منابرهم يطرحون أفكارا عدوانية ضد أنفسهم ومذهبهم ودينهم ومجتمعهم , وكأنهم في غفلتهم يعمهون , وفي أطماعهم يغرقون.
ولا بد من يقظة ووقفة نابهة وذكية للخروج من متواليات التفخيخ ودوائره المفرغة , التي تهاوت فيها المجتمعات , وما عادت قادرة على السماع والرؤية والتفكير , وإنما تتدحرج مفخخة ومؤهلة للإنفجار بوجه بعضها البعض , والنتيجة رماد وخراب وأشلاء ودماء ودموع.
فهل من وعي لآليات التفخيخ والنظر بعيون الإعتصام بحبل التآخي الإنساني المتين؟!!

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب