22 نوفمبر، 2024 9:48 م
Search
Close this search box.

المجتمعات المفخخة!!

المجتمعات المفخخة!!

فخ: مصيدة
فخخه: زوده بما يصيده ويقضي عليه.
التفخيخ معناه أن تحشو حالة ما بمواد متفجرة تقضي عليها وعلى مَن حولها , والتفخيخ قد يكون بالأفكار والعواطف والإنفعالات , وعندما تكون المجتمعات مستعدة للتفخيخ فالمفخخون لها سيستثمرون في ذلك ويحققون أعظم الدمارات فيها وبواسطتها , دون أي خسارة تذكر من جانبهم.
فهناك رؤوس وأقلام وعمائم وكراسي مفخخة , وغيرها الكثير من المفخخات الفاعلة في المجتمعات المنكوبة.
ومن أخطر أنواع التفخيخ هو التفخيخ الفكري والعقائدي , وما يتصل بهما من آليات تفخيخية متنوعة تؤدي إلى تفاعلات دمارية هائلة.
فالتفخيخ الفكري خطير جدا لأنه يتمدد ويسري في المجتمعات كالنار بالهشيم , مما يصيبها بخسران عظيم.
وقد تبين أن التفخيخ الطائفي للمجتمعات يساهم بتحقيق الدمار الكامل لوجودها ويأخذها وكأنها منومة إلى ميادين سقر.
ويساهم في هذا التفخيخ المأساوي الرهيب المتاجرون بالدين من الأغبياء والحمقى , والمؤجورين والمرهونين بالتبعية والعمالة والخيانة التي أصبحت شرفا وإمتيازا في مجتمعات تفخخت حتى تفجر كل ما فيها , وتخرب جوهرها وتبعثرت كينونتها وتمزقت هويتها , ليتحقق فعل التفخيخ والعمل الجاد والمجزي المتوافق مع إرادة القوة المفخِخة للمجتمع.
ولكي تفخخ عليك أن تمزق , ولكي تمزق عليك أن تفجر وتأتي بأحداث ذات إنفعالية عالية جدا وترمي بتبعتها على طرف دون غيره , وتدفع بالمجتمع إلى متوالية الإتهامات الرهيبة المفضية إلى أعمال إنتقامية مروعة تدفع ثمنها باهضا الأطراف المخخة ضد بعضها , والذي فخخها يجلس مسرورا يحصد ما يريد وينفذ مشاريعه المسعورة بلا خسائر.
ومجتمعنا سقط معظمه في فخ التفخيخ وصار وسيلة لتحقيق أهداف الطامعين به , ولا يزال المتاجرون بالدين لا يستوعبون الدرس ويمعنون بتفخيخ الناس وتأهيلهم لكي يكونوا ضد بعصهم البعض , وذلك بإسم الطائفة والمذهب والمعتقد والتضليل بأن هذا هو الدين.
ومن الغرابة أن تستمع لخطب المعممين المفخخة بالأضاليل , والداعية إلى تدمير الدين بالدين , ودفع أبناء الدين الواحد للتماحق والتقاتل والإنقراض , وهم من على منابرهم يطرحون أفكارا عدوانية ضد أنفسهم ومذهبهم ودينهم ومجتمعهم , وكأنهم في غفلتهم يعمهون , وفي أطماعهم يغرقون.
ولا بد من يقظة ووقفة نابهة وذكية للخروج من متواليات التفخيخ , ودوائره المفرغة التي تهاوى فيها المجتمع , وما عاد قادرا على السماع والرؤية والتفكر , وإنما يتدحرج مفخخا ومؤهلا للإنفجار بوجه بعضه البعض , والنتيجة رماد وخراب وأشلاء ودماء ودموع.
فهل من وعي لآليات التفخيخ والنظر بعيون الإعتصام بحبل التآخي الوطني المتين؟!!

أحدث المقالات