الأديان بعقائدها متشابهة وتستخدم ذات المفردات , الدالة على السماحة والرحمة والرأفة والأخوة البشرية , والمشكلة في المنتمين إليها , الذين تأدينوا على هواهم , ووفقا لمعطيات تأويلاتهم وتفسيراتهم , وإتباعهم لأشخاص أضفوا عليهم القدسية وصاروا تبعا لهم , فيؤمنون بهم , ويحسبونهم نواب ربهم الذي يعبدون , وبهم إليه يتقربون ويتزلفون.
وعلى مر العصور ما خلت الأديان من اللعبة المأساوية , التي يتحول فيها البشر إلى قطيع خاضع لإرادة شخص أوهمهم بأنه صاحب سلطة إلهية.
ويبدو أن موضوع القِوى الفائقة متعارف عليه منذ الأزل , فلكي تسيطر على مجموعة من البشر عليك إدّعاء إمتلاك القدرات الخارقة , ولديك التفويض المطلق من رب الأكوان أيا كان إسمه ووصفه.
وفي الحضارات القديمة شواهد على هذه النمطية التفاعلية ,القاضية بإخضاع الناس لإرادة فردية.
فكانت الآلهة تحكم , وأنصافها وما يمت بصلة إليها بأساليب متنوعة.
فالإدعاءات الدينية تخاطب العواطف والمشاعر , وتترسخ بتفاعلات دامية مقرونة بأحداث هائلة , لها القدرة على توطين ما تدّعيه في الأعماق البشرية الخفية , فيتحول أصحابها إلى كينونات متحركة , وفقا لضغوطات رؤاها وتصوراتها المرهونة بالعواطف والإنفعالات الحامية.
وما نسميه بالتطرف والغلو المبني على دوغماتية صارمة , ترفع رايات ديني هو الدين , وغيره عدو الدين , ولا يستحق الحياة , سلوكيات مسيطرة على المدارك والأحاسيس , ومعتقلة للرؤية في أوعيتها الحندسية الشنعاء.
ويبدو أن مجتمعات الأمة مصابة بداء الأدينة الذي شلّ قدراتها , وأعاق تقدمها وإنطلاقها وفقا لمعطيات مكانها وزمانها , وحوّلها إلى تابع مستضعف , في عصر تنطلق فيه الأمم والشعوب نحو آفاق متجددة في فضاءات الإبتكار والإبداع الأصيل.
فهل من عودة إلى جوهر الدين الإستنهاضي , المعبر عن مفردات يعقلون ويتفكرون , والذي أخرج الأمة من الظلمات إلى النور الحضاري المبين؟!!
و”ويل لأمة كثرت فيها الطوائف وقل فيها الدين”!!