من استشعر برودة في جسمه، وألماً في معدته الخاوية، وأطرافه أصابها الوهن والضعف، وارتعدت فرائصه، شاحبة ملامحة، مصفرة بشرته، انتفضت مشاعره رعباً وخوفاً من فقدان حياته. الخوف الذي سرق منه طعم الحياة وجعل أحاسيسه متبلدة، وقد ينكسر كبرياؤه حينما يغطي جسمه النحيل بملابس مترهلة.
كل ماسبق كان أعراض ذلك المرض ثلاثي الفيروس المكون من فيروسات قاتلة لطعم الحياة واستقرارها،
مربكة مذلة لمن أصابته. وقد وصف هذا الفايروس بالأكثر شراسه على الأنسان .
أنه المثلث القاتل
الجهل – الفقر – المرض
أي مجتمع يصاب به تجده يعيش الألم والمعاناة، ولكن لكل داء دواء ولكل معضلة حل لمن سعى وأجتهد لإيجاد الحلول الممكنة الواقعية القابلة للتنفيذ.
ولعل البعض لايعرف الدكتور محمد يونس الذي جعل من المجاعة التي ضربت بلادة عام ١٩٧٤م محفزاً ليبحث عن الحل من خلال التعايش مع المشكلة لا من خلف مقعده الأكاديمي. تلمس الحلول الواقعيه لا التنظيرية، ووضع يده على الحل الأمثل الذي يحتاجة الفقراء
وهذا ماجعله فيما بعد يؤسس بنك (جرامين)
(بنك القرية)، بنك الفقراء الذي كان هدفه تحويل الفقير إلى منتج وقادر على العيش باستقرار من خلال توفير قروض صغيرة دون فوائد، يوفر له القرض المواد التي يحتاجها لعمله.
وطلب منهم أن يجعلوا مدخراتهم في البنك ليتمكنوا من إقراض غيرهم من الفقراء. وهذا ماجعل المدخرات في البنك تصل إلى ١٠٠ مليون دولار.
أنه من عاش تفاصيل المشكلة ليصنع حلاً أنقذ به ملايين الفقراء، ولذلك كان أحد الفائزين بجائزة نوبل للسلام.
وهنا لنقف قليلاً:
من منا محمد يونس؟ من منا قادر على التغيير ويصنع الحلول الذكية؟
كم واحد خاض تفاصيل المشكلة ليجد الحل من الواقع الملموس ومن رحم المعاناة لا من خلف المقاعد الدوارة؟