18 ديسمبر، 2024 10:44 م

المثقف تحت خطين أم بينهما!

المثقف تحت خطين أم بينهما!

إذا وضع المثقف بين خطين، فلن يستطيع الإتيان بجديد، ولن يرتجى منه تغيير في وقائع الأحداث، لأنه سيكون محدود الرؤية، مستلب الرأي، يعتاش على فُتاة موائد الساسة، من الجهلة والمرتزقة، فأما أن يرضى بهذا الحال، فيكون كما وصفت، أو يرفص ذلك، لأنه حُر، حينها يتحول من الخطين إلى فكَّين.

في برنامج ” تحت خطين” الذي تعرضهُ قناة العراقية الفضائية، في ليالي شهر رمضان، وأثناء حلقة يوم الجمعة 19/6/2015 حيث كانت مخصصة حول موضوع ” المثقف ودوره في محاربة الإرهاب”، كان مقدم الحلقة ” كريم حمادي” يحاول إلقاء اللوم والتقصير على المثقف، وضعف دوره تجاه ما يدور حوله.

مع إحترامي لمقدم البرنامج وضيوفه الأربعة، ومنهم رئيس إتحاد الكتاب والأدباء، إلا إنني لم أقتنع بأجوبتهم حول الأتهام بتقصيرهم، لكني في نفس الوقت لا ألومهم، لأنهم عاشوا جُلَّ حياتهم بين خطين دائماً، خط الإتحاد الذي يستلمون منهُ حقوقهم المنتهكة أصلاً، وخط الساسة الجهلة الذين يتحكمون بأرزاقهم! لأن رزقهم يأتي عن طريق كتاباتهم.

كان من الأجدر بمقدم البرنامج أن يستضيف كتاب وإعلاميين لا يعتمدون على الدولة، في عملهم الصحفي، لا من بعيدٍ ولا من قريب، لأن إتحاد الكتاب وغيره من مؤسسات المثقف! التي تشكلت أبان حكومة الدكتاتوريات، تعتمد في عملها إعتماداً كلياً على الدولة، والأصح الحكومة والمسؤولين ذوي النفوذ والقوة والسلطة، كان الأجدر به أن يبحث عن الكتاب والإعلاميين الأحرار، وإلا كيف يطلب من جهة تابعة أن تعصي أمر مولاها!؟

في بداية الحلقة دافع الضيوف عن أنفسهم، بمعنى “المثقف”، وأن الدولة هي المقصرة بسبب عدم كفاية الدعم للمؤسسات الإعلامية والمثقف بصورة عامة، ولكنهم ما لبثوا أن إكتشفوا، أن هذا الكلام سيُغضب من يمدهم بالدعم والعطاء، فبدأوا يلقون باللوم على أنفسهم رويداً رويدا، وكأنهم قبلوا بالتهمة! فحصل المراد من الحلقة ودخل “المثقف” بين الخطين، وأدى يمين الطاعةِ لمولاه!

وليَّ أن أسأل: هل هناك عنوان وظيفي تحت إسم “المثقف” في أي بلدٍ من بلدان العالم!؟

بقي شئ…

إذا أراد الإعلام والإعلاميين، أن ينهضوا بواقعهم الإعلامي، فعليهم أن ينفصلوا عن الدولة في عملهم، وإلا فهم عبيدٌ لا يرتجى منهم خير.