19 ديسمبر، 2024 6:27 ص

المثقف العراقي .. و ثقافة الإنحطاط !!

المثقف العراقي .. و ثقافة الإنحطاط !!

كلما حصلت هزه اعلاميه كبرى في العراق تكتشف اكثر مستوى ضحالة فكر الوسط الثقافي (الداخلي والخارجي) مع الأسف! و أبسط مثال هو أزمة التهديدات الأخيره و اللعب على كذبة حرية التعبير ألتي رددها المتفيهقون.
المثقف العراقي تورط في الخطاب الديني اليومي و لم يعد يعرف لا كيف يعبد الله و لا كيف يلحد و لا كيف يخرج من هذا الاطار الى مشاكل يوميه ربما تكون اكبر في شخصية الفرد العراقي ، ولم يعد يخفى امامنا مقدار الضبابيه في أفكاره و لا يستطيع احدهم أن ينتزع قبليته ومرجعيته العصبيه حتى في الحوار.
مثقف متكاسل لا يقرأ (خصوصا اذا تقدم به العمر لأنه بلغ الكمال كما يعتقد!) و اذا قرأ لا يمتلك القابليه لتغيير شيء في داخله وفي عقيدته وهو يفتح الكتاب ، بل هو يقرأ فقط لإبراز عضلاته في الحوار مع الاخرين ، وكل الفكر و الادب و الثقافة مختصرة عنده في قال فلان و كتب علان، فلم يعد يمتلك القدرة على ان يفهم أو يدرك كيف يستنبط أفكاره ولا اعادة اكتشاف ذاته و أخذ ضعفه يتضح في جدار اللغه والمصطلحات التي يحيط بها نفسه و بالخطاب الديني و السياسي الرنان ليغطي على الافتقار الفكري في رأسه .
يعيش نفاق اجتماعي و تضارب بين بواطنه و ظواهره ، لا يريد ان يسمع ولا يحب ان يفتش في نفسه و يعيد تقييم ذاته ، يقرأ لكافكا أو فولتير أو كلمتين لجان جاك روسو و يخرج علينا شامخا متكبرا و كأنه قد ملك الدنيا و كشف أسرارها!
لا يحب النقد ولا ان يذكر اسمه في اي مكان الا بالمديح و هذه نرجسية الستينات و السبعينات التي القت بظلالها على باقي اجيال الثقافه العراقيه بشكل سيء حتى بات المثقف خطاً أحمر و مقدساً اخر يضاف الى الممنوعات التي لا يجب المساس بها فوصلنا الى مرحله يكون فيها تحليل و مراجعة مشيئة السماء أسهل من انتقاد كلمة قد خطها قلمه .
ماذا فعل المثقف العراقي سوى التباهي والتظاهر و انتاج ثقافة التخاذل و العبوديه لاي طاغوت منذ ثورة ١٩٥٨ و حتى اليوم وربما قبلها ايضا حتى لو بشكل أقل ! ماذا أعطى للعراق هذا المثقف بشهاداته الجامعيه التي لا تغني ولا تسمن من جوع و بنمطيته القاتله حتى في الحوار اليومي ؟!
باردين كالموتى حتى بكتبهم في شارع المتنبي كل جمعه و لا يدركون حتى اليوم الى اين وصلت الدنيا ، يتباحثون في نظريات الالحاد ثم ينصرف كل منهم ليصلي في بيته ، وفي المساء يطارد النساء في الفيسبوك بعدما تنام زوجته التي لا تجيد الكتابه ولا القراءه . ناس غير صادقه حتى مع نفسها فكيف سيحترمهم الاخر؟!!
و يوما بعد يوم تزداد مقادير انحطاط الفكر ( هذا ان وجد ) فلم نعد نعرف شيئا لا من شيوعي يصلي و يلتقط صور في المقابر والاضرحه و لا من علماني ملحد يدافع عن الطوائف و الشعائر الدينيه و لا يفقه شيئا سوى الخطاب الديني المتعصب .
و هذا الوصف يشمل الثقافه بشكل عام في العراق كالإعلامي و الكاتب والشاعر و الرسام والنحات والى كل مراكز الخلق الفني. انهيار فني مسرحي و تشكيلي هائل ، لم نعد نرى سوى انحطاطا يوميا في الرسم و في النحت ، تشكيليين يعتاشون على العلاقات حتى في معارضهم الفنيه و يقتلون روح الابداع عبر الوساطات بالسياسيين و المتنفذين ، حقد في الوسط الابداعي و قلوب لا تحاول الا افتراس الاخر (حتى لو كان فنانا في أول طريقه أو فنانه بالأخص ) كالذئاب ، و مهازل لا تنتهي كرسام مشهور لا يجلس الا مع مليشياواتي مجرم ليضمن له معرضا في وزارة الثقافه !
رحماك ايتها السماء.
فقر و عجز كافر في النصوص القصصيه والروائيه و في النصوص التي يفترض ان يسمى كتابها و اكثرهم من النساء طبعا بالشعراء أو الشواعر و اغلبهم أو أغلبهن يكتب في الليل شبقا مع تصاعد الهرمونات. ليختلط الجنس بالحبر و بالشهوة و باللغة حتى بات النص مقرفا لا يمت لا الى الحب في شيء و لا الى الادب والثقافه بصلة الا ان تكون ثقافة انحطاط !
وآخرها ما يصيبنا بالعجب العجاب بمجرد متابعتنا لأي من حواراتهم المريضه و مستوى الخطاب على صفحات الفيسبوك و في المقاهي والذي لا يختلف كثيرا عن حوارات باعة الخرده في سوق هرج!
اعلموا ايها المتنفعين ان الاجيال ستقدحكم يوما ما ولن تمدح منكم احدا ، البهرج الذي تعيشون فيه لن يخدع اي احد و ستنتهون مع المصفقين حولكم و عندها ستستمرون بالكلام مع انفسكم فقط .
ينشأ اليوم في العراق جيل بأكمله وهو يعيش اكبر أزمه في الثقافه فلم يجد عندما تفتحت البصائر اي احد يمكن ان ينتقي منه اخلاقياته , جيل لا يريد أن ينتمي لأي شيء في المشهد الثقافي العراقي اليومي , فرجع (بلا حول ) الى زمن الزهاوي والرصافي و السياب والبياتي و جبرا ابراهيم جبرا و انستانس الكرملي والشبيبي و يوسف غنيمة فكانت حتى الخلافات فيها ارحم مما نعيشه اليوم لأنهم كانوا صادقين وحتى كبوات بعضهم كانت ارحم من البؤس الذي تعتاش اليوم عليه كالمومياء الثقافه العراقيه الميته.

أحدث المقالات

أحدث المقالات