22 نوفمبر، 2024 11:57 م
Search
Close this search box.

المثقفون يعترضون ولكن على اي شيء؟

المثقفون يعترضون ولكن على اي شيء؟

بينما يرزح العراقيون تحت وطأة الانفجارات, وفي ظل الاحداث العصيبة التي في وجودها لايعرفون متى يأتيهم شبح الموت, وكذلك انهم «يسيرون والمنايا تسير معهم»
يأتي بعض المثقفين يستنفذون كل طاقاتهم ويصرخون ليلاً ونهاراً على قضية مسرحية حدث فيها خلاف وتكلم احد المسؤولين عنها معترضاً . فأقاموا الدنيا ولم يقعدوها الى ان احدثوا تغيير وكانت القضية رائعة بحق, حيث ان هذا التغيير يعطي مؤشراً واضحاً بوجود مثقفين يدافعون ومتابعين لمسار الثقافة العراقية، وكذلك ان صوتهم مسموع وقادرين على تغيير الاشياء التي لايقبلون فيها . ولكن في علامات استفهام كثيرة تطرح بشأن هذا الفعل . حيث جائت هذه الاعتراضات في ظل احداث راهنة, بوجودها يمر العراق في طريق يبعث على اليأس والتشاؤم . فالانفجارت التي لاتعد والقتل الجمعي لم يعترض عليه احد, ولكن اعترضوا على قضية مسرحية . خرجوا مظاهرات وكتبوا في مواقع التواصل الاجتماعي البيانات التي لاتعد, وكذلك جمعوا التواقيع التي تدل على موقعها انه غير راض بهذا الفعل . ولسنا ضد هذا الاعتراض كما اسلفنا في البدء. ولكن هذه الطاقات من المفترض ان تصرف في رفع القتل عن العراقيين . فهذه الانهار من الدماء تجري في هذا البلد فلما لايخرجون ويطالبون لايقاف هذه النهر ؟
ان وجود المثقف لايشكل اي حضور في خضم هذا القتل الجمعي الذي لم يقف ولو لايام معدودات . فبينما عزرائيل منشغل بقبض ارواح العراقيين ينبري بعض المثقفين و «يخبنون خبن» علينا بنظرياتهم وشعاراتهم الجوفاء التي لم نحصل منها اي فائدة, فقط تبين لنا انهم فقاعات وليس لهم اي علاقة بالواقع العراقي المؤلم . وبالطبع لست اتكلم على وجه التعميم ففي مثقفون اثبتوا عراقيتهم وكذلك اثبتوا انهم ذوي نباهة اجتماعية ووطنية يفتقد لها الكثير، ولكن نتكلم عن البعض الذين يشغلون انفسهم في صراع الدولة المدنية . المدنية التي تسنح لهم ان ان يعترضوا على الفنون اكثر من ان يقفوا بوجه القتل! وكذلك المجتمع المدني الذي يظنون انه حكراً لهم ومحصور بهم ولايحق لاحد ان يعيش به غيرهم, كما ثبتت ذلك سلوكياتهم وكتاباتهم الخيالية التي سرعان ماتفصح لقارئها انهم بعيدين عن المجتمع بعد الارض عن السماء, ويسيرون في طريق خال من النفس الانساني وليس له علاقة بالانسان العراقي الذي يروم ان يعيش حياة حرة كريمة يحلم بها كل انسان بسيط, بعيد عن تلك الكلمات والمصطلحات التي اثبتت بعدها عن الواقع العراقي .. كنت اسأل احدهم واقول له :هل تكون الثقافة والفنون اقدس من القتل عندكم؟ اجده حائر اي جواب يجاوبني, فيحرف السؤال عن مساره ويأتي بأجوبة تصلح للمدن الافلاطونية فقط !. متى يبقى مثقفونا ينظرون الى هذه الدماء تسيل في كل زقاق وفي كل شارع من شوارعنا الجريحة ؟. هل هم عاجزين عن الايقاف بوجه القتل وكذلك تحريك المجتمع ضده؟ هل يجدون حل وينتبهون لمتطلبات المرحلة التي تبشر برجوع الطائفية ؟ ام يبقون في شعاراتهم وانشغالهم بقضايا لاتصل الى اهمية الدماء ولو بقليل . والله اعلم ربما يكون المسرح اهم من الدماء في نظرهم .

أحدث المقالات