التطبيقات القديمة أصبحت ذات قيمة محدودة ،و لا تواكب ألياتها التأثيرية الوعي المعاصر، عندما يمتزج المحتوى الاجتماعي مع الماضي الأسطوري، مع مرور الزمن وظهور أفكار ومدركات مختلفة لا يمكن ان تتشكل ن خلاله أداة لفهمٍ جديدة ، الأسطورة لها وظيفتها التأسيسية وهي التفسير البسيط والخيالي في فهم تحديات الطبيعة ،لكن بقاء فعالياتها على هذه الشاكلة يؤدي الى تناقض بين مجموعة المكونات العلمية للوعي المعاصر وتؤثر بالتالي على كيفية تقدم البلدان ،هذا ينبع من ادراك غير مطمئن، لان الذي كان سائدا لا يشكل امتيازا حضاريا الان، ويفسد مؤشرات نحتاجها لمتابعة التطور ،النتيجة ستكون مجتمعات غاية في الهشاشة والاضطراب، استثمرت فيها قوى عالمية وإقليمية اصطفت معا لتمكين التفوق لصالح الخطاب الأسطوري ،وذلك من خلال استخدام الرمزية التاريخية في تأسيس المجموعات الطائفية. الخطاب الاسطوري له القدرة على النفاذ داخل البنية الاجتماعية ببطء وبشكل تراكمي ليصبح سمة مجتمعية ثابتة، مستغلا تنامي مشاعر الإحباط والانهزامية في المجتمعات التي تعيش تحت ظروف الاستلاب والتبعية والذي تؤثر مفصليا على جميع الشرائح المجتمعية، بالأخص الشرائح الأدنى وعيا. ان الضحايا دائما طيبون لكنهم شرسون في مطاردة الأفكار الجديدة باعتبارها مصدرا للفوضى. قليلون يدركون هذه البنية …! هم المثقفون والقابضون على السلطة، المثقفون الواعون لا يملكون القدرة الادائية التي تتطلبها هذه المهارة، والقابضون على السلطة قادرون على تفتيت الأفكار الخلاقة باعتبارها تهديدا عندما تكون التركيبة المجتمعية غير واضحة التعريف.
المثقفون والوعي الاجتماعي
يمكن للمثقفين تغيير الوعي الاجتماعي والثقافي من خلال العمل في مجال الأبداع والبحث وكذلك من خلال وسائل التواصل السريع عبر الإنترنت للوصول إلى جمهور أكبر وتقديم إعادة شرح تحليلي يعزز المصداقية ،حيث تتوالى التطورات العلمية والثقافية والتكنولوجية، يمكن أن يشكل أسلوب طرح المثقفين هذا ميزة قوة للمحتوى المطروح، لكن هناك تحديات تقف في وجه اغلب المثقفين ،أصبح الحديث العلمي في دول بعينها التي تفتقر إلى الحرية المعرفية معارضة للسلطة، من الطبيعي أن يتحدث المثقفون بلغة وسائل التواصل الاجتماعي كي يتأثر المتلقي بالتالي كيف يمكن للمثقف أن يسهم بشكل كبير في إنتاج وعي جديد دون تقديم المعرفة والنقاشات التي تشجع على التفكير النقدي دون لغة معاصرة؟، ان توسيع آفق الأفراد والمجتمعات سيكون عبر الأدب، والفنون، والموسيقى وبذلك يمكن للمثقفين التعبير عن قضايا اجتماعية وثقافية تساهم في تشكيل الوعي الجمعي ، ويمكنهم من تقديم رؤى جديدة حول القضايا الجدلية والمساعدة في توجيه السياسات العامة وذلك من خلال المشاركة في الحوارات العامة والمناسبات الثقافية، يمكنهم من طرح أفكار جديدة وتحفيز النقاش حول موضوعات مهمة واستخدام الوسائط الرقمية لنشر الأفكار والمعلومات كي يتمكنوا من الوصول إلى جمهور واسع يساهم في تغيير الوعي الى وعي جديد بالتالي يمكن ان يلعب المثقفون دورًا حيويًا في تشكيل الوعي الاجتماعي والثقافي الجديد وتحفيز التغيير الإيجابي.
تحديات الوعي الجديد
الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية لنشر الأفكار بسرعة وفعالية، يسهل الوصول إلى جمهور أوسع ومواكبة التطورات العلمية والثقافية والتكنولوجية لتقديم محتوى حديث وموثوق، يعزز المصداقية ويشجع الجمهور على التفكير النقدي وتحليل المعلومات بدلاً من قبولها بشكل سلبي، كذلك يساعد على مواجهة المعلومات المضللة والعمل على تعزيز حرية التعبير والدعوة إلى حقوق المثقفين في مواجهة أي قيود تعيق عملهم ،من خلال تطبيق هذه الاستراتيجيات يمكن للمثقفين التغلب على التحديات وتعزيز نشر الوعي الجديد بشكل أكثر فعالية.
التحديات في المنطقة العربية
تواجه المثقفين في المنطقة العربية عدة اشكاليات، اذ يعاني العديد من المثقفين قمعا للحرية الفكرية والارتفاع العالي للسقف المقدس، مما يحد من قدرتهم على التعبير عن آرائهم ونشر أفكارهم. الافتقار إلى الدعم المالي وقلة الموارد المالية المتاحة للمشاريع الثقافية والأبحاث، يمكن أن يعوق الإنتاج الفكري. انتشار الأخبار الكاذبة والمعلومات المشوهة عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، يجعل من الصعب تمييز الحقائق. الظروف الاقتصادية الصعبة حيث يكون التركيز غالبًا على القضايا اليومية بدلًا من القضايا الثقافية والفكرية يجعلهم ينكفئون على الذاتي ويغادرون منطقة التحصين الى النزعات الانتهازية، الصراعات السياسية والانقسامات الطائفية تؤدي إلى تهميش بعض الأصوات الثقافية، مما يحجب التنوع الفكري، ضعف نظام التعليم في بعض الدول العربية يمكن أن يؤثر على مستوى الوعي الثقافي والعلمي لدى الأجيال الجديدة، التوترات المتعلقة بالهويات الثقافية والدينية تؤدي إلى صراعات تؤثر على التعبير الثقافي والفكري.
الوعي الذاتي والخرافات
الوعي الذاتي هو مفهوم يتطلب التفكير النقدي والقدرة على تحليل الأفكار والمعتقدات الشخصية. إذا كان المثقف مدمراً بالخرافات، فإن ذلك يمكن أن يؤثر سلباً على قدرته على إنتاج وعي جديد. عندما يعتمد المثقف على الخرافات، يفقد القدرة على التفكير النقدي وتحليل المعلومات بشكل موضوعي، مما يقود إلى نشر أفكار مضللة، إذا كان المثقف يتبنى خرافات، يفقد مصداقيته أمام الجمهور، مما يقلل من تأثيره وقدرته على طرح أفكار جديدة .المثقفون الذين يروجون للخرافات يمكن أن يسهموا في تعزيز الجهل وعدم الفهم، ما يعيق جهود نشر الوعي العلمي والثقافي يجب على المثقفين تطوير مهاراتهم في التفكير النقدي من خلال التعليم المستمر، يساعدهم هذا على التفريق بين الحقائق والخرافات ،الانفتاح على الأفكار والعلوم الحديثة يمكن أن يساعد المثقفين في تصحيح المفاهيم الخاطئة وتعزيز الوعي الذاتي الإيجابي، من المهم أن يسعى المثقفون إلى تطوير وعي ذاتي قائم على المعرفة والدليل بدلاً من الاعتماد على الخرافات، لضمان تأثير إيجابي على المجتمع. تساهم الخرافات في تشكيل نظرة غير واقعية للذات وللعالم، مما يؤثر سلبا على قدرة الافراد من التعامل مع المجتمع بشكل إيجابي. تعزيز الوعي الذاتي يتطلب تحدي هذه الخرافات والبحث عن الحقائق المبنية على الأدلة. الخرافات عادةً لا تلبي، بل يمكن أن تكون عائقًا أمام تحقيق أهدافه. وتقيد المثقف بأفكار غير واقعية عن النجاح الاعتماد على الحظ أو عوامل خارجية أخرى يمكن أن تقلل من الدافع للعمل الجاد وتحقيق الأهداف، الاعتماد على الخرافات يمنع المثقف من التفكير النقدي وتحليل الأفكار بشكل موضوعي، وتؤثر سلبًا على قدرته على الإبداع والابتكار. الخرافات حول الكمال أو مقارنة الذات بالآخرين يمكن أن تؤدي إلى تدني الثقة بالنفس، مما يجعل المثقف يشك في قدراته خصوصا إذا كان المثقف محاطًا بأشخاص يتبنون خرافات معينة، قد يؤثر ذلك على رؤيته وطموحاته، مما يجعله أقل قدرة على تحقيق إمكانياته. الخرافات تؤدي إلى الانغلاق الفكري، وتمنع المثقف من استكشاف أفكار جديدة أو التفاعل مع آراء مختلفة، لذا من المهم أن يعمل المثقفون على تحدي هذه الاشتباكات وبناء طموحاتهم على أسس واقعية وصحيحة، ما يمكنهم من تحقيق أهدافهم بفعالية. الخرافات غالبًا ما تنطوي على قوى خارقة قد تؤدي إلى سلوكيات غير عقلانية أو حتى ضارة، مثل الخوف من أشياء غير حقيقية أو اتخاذ قرارات بناءً على معتقدات زائفة، وتستند إلى تقاليد قديمة غالبًا ما تتشارك في معاني بسيطة أو سطحية، وتكون مرتبطة بتجارب فردية، في العديد من المجتمعات القديمة، كانت الخرافات تُستخدم لتفسير الظواهر الطبيعية والأحداث الغامضة، مثل الزلازل أو الفيضانات، هذه التفسيرات غالبًا ما كانت تتداخل مع المعتقدات الدينية، حيث كان يُعتقد أن الآلهة أو الكائنات الروحية تلعب دورًا في هذه الظواهر. مع تطور المجتمعات، تم تعديل بعض الخرافات لتتناسب مع المعتقدات العلمية في بعض الحالات، تم رفض الخرافات لصالح تعاليم دينية أكثر عقلانية مما أدى إلى صراعات بين من يؤمنون بالعلم والتفكير العقلاني ومن يتمسكون بالممارسات الخرافية، تظهر هذه العلاقة التعقيد الذي كان يميز المجتمعات القديمة، وكيف أن الخرافات والمعتقدات الدينية كانت جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية. ان التقدم العملي اظهر بشكل جلي الحاجة الى بناء وعي جديد ودور المثقف الواعي فيه يجب ان يكون متناغما ومتميزا رغم التحديات الجسام.