يتحدثون عن الحب والمحبة والأخوة والطيبة الإنسانية , والمواطنة الصالحة والغيرة الوطنية , وغيرها من مفردات السلوك الفاعل في الدول المعاصرة , في مجتمعات تتسلط فيها الكراسي التي تفوح منها نتانة الكراهية والفئوية والطائفية , والعدوانية السافرة على المواطنين بموجب ما تراه وتعتقده من الآضاليل وتغطس فيه من البهتان الرجيم.
ماذا نقول لمن يطالبنا بالمودة والمحبة في غاب العدوانية على أبسط حقوق الإنسان؟
هل يعيش في المجتمع؟
هل هو مبوّق للكراسي , ومبرر لمآثمها؟
أم يعبّر عن ذهانه الفاعل فيه بما يطرحه ويراه؟
إن المجتمعات بأنواعها , مادة سائلة تتخذ شكل الوعاء الذي توضع فيه , وأنظمة الحكم هي أوعية المجتمعات , ووفقا لما تكون عليه تبدو مجتمعاتها.
التأريخ يحدثنا بوضوح صارخ أن ” المجتمعات مطية الحكام” , والعرب قالت منذ قرون ” إذا تغير السلطان تغير الزمان”!!
والقول بغير ذلك , كأن ندّعي بالديمقراطية , التي هي تعبير غير إنفرادي عن الإستبداد , وإيهام بأن الحكم للشعب , وهي أقل وطأة من الإستبداد والطغيان , لكنها تعبير مغاير عنه.
فعندما تكون الكراسي ذات سلوكيات معطرة بالمحبة والأخوة الإنسانية والمصلحة الوطنية , فالمجتمع الذي تكون فيه سيكون مرآتها , وإن كانت ذات عدوانية ونقمة على الشعب , إنعكس ذلك في السلوك الفاعل في المجتمع.
فلكي ينتشر الوئام وتسود المحبة , على الكراسي المتسلطة أن تعيد النظر بأخلاقها , وأساليب تفاعلها مع بعضها وأبناء بلدها.
وعندما تتكرر مفردات الأخوة والحرص الوطني على ألسنة الكراسي , عندها يحق لنا التحدث عن الحب والمحبة بين الناس.
فهل من الحكمة الكلام عن المحبة والحب والمجتمع غارق في مستنقعات العدوانية والكراهية والإستلابية؟!!
و”أحبب لغيرك ما تحب لنفسك , واكره له ما تكره لها”!!
د-صادق السامرائي