من المعلوم بأن شريحة المتقاعدين هم من اضعف فئات المجتمع، واكثرهم يعانون من شظف العيش لتدني رواتبهم، وقد امضوا معظم حياتهم في خدمة الدولة والمجتمع، وعند احالتهم على التقاعد كانوا قد بلغوا من العمر عتيا، اضافة لامراض الشيخوخة التي يعانون منها، فان معظمهم مصابون بامراض عديدة، بسبب تقدم العمر والاعمال التي كانوا يؤدونها خلال عملهم الوظيفي.
ان المتقاعد لا يتقاضى سوى من 60% الى 80% من راتبه الاسمي قبل احالته على التقاعد، فلا تضاف الى راتبه التقاعدي اية مخصصات، كمخصصات غلاء المعيشة والشهادة الدراسية والزوجية والاطفال وغيرها من المخصصات، ولو اجري احصاء على رواتب الاغلبية الساحقة من المتقاعدين لرأيناها تتراوح بين 400000 ألف الى 750000 ألف دينار في احسن الاحوال وهذا بالطبع رواتب الموظفين المتقاعدين فقط.
لم تجد الكتل المتنفذة التي تدير دفة الحكم في العراق منذ اكثر من عقد من السنين، وسيلة سهلة لتدبير امور الدولة التي افلست بسبب سياساتها المتخبطة والفاشلة، وبسبب الفساد المستشري في مفاصل الدولة، على يدها، والذين يغطي بعضهم مفاسد البعض الآخر، حتى وصلوا بالبلاد الى من نحن عليه من أزمة اقتصادية ومالية خانقة، أعود واقول ان هؤلاء الحكامٍ لم يجدوا غير الرواتب الضئيلة التي يتقاضاها المتقاعدين، ليلتفوا عليها، حيث تفاجأ المتقاعدون، باستقطاع 10% من رواتبهم لدفعة شهر شباط الحالي، وليس 3% كما يزعم المسؤولين، فأنا على سبيل المثال اتقاضى راتبا تقاعديا شهريا قدره 650000 ألف دينارتقريبا، تم استقطاع مبلغ 60000 ألف دينار من راتبي مضروبا في اثنين لشهرين، فأصبح مبلغ الاستقطاع 120000 دينارا في هذه الدفعة. هكذا تكذب حكومة الكتل الفاسدة والفاشلة على الناس، ويطلبون من ذوي الدخل المحدود وفي مقدمتهم المتقاعدين، دفع ثمن فشلهم وسرقاتهم، والمواطن بدأ يعلم ان الاموال التي دخلت الى خزينة الدولة عندما كان سعر برميل النفط يتراوح بين 90 الى 130 دولارا اما ذهبت الى جيوب كبار المسؤولين او في مشاريع وهمية او فاشلة او متلكئة، كون الذين يديرون البلد هم مجموعة من الجهلة والمتخلفين لا يصلحون لادارة قرية، كيف بهم وهم يديرون بلدا عريقا يزخر بأصحاب الكفاءات من النزيهيين والمخلصين لبلدهم، وقد أبعدوا عمدا من قبل هذه الكتل المحاصصاتية من الاسهام في بناءالبلد. اذ لم يكتف هؤلاء من تبديد وهدر ثروات البلاد انما تعدى ذلك الى ضياع ثلث الوطن على يد العصابات الارهابية التكفيرية، نتيجة للفساد والفشل في ادارة الدولة كما اسلفنا. عند انتهاء دور الحكام الحاليين، غير مأسوف عليهم، سوف لن يخلفوا ورائهم أي منجز يذكر حتى لو كان بسيطا، وسيتركون أرثا، من دمار وخراب وافلاس البلد، الذي بني بسواعد ابنائه من المتقاعدين الذين كانوا يشغلون وظائف في الدولة العراقية، على مر عقود من السنين بغض النظر عن من تولى مسؤولية ادارة الدولة.
واخيرا اقول، هل ان هؤلاء وحدهم يتحملون ما وصل اليه العراق من خراب ودماء ودمار واخيرا افلاس؟ أقول لا لأن الملايين من ابناء الشعب العراقي وغالبيتهم العظمى من الفقراء والمسحوقين هم الذين أتوا بهذه الكتل بمختلف مسمياتها الى دفة الحكم، عبر صناديق الاقتراع وهم يتحملون ما يحدث في بلدهم، كذلك يتحمل المسؤولية من دفعهم لانتخاب هؤلاء، لأنهم لم يتعظوا من تجربتين فاشلتين، فأضافوا اليها هذه الاخيرة، فهل سيتعضون أم يعيدون الكرة مرة أخرى، وينتخبون نفس الكتل، التي تدعي الدفاع عن مظلوميات مكوناتهم، وهي لم تقدم لها غير ما نحن عليه من مآس ومحن؟ وهل سينساق المواطن مرة اخرى وراء الخطاب الطائفي والاثني والعشائري والمناطقي البغيض عندما تؤججه، الكتل الطائفية والاثنية عند اقتراب موعد الانتخابات؟ فليس لهؤلاء من برامج وخطط للنهوض بالبلد، كما جربوا، غير ذلك الخطاب الطائفي الممجوج الذي يبث البغضاء بين ابناء الوطن الواحد ليتربعوا هم على كراسي الحكم؟،ٍ نحن بأنتظار جواب الشعب العراقي على هذا التساؤل.