تعد شريحة المتقاعدين ، وبخاصة ممن شملوا بقانون التقاعد قبل عام 2014 ، من أكثر شرائح المجتمع العراقي مظلومية ومعاناة معيشية ، وهم من تحملوا كل تلك السنوات عناء تدني رواتبهم ، وعدم شعوررهم بأنهم مشمولون بالمواطنة الحقيقية ، بحيث لايكفي راتب ما بين 400 – 500 الف دينار ربما لإسبوع واحد ، أو في أقصى تقدير عشرة أيام ، وبقية أيام الشهر يبقون في حيرة من أمرهم ، وعوائلهم تعاني الفاقة والعوز والحرمان ، وكل أشكال القهر والاضطهاد والشعور بالغبن المجتمعي والحكومي غير المبرر، بل يعد حرمانهم من حقوقهم تجاوزا على حرياتهم وحقوق الإنسان في العراق في أبسط صورها !!
ويدرك المتقاعدون بكل صراحة خطورة أن تتاجر بعض الجهات بمظلوميتهم دون تطبيق حقيقي وفعلي لإصدار قوانين تنصفهم سريعا ، وهم يؤكدون لرئيس الوزراء السيد محمد شياع السوداني، الذي رفع شعارات زيادة رواتب المتقاعدين ، منذ أن كان نائبا في البرلمان، أن يعيد النظر برواتبهم قبل إقرار الموازنة ، وأن يتم تشريع قانون على وجه السرعة ، ينصف المتقاعدين الذين توزعت رواتبهم بين ثلاث فئات ، وأكثرهم ظلما هم من طبق عليهم قانون ماقبل عام 2014 ، حيث تتطلع عيون الآلاف منهم الى إنصافهم فعلا هذه المرة!!
كما يدرك المتقاعدون خطورة أنه اذا ما أقرت الموازنة ، ولم يتم الإشارة الى تشريع أو قانون لزيادة رواتبهم بطريقة ترفع الغبن وسنوات الحيف عنهم وتضمينها في موازنة 2023 ، فإنه لن يتم إنصافهم في أية سنوات مقبلة ـ وسيبقى المتقاعدون سلعة أو مادة للدعاية والترويج الدعائي ، تتاجر بهم أفواه الساسة لأغراض كسب الرصيد الإنتخابي ، ويعد التلاعب بمشاعر تلك الشريحة وبمقدراتها ، جريمة إن لم يتم التعامل معها بسرعة ومسؤولية وضمير ، يضع حدا لتطاول الحكومات المتعاقبة على حقوقهم ، وكل المتقاعدين ممن رواتبهم متدنية من فئات الخمسمائة ألف دينار وما دونها هم أكثر إستحقاقا من بقية المتقاعدين في ان تتساوى رواتبهم مع أقرانهم من تقاعدوا بعدهم بسنوات قليلة ، وبقوا هم محرومون من حقوقهم التقاعدية ، ولم تصرف لهم مكافأة نهاية الخدمة حتى الان ، برغم أن الكثير منهم خدم اكثر من 25 عاما وربما 30 عاما في حين تسلمها أقرانهم ممن تقاعدوا بعدهم بسنوات ، ما يعد تمييزا غير مبرر وغير مسؤول، ونوعا من أنواع الكراهية والاقتصاص من شرائح في المجتمع والتجاوز على حقوقها الوظيفية ، بطريقة مخالفة للأنظمة وقوانين الارض والسماء !!
وفي وقت يثني المتقاعدون على كل الأصوات الشريفة من نواب ومسؤولين وصحفيين وأصحاب الرأي المسؤول ، للدعوات في الفضائيات ووسائل الإعلام الاخرى لتبني شعار إنصاف المتقاعدين وزيادة رواتبهم مع أقرانهم الآخرين في سنوات لاحقة ، بطريقة عادلة ومنصفة، الا أننا نستنكر ونستغرب قيام بعض النواب في اللجنة المالية البرلمانية أو ساسة من كتل بتخويف رئيس الوزراء من زيادة رواتب المتقاعدين في إدعاءات باطلة أنها ترهق الموازنة، أو أنها تدلي بتصريحات خبيثة ، يشم منها رائحة تخويف رئيس الوزراء لعدم الإنجرار وراء دعوات تطالب بزيادة رواتب المتقاعدين ، وما درى هؤلاء أن رواتبهم وامتيازاتهم هم وكثير من الدرجات الوظيفية العليا والخاصة منها هي من ترهق الموازنة وليس رواتب المتقاعدين المظلومين ، ويعد كل مسؤول يقف بالضد من مطالب المتقاعدين ويحرض عليهم بالحرمان من حقوقهم يعد عدوا للشعب وظالما ودكتاتورا ينبغي محاسبته وإحالته الى الجهات القضائية ، لكون دعوات تحريض من هذا النوع، تعد تعديا على حقوق متقاعدي العراق ، وكل الشرائح التي تعاني ظلما وجورا في تطبيق العدالة وغياب مبدأ المساواة والتمييز بين مواطني البلد على أساس إنتماءات سياسية او طائفية او عرقية او دينية!!
وشريحة المتقاعدين وبعد أن يئست من إيجاد مخرج لأزماتها مع الساسة ، فإنها بدأت تشعر أن بعض الجهات راحت تتاجر بقضيتهم وكانهم سلعة للدعاية الانتخابية، وليست شريحة فيها من كل النخب والكفاءات العراقية التي خدمت الدولة وقدمت خلاصة عمرها وأفنت زهرة شبابها ، لتقدم لبلدها مايرفع مقامه ويعلي شأنه، الا أن ساسة البلد الذين يتصدرون المشهد السياسي ، وبدون إستثناء ، ومنذ العهد الملكي ولحد الآن كلهم أسهموا سلبا في تحطيم معنويات هذه الشريحة بقوانين لم تنصفهم ولو لمرة واحدة، ثم جاءت قوانين أنظمة العملية السياسية منذ عام 2003 وما بعدها ، لتحطم أحلامهم ولتقضي على آخر أمل بأن يتم إنصافهم رواتبهم لترتقي الى متطلبات المعيشة ولو في حدها المقبول وليس المتدني !!
ونجدد التأكيد ، نحن شريحة المتقاعدين المظلومين تاريخيا أن يتخذ مجلس الوزراء ومجلس النواب قرارات سريعة لاتقبل التراخي أو الإبطاء او المساومة ، وتعد قضيتهم من الأولويات المعيشية، وان تزداد رواتبهم بنسب تتساوى مع أقرانهم ممن تقاعدوا قبل خمس أو ست سنوات ، وهناك خبراء قانون يؤكدون أن من صلاحيات رئيس مجلس الوزراء زيادة رواتب المتقاعدين حتى دون اللجوء الى البرلمان، ونطالب بأن لايبقى التمييز بين العراقيين على أساس السنوات والأنظمة والقوانين الجائرة ، بل على أساس عدد سنوات الخدمة والدرجات الوظيفية على مر الأزمان، وليس لهم علاقة بأي نظام سياسي، فكل الأنظمة المتعاقبة أسهمت بوصولهم الى هذا المنحدر المعيشي الخطير، وإذا لم يتم إنصافهم فربما سيلجأون الى أساليب أخرى للضغط والتظاهرات والاعتصامات وعرقلة قرارات مسيرة الحكومة ، وهم الشريحة التي ينبغي إيلاؤها اهتماما إستثنائيا ، إن اريد إعادة كرامتها واعتبارها في الأيام القليلة المقبلة وقبل إقرار الموازنة حتما، كما يفترض، وهو ما يامله الآلاف منهم أن تجد إستثغاتاهم ودعواتهم التي راحت تشق عنان السماء آذانا صاغية..فهل من مجيب يارئيس الوزراء!!