22 ديسمبر، 2024 6:42 م

المتشددون غرباء بالعراق و سوريا

المتشددون غرباء بالعراق و سوريا

لقد اشاع المتشددون أجواء الشحن الطائفي خارج مصلحة الشعبين العراقي و السوري و أسسوا لفتنة طائفية لا يعرف مدياتها المستقبلية حتى الراسخون في العلم فالغاطس من الحقائق يفوق ملايين المرات الظاهر منه للعيان.. في الكنيست الاسرائيلي يُرفع الآذان لصلاة المغرب دون أن يثير ذلك عاصفة سياسية، لكن في المقابل يكشف بريد وزارة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون عن ترحيب اسرائيل و الغرب بتصاعد الخلافات الطائفية في العراق و سوريا لانها ترفع حملا ثقيلا عن أمن اسرائيل، بعبارة أخرى دماء الأبرياء في بلاد الرافدين ” فدية بالنيابة” لاستقرار اسرائيل، و مع ذلك يصر البعض على تقليد ذكاء الحرباء بتكرار التساؤل عن الهوية الحقيقية لداعش، و السبب الخفي لتعميق التناحر العراقي السوري، بالأمس كانت الزعامة الشخصية سببا و اليوم عدم وفاء السياسيين طامة كبرى.
عندكا كنت تنفجر سيارة مفخخة في بعقوبة ترفع تل أبيب درجات اليقظة و الحذر لكن داعش موجود في القنيطرة ولم يرف جفن للدولة العبرية، فيما ينشغل العرب بالخلاف الطائفي و مخاوف الوجود وكأن آخوة الشيعة و السنة كـ” التي نفضت غزلها” أي غير مكتملة النهايات بينما الصحيح أن هذه الأخوة ظلت صمام آمان قبل اختراقها من سياسيين ” مطيعين جدا” في تنفيذ المشاريع الخارجية التي ولدوا من رحمها ليظلوا غرباء عن ركائز البيت العراقي.
وقد يكون هذا الفهم الخاطيء لمستلزمات النفوذ الاستراتيجي بعوامل المال و الجغرافيا و السكان أحد أهم أسباب السير بعيون معصوبة وراء التضليل الطائفي في العراق وسوريا، رغم أن تاريخهما المتشابه لم يعرف غلوا بمعنى القتل على الهوية و الأسم و المنطقة، أما في العراق فالمزاج المتجانس كان و لا يزال مضربا للمثل ” شنو قابل أنت عراقي”، و المراهنة على انهيار هذه الحقيقة تقترب من البحث عن جبال ثلوج بصحراء الانبار في شهر تموز..الدولة المدنية هي المستهدف من كل مشاريع الاسلام السياسي بارادة دولية، وهو ما ينبغي التركيز عليه بدلا من الخوض في متاهات الطائفية و العرقية التي فقدت صلاحيتها.
لم يكن النظام السوري طائفيا في التعامل مع العراقيين فقد استقبلتهم المدن السورية بتسهيلات تفوق امكانيات الدولة الاقتصادية، ولم تطرد دمشق عراقيا الا بسبب الهواجس الأمنية،لكن لم يكن التعامل مع السوريين منصفا في العراق، فقد طبل سياسيون لا يقرأون الحسابات الاستراتيجية طبلوا كثيرا لما اسموه انتفاضة شعبية في سوريا قبل أن يحولوها الى عنف طائفي لم تتعوده البلاد.. بعد 5 سنوات عجاف ألم يحن الوقت كي يراجع أولئك السياسيون
العراقيون موقفهم و يعتذروا عن حشر الأنوف بغير مكانها.. التشدد فايروس قاتل للانسانية و الدولة المدنية، ويبدو أن المطبلين ” بوعي أو بدونه” للانتقام الطائفي المتبادل غيرمؤهلين لادارة محل لبيع الخردة.. أنهم يقتلون حلما باستقرار ركائز السيادة من العراق الى الاردن مرورا بسوريا، هذه الجبهة التي يتنفس آهلها بموروث تاريخ بلاد الشام!!
لقد أظهرت التجربة أن داعش و قبلها القاعدة وكغيرهما من الحركات العبثية القريبة من أجندة مخابراتية تختفي مع تحقيق أهدافها، لذلك تراجعت داعش بشكل غير متوقع مثلما انكمشت القاعدة لتتحول الى مشاريع محلية لا علاقة لها بما يسمونه ” الدولة و الخلافة الاسلامية” هذه العناوين الجاذبة للمشاعر وغير القابلة للتطبيق، فالهدف هو تعميق الخلافات بين الدول بتخريب النفوس و تمرير مشاريع الفتن ، فعندما يتم رفع شعار” الدفاع عن الدين الحنيف” يذهب الأبرياء بالملايين للذود عنه، و عندما يُزرع الخوف الطائفي في النفوس تصبح دماء المواطنين تجارة مزدهرة، علما أنه لا يوجد دفاع عن الاسلام ولا خوف طائفي فالقصة باختصار هي اشاعة أجواء عدم الاستقرار لتدمير البنى التحتية و استنزاف موارد دول المنطقة و ارجاع شعوبها الى القرون الوسطى.. ومدارس داعش في الرقة و الموصل و أفكار التطرف التي زرعها في عقول الأطفال سلاح مؤجل لمعركة ثانية للدمار لا اقامة دولة الخلافة و لا غيرها من اعلانات التسوق التجاري بأموال مخابرات دولية!!.

[email protected]